علامة كاملة وعلامات استفهام كثيرة…

حقق الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، علامة كاملة في تصفيات القارة الإفريقية، بالمجموعة الخامسة، الخاصة بمونديال 2026.
خمسة انتصارات في خمس مباريات، سجل أربعة عشر هدفا، ولم يدخل مرماه سوى هدفين فقط، وتضم المجموعة كل من النيجر، صاحبة الصف الثاني، بفارق تسع نقاط، من أربع مباريات، تنزانيا بنفس العدد، وزامبيا بثلاث نقط فقط، ثم منتخب الكونغو الموقوف من طرف الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا)، بينما لم تخض إريتريا المنسحبة، أية مباراة.
هذه هي المجموعة التي “سقط” فيها “أسود الأطلس”، مع العلم أن أغلب المباريات جرت بالمغرب، باستثناء تنقل واحد كان ضد تنزانيا، وينتظر أن يكون هناك سفر ثان -بحول الله وقوته- إلى لواندا الزامبية.
كل هذه المعطيات والأرقام، تؤكد أن الأمور أصبحت جد ميسرة، بحكم التغييرات الكثيرة التي عرفها نظام التصفيات، والتوزيع الموجه للمجموعات، بعد الزيادة في عدد المنتخبات المؤهلة عن القارة الإفريقية، فتسعة مقاعد زائدة مباراة سد، ليست هي نصف مقعد، أو واحدا فقط، وصولا إلى خمسة، كما كان الحال خلال نسخة قطر 2022.
والمدرب وليد الركراكي الذي جاء مساء أول أمس الثلاثاء للندوة الصحفية، وهو يتغنى بالتأهيل، ويعيب على الجمهور الرياضي الوطني، عدم خروجه للشوارع، للفرح والتغني بهذا التأهيل “الخارق” للمونديال القادم؛ ربما نسي وتناسى أن كرة القدم الوطنية، ناضلت منذ عقود من أجل ضمان الحضور ضمن صفوة كرة القدم الوطنية، وللتاريخ فقد تمكنت من كسب التذكرة الوحيدة عن القارة الإفريقية بمونديال مكسيكو 70، أي خمس سنوات قبل ميلاده.
واجه المغرب في أغلب النسخ، أقوى وأعتد المنتخبات بالقارة السمراء، كالكامرون ونيجيريا وكوت ديفوار والسنغال ومصر والجزائر وتونس… وغيرها من المدارس التي شكلت لنا وشكلنا لها على الدوام، حاجزا يصعب تجاوزه بسهولة، ورغم ذلك تمكن الأسود من الحضور في ست نسخ، وكانوا في أكثر من مناسبة قريبين من تحقيق حلم المشاركة بأعراس المونديال، لولا سوء الحظ من جهة، وتحيز فادح للتحكيم، من جهة ثانية.
هذا هو تاريخ كرة القدم الوطنية مع المونديال، والذي كان مجرد التأهيل للأدوار النهائية، يعد إنجازا تاريخيا، أما بحكم ارتفاع العدد إلى 48 منتخبا فالمسألة أصبحت في المتناول، خاصة بالنسبة لمنتخب يعج بالنجوم واللاعبين الجاهزين، والإمكانيات الهائلة، دون أن ننسى إجراء أغلب المباريات الإقصائية بالملاعب المغربية، بدون عناء سفر، ولا ظروف الإقامة سيئة، ولا درجة حرارة مرتفعة، ولا أخطاء تحكيم فادحة، ولا… ولا…ولا…
بالفعل تحققت العلامة الكاملة، لكن وفق أية ظروف وبأي شكل من الأشكال، فحتى والفريق الوطني يتجاوز خصومه، فإن العروض التي يقدمها لا ترقى إلى تطلعات الجمهور الرياضي، ولم يتمكن في أغلب المباريات من منح الاطمئنان المطلوب، فكيف لمنتخب يتوفر على ترسانة من النجوم، أن يجد صعوبة بالغة في تجاوز خصوم من الصف الثاني؟
هذا سؤال من الأسئلة العديدة التي تشغل بال عشاق المنتخب، بجل المدن المغربية وبجل بقاع العالم، وليس جمهور وجدة وحده، كما جاء على لسان “راس لافوكا” خلال اللقاء الإعلامي الذي أعقب المباراة ضد النيجر.!!!
الكل يعرف جيدا، الظروف التي تصل إلى حدود المثالية المحيطة بهذا المنتخب، كمؤسسة تمثل شعبا بكامله، إلا أن الإشكال الوحيد، يكمن في غياب طاقم تقني، قادر على قيادة هذه الكتيبة المتعددة الكفاءات والمميزات، نحو تقديم عروض تليق بقيمة وسمعة رابع العالم، فكلما ركن خصمه للوراء، وقوى من منظومته الدفاعية، وأفلح في غلق الممرات، أمام أصدقاء العميد المتألق أشرف حكيمي، إلا وكانت الطامة، في غياب الحلول والوسائل من طرف وليد ومن معه.
كان على سي وليد أن يتجاوز عادة “المعاطية” و”الكالاشات” التي تعود عليها، وأن يترفع عن الرد بتلك الطريقة غير المقبولة، والتي لا تليق بمدرب يشرف على فريق وطني، وأن لا ينسى التقدير الخاص الذي حظي به بعد إنجاز قطر، وأن يعي أن الضغط جزء من عمله، وأن الانتقاد نابع من حب الفريق الوطني، وليس ضده.
ما يجب أن يعرفه هذا الربان هو أن المغاربة تربطهم علاقة وجدانية بهذا المنتخب دربه عشرات الأطر وطنية وأجنبية، وحمل قميصه المئات إن لم نقل الآلاف، من الأسماء التي دافعت ببسالة عن ألوانه حبا وطواعية، وليس لحسابات خاصة…

>محمد الروحلي

Top