إذا كان البعض يستهويه الصيد بالقصبة لما تمنحه من لحظات صفاء الذهن والروح بعيدا عن صخب المدينة، وتعلم التركيز والصبر لاسيما في شهر رمضان، واكتساب العديد من المهارات، وكذا تمضية وقت ممتع بجو مفعم بروح الصداقة والتنافس على غنائم الصيد، فإن البعض الآخر يتخذها كحرفة يقتات منها لمعيشه اليومي، على غرار سعيد لكويس، تاجر ، من عشاق الصيد بالقصبة
خلال شهر رمضان الأبرك، يقضي العديد من هواة الصيد بالقصبة بطانطان، أوقاتا ممتعة بسواحل المدينة، باعتبارها الملاذ الأمثل لممارسي هذه الهواية، ووجهة مفضلة للباحثين عن فرص متاحة للاستمتاع بهذه المواقع السياحية.
وتعرف سواحل طانطان الممتدة بسحرها وجاذبية فضاءاتها الطبيعية، إقبالا كبيرا لهواة الصيد بالقصبة خاصة خلال شهر رمضان الذي يدفع الصيادين إلى تحمل عناء السفر والمغامرة واقتناء مستلزمات الصيد من أجل ممارسة شغفهم المعتاد سواء بالنسبة للصياد الهاوي الذي يتوخى من هذا النشاط تمضية الوقت والترويح عن النفس وتكسير الروتين اليومي، أو بالنسبة لمن يمارس الصيد بالقصبة كحرفة يقتات منها لمعيشه اليومي.
وخلال الشهر الفضيل، يكون للصيد بالقصبة طعم خاص بحيث يتم اصطياد السمك والاستمتاع في الوقت ذاته بمنظر تلاطم أمواج البحر بالصخور مما ينعكس إيجابا على الراحة النفسية للصياد وهو عائد إلى منزله قبيل الإفطار.
وتمتد الأماكن الملائمة لممارسة الصيد بالقصبة في طانطان وضواحيها، من مدينة الوطية (25 كلم عن طانطان) مرورا بمنطقة الشبيكة بتراب جماعة الشبيكة (حوالي 40 كلم عن طانطان)، وصولا إلى منطقة “واد أم فاطمة” المحاذية لمنطقة أخفنير (إقليم طرفاية)، وهي من الأماكن الممتازة للصيد والتي تجود بكميات وافرة من الأسماك.
ومن الوجهات المفضلة لهواة وممتهني الصيد بالقصبة، مكان معروف لدى الساكنة المحلية ب”الحجرة المقطوعة” بتراب جماعة الشبيكة والذي يبعد ب 20 كلم عن مدينة الوطية، وهو فضاء بحري يتميز بمنظر طبيعي خلاب يتمثل في وجود صخرة ضخمة على شكل جزيرة مصغرة انفصلت منذ عقود عن اليابسة بفعل تلاطم مياه المحيط الأطلسي، إضافة إلى تكاثر أصناف مختلفة من الأسماك (كوربينة، أبلاغ، شرغو، ..).
وغير بعيد عن “الحجرة المقطوعة”، يوجد فضاء آخر يقصده عشاق الصيد بالقصبة، ويتعلق الأمر بمنطقة “رميلة” بجماعة الشبيكة أيضا، والتي لها طابع خاص يتسم بالهدوء و السكينة.
ويعرف هذا المكان بدوره، توافد عدد كبير من هواة هذا النوع من الصيد، والملمين بأدق التفاصيل المرتبطة باستعمال “الصنارة” وأحوال البحر و أسراره، وأنواع الطعم الذي يجذب الأسماك، و كلها جزئيات غاية في الأهمية بالنسبة لممتهني هذه الهواية.
إن الشغف بالصيد بالقصبة قد يصل لدى البعض إلى درجة الإدمان ليزداد ذلك الارتباط والتعلق خلال شهر الصيام الذي تكتسب فيه القصبة لدى هؤلاء سرا وجاذبية وتصبح جزء من حياتهم، يداعبون بها أمواج البحر أملا في الحصول على استمتاع وارتياح نفسي.
وإذا كان البعض يستهويه الصيد بالقصبة لما تمنحه من لحظات صفاء الذهن والروح بعيدا عن صخب المدينة، وتعلم التركيز والصبر لاسيما في شهر رمضان، واكتساب العديد من المهارات، وكذا تمضية وقت ممتع بجو مفعم بروح الصداقة والتنافس على غنائم الصيد، فإن البعض الآخر يتخذها كحرفة يقتات منها لمعيشه اليومي، على غرار سعيد لكويس، تاجر ، من عشاق الصيد بالقصبة.
يقول سعيد ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “الصيد بالقصبة مهنة ورثها عن والدي منذ أزيد من عشرين سنة”، معبرا عن عشقه وشغفه الكبيرين بالصيد بالقصبة، لما لا وقد تعلم من والده أبجديات الصيد بالقصبة، وهو الآن يمتهنها كحرفة.
وسبق لسعيد أن اصطاد أسماكا ضخمة يزن بعضها 20 كلغ مثل سمك القرب “كوربينة”، و “بوشوك” .
من جهتهم، أبرز عدد من هواة الصيد بالقصبة، في صريحات مماثلة، أنهم يمارسون هذه الهواية من أجل ملء أوقات الفراغ والترفيه عن النفس، بعد يوم شاق من العمل، مشيرين إلى أنهم يتنقلون على طول الساحل البحري من طانطان حتى ضواحي منطقة أخفنير، لما تتميز به هذه الأماكن من تنوع في الأسماك حيث تختلف هذه الأسماك حسب الأماكن.
وتظل طانطان فضاء بحريا خلابا ووجهة مفضلة لعشاق الصيد بالقصبة مما يساهم في إشعاعها السياحي وتثمين مؤهلاتها الطبيعية والإيكولوجية على الصعيدين الوطني والدولي.