مهندسون يرصدون “أعطاب المهنة” ويؤكدون على ضرورة التدخل العاجل وإعادة النظر في التكوين الهندسي

أجمع عدد من المتدخلين في ندوة نظمها قطاع المهندسين لحزب التقدم والاشتراكية حول موضوع “المهندسون الشباب بين التكوين الأكاديمي ومتطلبات سوق الشغل: أية مسارات للنجاح؟” على أن هناك اختلالات عديدة تعتري التكوين الهندسي بالمغرب.

وأكد عدد من المختصين والخبراء في الميدان والذين شاركوا في اللقاء الذي سيرته زكية سكدالي عضوة المكتب التنفيذي لقطاع المهندسين التابع لحزب التقدم والاشتراكية، أن قطاع الهندسة بالمغرب يعاني من عشوائية وفوضى سواء على مستوى سوق الشغل أو على مستوى التكوين.

كما عرى المتدخلون، في هذا اللقاء الذي احتضنه مقر حزب التقدم والاشتراكية بالرباط، غياب أي رؤية حكومية أو تخطيط من أجل النهوض بالقطاع الهندسي والتكوين على هذا المستوى، الذي اعتبروه مهما من أجل مواكبة الدينامية الاقتصادية التي تعرفها البلاد.

علي أغام: المهندس قاطرة للتنمية وتمكينه من ولوج الشغل شرط أساسي لتطوير اقتصاد وطني قوي

في هذا السياق، قال علي أغام المنسق الوطني لقطاع المهندسين بالمغرب التابع لحزب التقدم والاشتراكية إن التحولات الاقتصادية والتكنولوجيا التي يشهدها العالم تفرض إعادة النظر في دور المهندس ليس كممارس تقني بل كفاعل سياسي في التنمية المستدامة  والانتقال الطاقي والرقمنة والابتكار الصناعي.

وتابع أغام أن المهندس اليوم مطلوب بمهارات تتجاوز الإطار الأكاديمي التقليدي ليكون قادرا على الإبداع وحل المشكلات والانخراط في دينامية التحول التي يعرفها سوق الشغل بالمغرب.

ولفت المنسق الوطني لقطاع مهندسي حزب التقدم والاشتراكية إلى أن الواقع يظهر تحديات كبيرة منها عدم ملائمة التكوين الهندسي أحيانا مع متطلبات سوق الشغل وضعف فرص التشغيل وانحسار مسارات الاندماج في قطاعات محدودة، حيث يرى أن هذه التحديات تبرز  دور الدولة والفاعلين الاقتصاديين والاتحادات وجمعيات المهندسين في توفير بيئة مهنية داعمة سواء عبر إصلاح مناهج التكوين أو عبر تشجيع البحث العلمي أو على مستوى دعم ريادة الأعمال في صفوف المهندسات والمهندسين الشباب.

وسجل أغام في هذا الصدد أن حزب التقدم والاشتراكية يؤمن بأن المهندس هو قاطرة للتنمية وأن تمكينه من ولوج الشغل بكرامة ليس مجرد مطلب اجتماعي بل هو شرط أساسي لتطوير اقتصاد وطني قوي قائم على الابتكار والكفاءة، “ولهذا ندعو إلى ملائمة التكوين مع حاجيات الاقتصاد الوطني عبر شراكات حقيقية بين الجامعات والمدارس العليا للهندسة والمقاولات”.

كما دعا أغام إلى إعادة النظر في سياسة التشغيل الهندسي لضمان إدماج أكبر للمهندسين في المشاريع الكبرى والقطاعات الواعدة، ودعم المهندس المقاول من خلال تحفيزات مالية إدارية، وعبر تكوينات في التسيير لخلق مقاولات ناشئة وناجحة ذات قيمة مضافة، وكذا تشجيع البحث العلمي والابتكار كرافعة أساسية لخلق فرص جديدة في مجالات الهندسة المتقدمة.

عبد الرحيم الهندوف: قطاع الهندسة يعيش اختلالات تحتاج مواجهتها “هندسة قوية”

من جهته قال رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة عبد الرحيم الهندوف إن المغرب أمام تحديات كبرى ويواجه معضلات كبيرة وفي مقدمتها معضلة الماء الذي أصبح يشكل عبئا وتواجه البلاد تحديات كبيرة على هذا المستوى من أجل ضمان الأمن المائي.

وتابع الهندوف “أمامنا تحديات تتعلق بالانتقال الطاقي والرقمنة وعلى مستويات أخرى، وحتى على مستوى الحماية الاجتماعية والعديد من الأوراش”، مبرزا أن هذه التحديات تؤكد الحاجة إلى الهندسة باعتبارها موجودة في قلب هذه التحديات.

وأشار الهندوف غلى أن الدول المتقدمة التي تتجاوز هذه التحديات هي التي لها هندسة وطنية قوية، لما تشكله من قيمة ومن معارف ومن استغلال للتكنولوجيات الحديثة والمتطورة والعمل على هذا المستوى من أجل تجاوز المشكلات وإيجاد الحلول وتحقيق التقدم.

وفي المغرب، عبر الهندوف هن أسفه لما يعرفه قطاع الهندسة من اختلالات كبيرة جدا، سواء بسوق الشغل أو على مستوى التكوين، وهي الاختلالات التي ربطها المتحدث بعدم وجود إحصائيات مرتبطة بالمهندسين في البلاد.

في هذا الصدد، قال رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة  إنه لا يوجد أي مسؤول في المغرب يستطيع أن يجيب اليوم عن سؤال كم من مهندس في المغرب؟”، مردفا  أنه “لا أحد يعرف لأنه حتى التكوين لا أحد يعرف عدد الطلبة والخريجين لأن هناك فوضى في هذا المجال”.

ويرى الهندوف أن من أسباب هذه الفوضى هو غياب هيكل يشرف على التكوين الهندسي في المغرب ويخطط له ويبرمجه ويرسم الآفاق، مشيرا إلى أن كل ما هناك هو مدارس تابعة لوزارات وكل وزارة عندها مجموعة من المدارس، كما هو الحال بالنسبة لوزارة الفلاحة التي لها ثلاث مدارس. ومدارس أخرى تابعة لهيئات عمومية كالمندوبية السامية للتخطيط، والمدارس التابعة لوزارة التربية الوطنية وأخرى لوزارات التعليم العالي.

ولفت الهندوف إلى أن الإشكال يكمن في كون هذه المدارس بدورها تفتقر إلى الرؤية وإلى التخطيط، بحيث لا تتوفر لا على مخططات عمل ولا مناهج قارة أو رؤية إستراتيجية، مشيرا إلى غياب أي هيئة تشرف أو تدير التكوين الهندسي في شموليته بالمغرب.

ومن أوجه هذه الفوضى، يكشف الهندوف أن وزارة التعليم العالي ومختلف المؤسسات لا تضبط الإحصائيات المرتبطة بالمهندسين المغاربة سواء المشتغلين والممارسين في الميدان أو عدد الخريجين سنويات من المدارس والمعاهد والجامعات.

وجدد المتحدث أن الإشكال يرتبط بغياب الرؤية والتخطيط، حيث قال إن هناك نوع من الارتجالية والعشوائية التي تهدد التكوين الهندسي وسوق الشغل، وتهدد مصير العديد من الطلبة بشبح البطالة.

ويرى الهندوف أن الحل يكمن في الرؤية التي ينادي بها الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة وهي إعادة النظر في هيكلة التكوين الهندسي وأن تشرف عليه هيئة تخطط وتبرمج وتقيم وتنجز استراتيجيات للمستقبل، لتجاوز هذه الحالة من الفوضى.

في هذا الصدد، أورد الهندوف أن الحديث عن هذه الاختلالات يشمل فقط القطاع العام، لافتا إلى أن التكوين الهندسي في القطاع الخاص أكثر فوضوية وعشوائية ويمثل “كارثة عظمى”، مشيرا إلى أن هناك أصحاب المال يكترون عمارات مخصصة للسكن ويحولونها إلى مدارس للهندسة بدون أي معايير في انتقاء الطلبة وفتح الولوج، وأن كل ما يهمهم هو المال فقط.

ودق الهندوف ناقوس الخطر إزاء العدد المهول للمتخرجين في تكوينات الهندسة بالقطاع الخاص الذي يفوق بكثير عدد المتخرجين من القطاع العام، مع استمرار إشكالية عدم تحديد العدد الإجمالي للمتخرجين بالقطاعين.

واعتبر المتحدث أن هذه المنافسة غير شريفة لأنها لا تنبني على نفس المعايير التي تعتمد في قبول الطالب المهندس، حيث كشف في هذا الصدد أن الحكومة السابقة أعطت شهادة المعادلة لمدرسة شهيرة للمهندسين والتي أصبح خريجوها يوظفون في الإدارات العمومية، بالرغم مما يتعلق بجودة التكوين.

وأورد الهندوف في هذا الصدد أن مستوى التكوين أصبح مهددا لأن هناك فوضى وليس هناك ضبط ولا سياسة هندسية ولا سياسة للتكوين الهندسي، معتبرا أن ذلك يشكل خطرا على القطاع ويدعو إلى التدخل العاجل على هذا المستوى.

شرفات أفيلال: المغرب لا يمكن أن يسير في رهان التنمية بدون تنظيم وإصلاح القطاع الهندسي

من جهتها قالت شرفات أفيلال عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إن الهندسة هي المهنة الوحيدة ضمن مهن النخبة التي يسودها التسيب والفوضى وعدم التنظيم، متسائلة عن السبب والدوافع التي جعلت الحكومات المتعاقبة لم تباشر هذا الموضوع بالجدية اللازمة.

وأضافت أفيلال أن إطارات المهندسين وأساسا الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة والنقابة الوطنية للمهندسين المغاربة وعلى مدى 15 سنة تقدموا وترافعوا وقاموا بمحاولات من أجل لفت الانتباه إلى أن المغرب كاقتصاد ناشئ لا يمكن أن يسير في رهان التنمية بدون أن يكون الطرف الأساسي المواكب لهذه التنمية منظم ومؤطر ومقنن، وذلك لتفادي العديد من الانزلاقات ولتفادي العديد من المخاطر التي يمكن الوقوف عندها بعد ذلك.

وعبرت أفيلال عن أسفها لعدم التفاعل الإيجابي مع مطالب الإصلاح، مشيرة إلى أنه بالرغم من النضالات والدعوات إلى الإصلاح، لم يتم إلى حد الآن الاستجابة، بحيث ما تزال الأمور على حالها بالرغم من عدد من المحاولات التي ذكرت.

واعتبرت عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والمهندسة أن التكوين الهندسي أو إحصائيات عدد المهندسين يعتبر أحد المؤشرات الأساسية التي تقاس بها مدى تنمية الدول ومدى تأهيل اقتصاديات العالم لمواجهة التحديات الكبرى، وخصوصا  تحديات المستقبل على المستوى الاقتصادي .

ولفتت المتدخلة إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي يقف على هذا الموضوع سنويا من خلال تقييم شمولي لعدد من الدول  حول تأهيل رأسمالها البشري، وخصوصا تأهيل رأسماله التقني والعلمي لمواكبة الاقتصاديات العالمية، حيث كشفت انطلاقا من هذا المؤشر أنه منذ فترة كانت الولايات المتحدة الأمريكية واليابان تتربع على رأس دول العالم التي توفر جيش من المهندسين سنويا.

وسجلت أنه منذ فترة وأمام تنامي عدد من الاقتصاديات وبروز اقتصاديات ناشئة أصبح التنافس والتدافع للعديد من الدول من أجل أن تعطي العناية القصوى لتأهيل المهندسين، بحيث برزت في المنافسة العالمية دول لم تكن في الحسبان كما هو الحال بالنسبة لإيران التي تعتبر الدولة الثالثة عالميا من حيث تكوين المهندسين، وأيضا أوكرانيا التي تعيش على وقع الحرب، وكذا دول أخرى، بما فيها كوريا الجنوبية المكسيك، الفيتنام، اندونيسيا، وهي دول قال المتحدثة، إنها أعطت أهمية قصوى للتكوين الهندسي من خلال تأهيل رأسمال بشري تقني وعلمي لمواكبة تطورها.

في هذا الإطار، كشفت أفيلال أن إيران أصبحت تخرج 234 ألف سنويا من معاهد ومدارس الهندسة، وكذا روسيا التي يتخرج منها 445 ألف مهندس سنويا، فيما المغرب وبالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة وتضارب الأرقام وغير ذلك، هناك تقدير بأن هناك 25 ألف مهندس يشتغلون في سوق الشغل بمجمله، ضمنهم 10 ألف مهندس يشتغل في القطاع العام، والباقي في القطاع الخاص، بما يعادل 8.6 مهندس لكل 10 ألف نسمة، مشيرة إلى أنه بالرغم من فتح العديد من المدارس سواء القطاع العام أو الخاص يبقى رقم بعيد حتى على دول “مينا” شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

وخلصت المتحدثة إلى أن المغرب يتموقع في منطقة رمادية بخصوص تأهيل رأسماله البشري وتوفير الخبرة الوطنية لمواكبة هذه الطفرة التنموية والدينامية الاقتصادية. مذكرة بمبادرة أطلقت في 2010 وهي مبادرة حملت اسم “10 آلاف مهندس كل سنة”، انطلاقا من تقرير الخمسينية الذي توقف على أهم مكامن الخلل التي تعرفها البلاد، ومن خلال النقص في الموارد البشرية المؤهلة لمواكبة كل الأوراش التنموية التي يعرفها المغرب.

وأبرزت المتحدثة في هذا الصدد أن المبادرة التي تمت أطلقت بشكل اعتباطي وتمت بدون أي دراسة أو تخطيط أو في تحديد أي تخصص نريده، وكيف يمكن تكوين 10 ألف مهندس، بحيث عمليا لم يكن هناك تخطيط لهذه النسبة التي كنا نطمح لها، ولم تكن هناك استشارات لا من المتدخلين ولا المسؤولين ولا غير ذلك.

ونتيجة لذلك، قالت أفيلال إن المبادرة فتحت الباب على مصرعيه، وبرزت مدارس تقليدية عديدة تابعة للوزارات، وجيل جديد من مدارس وطنية للمهندسين وفتح مسالك عديدة وفتح المجال للقطاع الخاص، مع ما يطرحه ذلك من صعوبات وتحديات ترتبط بالمراقبة والشفافية ونجاعة في التكوين.

وسجلت بدورها وجود اختلالات كبيرة، لاسيما بالقطاع الخاص، الذي قالت إنه يبقى شريكا أساسيا، مردفة أنه يقتضي أن تكون هذه الشراكة مبنية على تقوية القطاع وليس إضعافه من خلال مدارس لا ترقى إلى المعايير الوطنية لا من خلال عملية قبول الطلبة التي تبقى مفتوحة في وجه الجميع أو على مستوى التكوين وطريقة التكوين وفضاء التكوين.

ونبهت بدورها إلى حالة الفوضى والوضع “غير المقنن” الذي أصبح يساهم في إغراق السوق في تكوينات هي موجودة في الأصل بكثرة، مشيرة إلى أن مبادرة 10 ألف مهندس “سُفهت” وتعرضت للتشويه، في الوقت الذي كان بالإمكان التخطيط لها بدقة وجعلها في قلب التنمية.

وعن أرقام التكوين الهندسي لفتت أفيلال إلى أن وزير التعليم السابق عبد اللطيف الميراوي صرح بـأن 11 ألف مهندس يتخرج سنويا، فيما وزير التربية الوطنية السابق شكيب بنموسى تحدث عن تكوين 2000 مهندس فقط، متسائلة عن هذا أسباب تضارب الأرقام الحكومية، مردفة أن ذلك يعكس حالة الفوضى والاختلال، حيث أكدت أن الأرقام تظل مغلوطة، لأنه لا يوجد هيئة تقدم إحصائيات شاملة لعدد الخرجين وهو مشكل كبير ويطرح إشكالية تقنين المهنة وإعادة النظر في التكوين وفي مدارس الهندسة والتكوينات وفي المسالك المعتمدة.

عزيز هيلالي: يجب إعادة النظر في التكوين الهندسي وإشراك المهنيين فيه

من جهته، قال عزيز هيلالي رئيس رابطة المهندسين الاستقلاليين إن المهندسين المغاربة مطلوبين في الخارج، ودول عديدة تتسابق على خدماتهم لقدراتهم وخبرتهم وقدرتهم على التكيف مع حاجيات السوق.

ويرى هيلالي أن التكوين الهندسي يحتاج إلى إعادة نظر، خصوصا في العلاقة بين العام والخاص، وفي التكوينات والمسالك، وكذا الأساتذة المعتمدين وغير ذلك من الأمور التي أكد على ضرورة تغييرها للنهوض بمهنة الهندسة.

وسجل هيلالي أن المنظومة الإدارية الرسمية ثقيلة وبطيئة ولا تصلح للتكوين لأن هناك تحولات كثيرة في القطاع الهندسي تحتاج إلى ملائمة قد تكون حتى أسبوعية، وبالتالي القطاع الخاص له قدرة على التكيف عكس المدارس التقليدية.

وأردف المتحدث أن هناك دينامية لا تتوقف بالنسبة للقطاع الخاص والتي ينبغي الاعتماد عليها بالنظر للتطورات الموجودة، وليس الاعتماد على البنية التقليدية التي تعرف اختلالات وأعطاب كثيرة.

ويرى هيلالي أن هناك غياب للتخطيط والرؤية، خصوصا في المواكبة وتطوير الممارسة، حيث حدد المشكل في التطبيق والممارسة الميدانية وليس في التكوين النظري، مشيرا إلى أن هناك حاجة لرفع مواكبة الطلبة في التكوين التطبيقي والممارسة الميدانية.

في هذا الصدد، شدد رئيس رابطة المهندسين الاستقلاليين على أن الاعتماد على الكم في عدد الخريجين خطأ جسيم، وهناك ضرورة للاعتماد على القطاع الخاص، مردفا أن الحل يكمن في دفتر التحملات واحترام الشروط، ووضع معايير لولوج المعاهد والمدارس والنهوض بالتكوين.

ويرى المتحدث أن الاعتماد على القطاع الخاص بمراقبة صارمة من الدولة سيؤدي إلى تجاوز عدد من التحديات وستكون النتائج إيجابية لأن سوق الشغل، وفق نظره، هو من يحكم، وكذا ما يحمله المهندس المتخرج من قدرات ومهارات اكتسبها في التكوين سواء درس بالقطاع الخاص أو العام.

وأرجع هيلالي العديد من أعطاب المهنة إلى النظام الذي ورثناه من فرنسا على مستوى الهندسة والذي اعتبره “خطأ استراتيجيا” لأنه أسهم في عدد من الإشكالات، موضحا أن الحل يكمن في إعادة النظر في بنية التكوين الهندسي وهيكلته ليكون تابعا للتعليم العالي وليس لمؤسسات عمومية أخرى، حيث كشف في هذا الصدد أن عدد من التكوينات التي كانت صالحة في مراحل معينة من تاريخ المغرب لم تعد بتلك الأهمية اليوم، وبالتالي وجب تجاوزها لصالح تكوينات جديدة نحتاجها في المرحلة الحالية والمراحل اللاحقة.

 وعن الوضعية الراهنة، جدد المتحدث التأكيد على أن المهندسون المغاربة في القطاع العام يعانون، وفي القطاع الخاص يعيشون حالة من الفوضى، وهي مشاكل تطبع سوق الشغل الهندسي بالمغرب، بينما في أوروبا ودول أخرى في العالم يبدع المهندسون المغاربة.

وربط هيلالي بين ذلك وبين نجاعة المهنة وتنظيمها، حيث لفت إلى أن الدولة كان عليها أن تفهم أو أولى المهنة التي يجب أن تنظمها هي الهندسة، خصوصا وأن المغرب كان رائد في تنظيم عدد من المهن ولو كانت بسيطة، في الوقت الذي أغفل فيه مهنة جد مهمة وهي الهندسة. إذ ترك المهندسين بدون تنظيم ينظمهم ويحميهم.

وعاد هيلالي للتأكيد على أن الحل يكمن في التكوين الذي ينادى بضرورة إشراك الممارسين فيهن حيث قال “التكوين إن لم يساهم فيه المهني ليس تكوينا”، وبالتالي ووفق منظوره هناك حاجة إلى تكوين يراعي التطورات الموجودة والتفاعل السريع مع ما يقع، وكذا التكنولوجيات الجديدة التي يجب أن نتكيف معها، لافتا إلى أن هناك مؤسسات عمومية وخصوصية بادرت إلى مسالك جديدة واعتماد تكنولوجيات حديثة ومبتكرة ونجحت على هذا المستوى، وخريجيها مطلوبون ليس في المغرب فقط وإنما على مستوى دول عديدة منها فرنسا وكندا.

وخلص رئيس رابطة المهندسين الاستقلاليين بالمغرب إلى أن مستقبل المهنة الهندسية بسيط ولا يكلف درهما واحدا لأي حكومة من الحكومات المتعاقبة السابقة منها والحالية والمقبلة وهو “تنظيم المهنة الهندسية”.

وشدد هيلالي على أن هذا الإجراء لا يكلف درهما واحدا للدولة لكنه سيؤدي إلى نتائج إيجابية ليس للمهندسين فقط، وإنما لمسار التكوين وللدولة بنفسها من خلال تخريج تخصصات مهمة ومواكبة التحولات والحاجيات الموجودة على مستوى سوق الشغل.

وفي خلاصته أيضا، يرى هيلالي أنه بعدم تنظيم مهنة الهندسة لا الدولة ستتقدم ولا المهندسين سيتحمسون، “وسنصبح في حاجة إلى استيراد مهندسينا من بلدان أخرى وهذا مشكل كبير”، وفق تعبيره.

وجدد المتحدث دعوته إلى  بلورة إستراتيجية وطنية ترعاها وزارة التعليم العالي وتفتح الباب أمام القطاع الخاص بدفتر تحملات ومراقبة صارمة، وتفتح باب التنافس والعمل من أجل تكوينات جديدة ومواكبة التحولات الموجودة على مستوى سوق الشغل.

توفيق أمزيان

Top