لا يكاد ينجو شخص ما، كبر شأنه أم صغر من إطلاق لقب عليه. قد يحمل هذا اللقب طابع السخرية والتهكم، مثلما قد يكون تعبيرا عن تقدير خاص لحامله.
أصدقاء الطفولة يميزونك عن غيرك بلقب معين، يتم استلهامه، إما من تصرف طائش ومضحك بدر منك وإما من عيب خلقي. وما أكثر الأطفال الذين كبروا وهو يجترون هذا الألم النفسي الدفين.
عند الانتقال إلى مرحلة أخرى من العمر والانفتاح على أصدقاء جدد، هم بدورهم يجدون لك لقبا معينا ينادونك به، قبلت بذلك أم لم تقبل. وإذا لم يعثروا عليه، قد يكتفون بتحوير اسمك الشخصي أو العائلي، لإضفاء عليه صبغة الطرافة والإثارة.
وفي ميدان العمل، لا بد أن يجد لك زملاؤك لقبا يؤدي بك إلى نسيان اسمك الشخصي، وقد حصل هذا بالفعل، فقد تنادي أحدهم باسمه، فلا ينتبه إليك، إلا عندما تناديه بلقبه.
استحضرت هذا الموضوع المرتبط باللقب، على إثر أحد الألقاب التي صارت أشهر من نار على علم، والتي باتت تتردد بقوة على كثير من الألسن هذه الأيام، خاصة وأن حامله بالرغم من أنفه، يوقع على إنجاز غير مسبوق في تاريخ كرة القدم المغربية والعربية ككل، في منافسة كأس العالم، أقصد بذلك المدرب المغربي وليد الركراكي الذي بات معروفا بلقب: لافوكا، وهي تلك الفاكهة المعروفة والمرتفعة الثمن، تلك الفاكهة التي طالما اشتكى منها الناس بالنظر لتسببها في استهلاك كمية كبيرة من الماء في ظل حالة الجفاف.
الظاهر أن السبب الذي جعل الناس يطلقون على وليد الركراكي، رأس لافوكا، راجع إلى رأسه الحليق الذي يحيل إلى الفاكهة المشار إليها، إلى حد أن مؤسسة كبيرة هي الاتحاد الدولي لكرة القدم، لم تتحرج في الإشارة إلى مدربنا بلقبه، أي رأس لافوكا، ونشر ذلك في موقعها الرسمي.
ويبدو أن هذا المدرب لم يتم إطلاق لقب قدحي عليه، بل يمكن القول إنه لقب مستحسن، ولا شك أن حامله لا يشكل له أي إزعاج، فلافوكا تعد من بين الفواكه الباهظة الثمن، ومن الواضح أنه لم يتم إطلاق هذا اللقب عليه سوى في المدة الأخيرة، بمعنى أن له صلة بالإنجازات الباهرة التي يحققها حاليا في منافسات كأس العالم في كرة القدم التي تجري أطوراها بقطر. لو كانت نتائجه مخيبة للآمال، هل كان سيتم مناداته بهذا اللقب؟ أستبعد ذلك.
ربما نادوه: رأس الكرعة، أي ذلك النوع من الخضر المسمى اليقطين والذي يتميز بحجمه المشوه، إذا صح القول.
وعلى خلاف هذا الشخص الناجح في مهمته الرياضية، نجد مدربا آخر لا داعي لذكر اسمه، كان يدرب فريقا وطنيا في اللعبة ذاتها، لكن كان ينعت بلقب دميم، هو: الطوبة، وهي ذلك الحيوان القارض البشع المسمى الجرد، والعياذ بالله. لا أعرف حيثيات إطلاق هذا اللقب عليه، لكن الشيء الأكيد أنه لن يرتاح له أبدا.
هذا اللقب، أقصد: لقب لافوكا، كنت قد سمعته لأول مرة في سلسلة فكاهية للفنان سعيد الناصري، لعلها سلسلة العوني، حيث كان يتم تعمد المناداة على أحد شخوص هذه السلسلة الذي لم يكن سوى الممثل الموهوب مصطفى هنيني؛ بلافوكا، وكان يعبر في كل مرة عن انزعاجه الشديد من هذا اللقب، إلى درجة أنه كان لا يتمالك نفسه، مخلفا بذلك مشاهد مضحكة.
نتمنى لرأس لافوكا مسيرة موفقة.
عبد العالي بركات