مؤتمر الرباط حول البلدان متوسطة الدخل يدعو إلى نقلة نوعية في التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة

دعت البلدان المشاركة في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول البلدان متوسطة الدخل، الذي اختتمت أشغاله أول أمس الثلاثاء بالرباط، إلى إحداث نقلة نوعية في مجال التعاون الدولي خدمة للتنمية المستدامة.
وأبرز المشاركون، في البيان الختامي الذي توج أشغال هذا المؤتمر الدولي، الحاجة إلى “نقلة نوعية في مجال التعاون الدولي لتمكين البلدان متوسطة الدخل من إحداث تحولات منصفة ودامجة وعادلة خدمة للتنمية المستدامة”.
كما أشادوا بمبادرة المملكة المغربية، بصفتها رئيسة مجموعة أصدقاء البلدان متوسطة الدخل، لاستضافة هذا المؤتمر الوزاري، بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، بغية إعطاء دفعة سياسية قوية لإنعاش التعاون الدولي من أجل التنمية مع البلدان متوسطة الدخل وفيما بينها.
وجددت البلدان المشاركة عزمها على تعزيز مصالحها المشتركة وإيجاد حلول عملية ومبتكرة وفعالة لرفع التحديات الخاصة التي تواجه البلدان متوسطة الدخل على طريق التنمية المستدامة والتغلب عليها، مبرزة أهمية التعاون جنوب-جنوب والتعاون الثلاثي للاستجابة لاحتياجاتها في مجال التنمية، لا سيما بفضل تقوية القدرات من خلال تشجيع الاستفادة من التجارب المماثلة وتبادل الممارسات الفضلى بين البلدان متوسطة الدخل من منطقة لأخرى.
وذكرت، في هذا الصدد، بأن برنامج التنمية المستدامة في أفق 2030 يشير، بشكل خاص، إلى أن البلدان متوسطة الدخل ما زالت تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة، وأنه من أجل ضمان استدامة النتائج المحرزة حتى الآن، يتعين تكثيف الجهود الرامية إلى التغلب على التحديات الحالية من خلال تبادل الخبرات، وتنسيق أفضل ودعم محسن وموجه على نحو أفضل من جانب منظومة الأمم المتحدة للتنمية والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات الإقليمية وباقي الأطراف المعنية.
وطالبت البلدان المشاركة منظومة الأمم المتحدة للتنمية ببلورة مخطط عمل بين مؤسساتي شامل على مستوى المنظومة بهدف مراعاة مثلى للطبيعة متعددة الأبعاد للتنمية المستدامة وتسهيل التعاون في خدمة التنمية المستدامة، بالإضافة إلى دعم منسق ودامج للبلدان متوسطة الدخل بالنظر إلى الصعوبات الخاصة التي تواجهها ولاحتياجاتها المتنوعة.
وقررت، في هذا السياق، العمل على بلورة مخطط عمل إستراتيجي للبلدان متوسطة الدخل للفترة 2025-2030 من خلال إطلاق مشاورات بالتعاون مع منظومة الأمم المتحدة للتنمية وشركاء التنمية والأطراف المعنية من أجل الدفع بهذا المسار، منوهة بمقترح دولة الفلبين باستضافة مؤتمر دولي داعم لهذا المسار بحلول متم السنة.
وأشار البيان إلى أنه على الرغم من تصنيف بلدان في نفس الفئة، فإن تسمية “البلدان متوسطة الدخل”، التي لا تأخذ بعين الاعتبار سوى الدخل الفردي، لا تعكس تباين واقع هذه البلدان وتبسط إلى حد كبير الأوضاع المعقدة للبلدان التي تشملها.
وتبعا لذلك، شدد المشاركون على ضرورة التعجيل بإرساء نظام تعاون من أجل التنمية أكثر اندماجا، يأخذ في الاعتبار مقاربة الانتقال نحو التنمية التي تقر بأن التنمية عملية متعددة الأبعاد وتدريجية ومستمرة ولا تنتهي عندما تبلغ البلدان مستوى معينا من الدخل.
وأكدوا، في هذا الصدد، أنهم يترقبون باهتمام عقد المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية في إطار تغيير النموذج الذي يتعين العمل به في مجال التعاون من أجل التنمية.
وعلاوة على ذلك، التزم المشاركون بالنهوض بالحوار والتنسيق والتعاون من أجل إسماع مصالح البلدان متوسطة الدخل، ودعمها في جهودها من أجل تجاوز العراقيل في طريقها نحو تحقيق التنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وقرر المشاركون أيضا في هذا المؤتمر تعزيز “مجموعة البلدان من نفس المستوى من أجل النهوض بالبلدان متوسط الدخل” كهيئة حكومية دولية رسمية للحوار والتحسيس والتنسيق حول القضايا التنموية ذات الأولوية في ارتباط مع التعاون الدولي من أجل التنمية والحكامة العالمية، مكلفة بتعزيز التضامن والتعاون مع البلدان متوسطة الدخل وفيما بينها.
كما قرروا تأمين تتبع تنزيل البيان الختامي في الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وخلال ندوة صحفية عقب اختتام أشغال هذا المؤتمر، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن “إعلان الرباط”، الذي توج أشغال المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول مجموعة البلدان متوسطة الدخل، يمهد لهيكلة هذه المجموعة من البلدان، حتى تكون قوة اقتراحية وتفاوضية داخل المنظمات الدولية وخلال الاستحقاقات الاقليمية والمتعددة الأطراف.
وأبرز بوريطة أهمية هذه المجموعة بالنسبة للمجتمع الدولي، بالنظر لوزنها (108 بلدان) وإسهامها الاقتصادي والديموغرافي (75 في المائة من ساكنة العالم و30 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي) فضلا عن تنوعها الثقافي والجغرافي والاقتصادي.
وأوضح الوزير أن هدف مؤتمر الرباط يتمثل في مساءلة المؤسسات متعددة الأطراف والمؤسسات الاقتصادية والمالية حتى تتمكن هذه الدول من الولوج إلى التمويل الذي يتناسب مع التطور الذي حققته ومع طموحها إلى مواصلة دينامية التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أن المؤتمر يروم، كذلك، تعزيز التفاعل بين هذه الدول، لافتا إلى تعدد التجارب الناجحة والدروس التي يتعين تقاسمها، في إطار سياسة التعاون جنوب-جنوب التي يدعو إليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وسجل أنه يتعين، أيضا، مواكبة ودعم هذه الدول حتى تتمكن من الخروج من فخ الدخل المتوسط وضمان تحول اقتصاداتها.
كما شدد على أن “المجتمع الدولي لن يتمكن إطلاقا من تحقيق أهداف الألفية بدون تعبئة هذه الدول”، مؤكدا أن هذه المجموعة “المتجانسة تستطيع التأثير في القرارات داخل الهيئات الإقليمية والدولية والمتعددة الأطراف”.
واعتبر بوريطة أن هذه الدول تعد قاطرة لكل عمل يرغب المجتمع الدولي في القيام به من أجل ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مستحضرا أهداف الانتقال الطاقي التي لا يمكن تحقيقها دون مساهمة هذه المجموعة.

Top