احتضنت مدينة أكادير، خلال يومي الجمعة والسبت 29 و30 نونبر 2019، النسخة الأولى من ملتقى ربيع الفن والإبداع المنظم من قبل جمعية ماسين للثقافة والفن تحت شعار “الفن والإبداع الأمازيغي بين التجديد والحفاظ على الموروث الثقافي”.
وعرف برنامج هذا الحدث سهرة فنية رائعة، وورشات تكوينية، ومناقشات جريئة وغنية خلال ندوتين بقاعة إبراهيم الراضي. الأولى حضرها نخبة من الفنانين والمبدعين تحت عنوان “حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة بين إبداعات المهنيين والمسطرة القانونية”، والتي عرفت مشاركة كل من الأستاذ الحسين بكار السباعي محام بهيئة أكادير والعيون ممثل اليونيسكو بالجنوب، والأستاذ علي امقدوف المندوب الجهوي للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بأكادير، والأستاذة الإعلامية أمينة ابن الشيخ مديرة جريدة العالم الأمازيغي.
أما الندوة الثانية التي كانت في محور “الأغنية الأمازيغية بين التجديد والحفاظ على الموروث الثقافي، عموري مبارك نموذجا” فشارك في تأطيرها كل من أحمد بوزيد وخالد ألعيوض ولحسن الناشف.
مستجدات حقوق المؤلف والحقوق المجاورة
بخصوص الندوة الأولى قال الأستاذ علي امقدوف المندوب الجهوي لمكتب حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بأكادير إن هذه الندوة تشكل مناسبة لتسليط الضوء على مجموعة من المبادرات والتدابير التي يتعين على المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة القيام بها، وهي تتعلق بالانخراط في المكتب أولا للتعريف بإبداعاتهم والاستمرار في التصريح بها من جهة، ومن جهة أخرى توضيح المساطر القانونية لضمان الحماية لهذه الإبداعات، ومواكبة أصحاب الحقوق للاستفادة من العائد المادي أو ما يصطلح عليه بالحقوق المادية وتمكين المكتب من الدفاع عنها، انسجاما مع التطورات التي يعرفها مجال الملكية الفكرية على المستويين الوطني والدولي.. ونظرا للانتشار الواسع لاستغلال المصنفات المحمية على شبكة الأنترنيت كان لابد من مواكبة تشريعية لهذا التطور الذي فرض، بالتالي مراجعة وتحيين القانون 00/2.. وأكد المتحدث أن هذه المراجعة التي جاءت في مشروع قانون جديد صادقت عليه الحكومة قبل أيام، تهدف أولا إلى تحويل المكتب إلى هيئة للتدبير الجماعي في شكل شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال المالي، موضحا بعض المستجدات الواردة في مشروع القانون 25/19 و66/19 الذي سيدخل في طور المناقشة في البرلمان والمصادقة عليه، وتهم أساسا البيئة الرقمية التي تعتبر مجالا جديدا سيتم إدراجه في هذا القانون بالإضافة إلى أحكام جديدة تهم الاستغلال الرقمي للمصنفات الموسيقية والسمعية البصرية وغيرها من المقتضيات الجديدة، بالإضافة إلى مسألة مهمة تهم جميع الفنانين والمهنيين ألا وهي إحداث صندوق اجتماعي لفائدة المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة قصد تمكينهم من الحماية الاجتماعية.
إلى جانبه أبرز الأستاذ الحسين بكار السباعي محام بهيئة المحامين بمحاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون وباحث في الإعلام وحقوق الإنسان، أن حقوق الملكية الفكرية والفنية تتعلق بإبداعات العقل كالاختراعات والمصنفات الأدبية والشعارات والعلامات التجارية والتصاميم.. وتنقسم إلى مجموعتين: الملكية الصناعية والتي تشمل الاختراعات والعلامات التجارية والنمادج الصناعية والرسوم، أما حقوق المؤلف فتشمل المصنفات الأدبية والفنية كالمسرحيات والأفلام والروايات والأغاني وتضمن الحقوق المجاورة لحق المؤلف كحقوق المنتج وحقوق صاحب المصنف إذا تم تداوله من طرف فنان آخر بإذنه .
ويضيف السباعي أن العلامة التجارية هي العلامة التي يستخدمها التاجر لتمييز منتوج عن باقي المنتوجات، وهناك كذلك في إطار حقوق الملكية الفكرية والفنية المؤشرات الجغرافية والتصاميم التجارية والرسومات. وأوضح المتحدث أن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة حسب القانون 00 / 2، سواء كانت حقوقا أدبية أو حقوقا مادية، تعتبر، حسب المتحدث، لصيقة بالشخصية ولا يجوز التصرف فيها ولا يلحقها التقادم لأنها حقوق لا تتقادم. وبخصوص الحقوق المعنوية للمؤلف فتتجه أساسا نحو الاعتراف لصاحب الأثر بمصنفه، وله الحق أن يطالب بانتساب مصنفه له وأن يضع اسمه في جميع النسخ لهذا المصنف في حدود الإمكان، وله الحق أن يبقى اسمه مجهولا أو أن يستعمل اسما مستعارا إذا شاء ذلك، كما له الحق أن يعترض على كل تحريف أو بتر أو تغيير بمصنفه، وكل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته..
أما الحقوق المادية المحمية كذلك فلصاحبها الحق المطلق في إعادة نشر واستنساخ مصنفه بأي طريقة كانت او بأي شكل كان، دائم أو مؤقت، من قبيل ترجمة مصنفه، إعداد اقتباسات أو تعديلات أو تحويلات أخرى لمصنفه أو القيام بتأجيره أو أداء مصنفه أمام الجمهور، كما تعتبر حقوق فناني الأداء المتعلقة بأدائهم وحقوق منتج التسجيلات الصوتية المرتبطة بالتسحيلات حقوقا مجاورة لحقوق التأليف وفق التشريع الدولي.
إبداع، تكوين، وتكريم..
وفي مساء اليوم الأخير التأم المئات من عشاق الموسيقى العصرية بقاعة إبراهيم الراضي في أجواء من البهجة والعشق الموسيقي للاحتفال بالنسخة الأولى من ملتقى ربيع الفن والإبداع… وهي النسخة التي تمكنت من تحقيق جميع وعودها بداية بالمناقشات التي شهدتها الندوات التي اتسمت بالصراحة والجرأة ومشاركة واسعة من قبل الفنانين، ثم الورشات التكوينية في مجال الموسيقى العصرية من تأطير الفنان عمر اختار، وكذا ورشة فنون الرقص والتعبير الجسدي “ما بين الكوميديا والموسيقى الغنائية” التي أطرها المخرج محمد أيت سي عدي، والتي شهدها فضاء المركب الثقافي محمد خير الدين.. وانتهاء بالسهرة التي شارك فيها كل من مجموعة الفنان هشام ماسين والفنانة زهرة حسن والفكاهي لحسن شاوشاو بالإضافة للفنان محمد اخنشي الذي أتحف الجمهور بأغنية “جانفيليي” للمرحوم عموري مبارك.
هذا وقال الفنان محمد أيت سي عدي الكاتب العام للجمعية المنظمة إن هذا المهرجان يسعى ضمن أهدافه الكبرى إلى تثمين الفنون الأمازيغية والاهتمام بالفنانين والمبدعين بجهة سوس، وفسح المجال لإبراز وتقديم إنتاجاتهم وعقد لقاءات للتبادل والمناقشة حول القضايا التي تستأثر باهتمامهم.. كما يستهدف المهرجان أيضا، من خلال الورشات التكوينية، فئات الفنانين الهواة الشباب لمواكبتهم ومصاحبتهم لصقل وتجويد مواهبهم، وهذا خيار استراتيجي، يضيف المخرج أيت سي عدي، ينبني على تصور واضح للجمعية قصد المساهمة في الدفع بقاطرة التنمية الشاملة من خلال النهوض بالشق البشري في مجال الفن والإبداع والذي يعتبر ركيزة مهمة في مسيرة البناء الحضاري للمجتمع.
هذا وخلال الأمسية الختامية للملتقى تم تكريم الإعلامية أمينة ابن الشيخ مديرة جريدة العالم الأمازيغي وتسلمت تذكار الملتقى من طرف الدكتور محمد هيو، كما تم تكريم السيد هشام اخنشي رجل أعمال ومحتضن الملتقى الأول وسلمت له الأستاذة فاطمة أكناو كذلك تذكار وشهادة تقديرية، ليختتم اللقاء بأغاني تقاسمها الجمهور الذي غصت به جنبات قاعة إبراهيم الراضي ببلدية أكادير مع الفنان هشام ماسين.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الملتقى تم تنظيمه من طرف جمعية ماسين للثقافة والفن وجهة سوس ماسة بتعاون كل من ولاية أكادير، والجماعة الحضرية لأكادير، ومركز سوس ماسة للتنمية الثقافية، وجريدة العالم الأمازيغي، والمديرية الجهوية للثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، وقطاع الاتصال.. وتوزعت فعالياته بين قاعة إبراهيم الراضي والمركب الثقافي جمال الدرة.
> أكادير: من إبراهيم فاضل