سطات: ندوة تناقش “اليسار ومهام المرحلة السياسية الراهنة”

شهد مقر الفرع المحلي لحزب التقدم والاشتراكية بسطات، ليلة يوم الأحد 23 مارس 2025، مبادرة متميزة ومعبرة تمثلت في تنظيم ندوة سياسية مشتركة بين الفرع المحلي لحزب التقدم والاشتراكية بسطات وحزب الاشتراكي الموحد حول موضوع “اليسار ومهام المرحلة الراهنة”، بمساهمة كل من الرفيق عبد الرحيم بنصر عن المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد حمزة عن المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد.
إذا كان الموضوع الذي عالجته الندوة ذا أهمية قصوى ويلامس مسألة استراتيجية وحيوية في المشهد السياسي المغربي، فإن النقاش الذي فتح حوله يعكس واقع اليسار في بلادنا، الذي لم يعد يغري الكثيرين. الموضوع فتح نقاشا مسؤولا وجادا حول طبيعة اليسار: من هو؟ وما الذي يميزه عن باقي التيارات السياسية ومكونات الفضاء السياسي والحزبي؟ هل على مستوى الاختيارات الأيديولوجية والفكرية، أم من حيث طبيعة المشروع المجتمعي والقيم التي يدافع عنها؟
كما كانت الندوة فرصة سانحة لتشخيص حال وواقع اليسار، حيث تم التأكيد على أنه يعاني من اختلالات وعوائق موضوعية وأخرى ذاتية جعلته يبقى حبيس أفكاره ورؤيته للمجتمع، دون أن يتمكن من التجذر داخل أوساطه المختلفة. كما أشار المتدخلون إلى أن اليسار يفتقر إلى القدرة على تشكيل قاعدة جماهيرية قوية ناطقة باسمه وحاملة لفكره الحداثي والمتنور، ومستعدة للنضال إلى جانبه من أجل الديمقراطية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، وغيرها من التطلعات.

وفي هذا السياق، أشار الرفيق بنصر إلى أهمية وضرورة فتح نقاش حقيقي ومسؤول داخل مكونات اليسار حول الإشكاليات الفكرية والسياسية والتنظيمية، وتقديم إجابات لها، لتفرز أرضية مشتركة للعمل الوحدوي داخل اليسار. كما أكد على البحث عن آليات وميكانيزمات تخرج اليسار من أزمته، وتمكنه من لعب أدوار فعالة وحاسمة لأجل تخليق المشهد السياسي، ورد الاعتبار له، وتعزيز البناء الديمقراطي الذي لا يزال متعثرا.
من جانبه، تحدث الأستاذ محمد حمزة عن التراجعات الخطيرة التي تعيشها بلادنا، مشيرا إلى “حكومة الرأسمال” وما تسببه من تغول وتضارب مصالح، فضلا عن غلاء الأسعار، والاحتكار المالي والاقتصادي، وفشل السياسات العمومية الاجتماعية وغيرها من العاهات.
لكن، كما قلت سابقا، إذا كان موضوع الندوة لا يختلف حول أهميته وراهنيته، فإن ما يمكن استخلاصه من مبادرة التنسيق المشترك بين الفرعين المحليين لحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاشتراكي الموحد في سطات هو أنها خطوة تنسيقية تستحق التنويه والاعتزاز. هذه المبادرة تعد امتدادا لتقارب سياسي وفكري ونضالي بين الحزبين، إلا أنه يجب أن يكون هذا التقارب مدعاة لتقويته وتعزيزه، والعمل المشترك يجب أن يستمر على أرضية مشتركة وهادفة، بالنظر إلى التحديات المحلية التي تدفع في اتجاه إبراز فضاء سياسي للنقاش والتأطير.
كما ينبغي أن يكون هذا التنسيق بمثابة رد اعتبار للعمل والمشاركة السياسية، خاصة في صفوف الشباب، والقطع مع الممارسات التي تشوهه وتفسده. من الضروري أيضا الترافع والنضال المشترك من أجل المدينة وساكنتها التي تعاني الويلات جراء التدبير الكارثي للشأن المحلي وفشل كافة المقاربات التنموية التي عرفتها المدينة.
في الختام، يجب أن تكون هذه الخطوة التنسيقية حافزا على الانفتاح على كل القوى الحية الديمقراطية والسياسية والمدنية والحقوقية التي لا تمانع في الانخراط اللامشروط في هذه المبادرة، والمساهمة في بنائها وتقويتها بعيدا عن الحسابات الضيقة.
وخلاصة القول، المستقبل هو من سيحكم على نجاح واستمرار هذه التجربة، علما أن الإرادة متوفرة، والضرورة تحتم توحيد الجهود والصفوف لتجاوز واقع سياسي واجتماعي وثقافي سلبي، يكرس الهشاشة الفكرية والرجعية، وتفشي الفساد والريع، وإنتاج نخب سياسية غارقة في الفردانية والانتهازية، وهو ما نلاحظه مع الأسف من داخل المؤسسات المنتخبة محليا وإقليميا على الخصوص.

< لحسن طلحة

Top