اعتدنا على بذاءة المعجم الذي يستعمله الإعلام الجزائري ضد المغاربة وضد قضايا المغرب، ومن ثم لم يكن مفاجئا أو غريبا ما تقيأه التلفزيون الرسمي الجزائري منذ أيام في حق شعبنا من ألفاظ نابية وقبيحة.
لقد بث التلفزيون الرسمي الجزائري ضمن نشرة الأخبار الرئيسية تقريرا بمناسبة احتفال بلادنا بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، وصف خلاله المغاربة بـ “الجياع” و”الحفاة” و”المرتزقة” و”العملاء”، وأمعن في كيل الشتائم والسباب، وفي إهانة كامل الشعب المغربي وتشويه صورته.
هذه قناة تلفزيونية رسمية للنظام الجزائري، وهذه نظرتها ونظرة القائمين عليها للمغاربة وللمغرب، وذنب الشعب المغربي أنه نظم مسيرة تاريخية مذهلة نحو أقاليمه الجنوبية وحررها من الاستعمار الإسباني، وذلك منذ نصف قرن تقريبا، واليوم التلفزيون الرسمي الجزائري يسبنا جراء هذا العمل الوطني الشعبي، ويشتمنا لأننا حررنا أرضنا من احتلال إسبانيا لها.
هل هناك حمق وجبن ووقاحة أكبر وأفضح وأغرب من هذا؟
في كل إعلام الدنيا يتم احترام قواعد مهنية وأخلاقية متوافق عليها كونيا وتدرس في السنوات الأولى بمدارس الصحافة، ومن هذه القواعد أننا لا نشتم شعبا، وأننا نحترم الشعوب وثوابتها وقراراتها وإرادتها، إلا عند جيران ابتلتنا بهم الجغرافيا، فهم يبيحون لأنفسهم ولأبواقهم أي شيء ما دام يستهدف المغرب ويشتم المغاربة، ولو جرى في ذلك استعمال ألفاظ قبيحة وذميمة وينعدم فيها الذوق أو أي حس إنساني وأخلاقي.
إن ما اقترفه التلفزيون الرسمي الجزائري في حق بلادنا وشعبنا، وأيضا ما أوعز به عسكر البلد الجار لميليشيات الجبهة الانفصالية من حركات بهلوانية انتحارية، وأيضا بعض المناورات الكلامية والديبلوماسية اليائسة، كلها دلائل عن سعي النظام العسكري لتصعيد أجوف وأرعن ضد المملكة.
نعرف حجم ما يلف الجينرالات من خيبة وإحباط جراء الهزائم والصفعات التي تلقوها في الفترة الأخيرة، وحجم ما أصابهم من سعار على إثر الانتصارات الديبلوماسية والميدانية التي راكمها المغرب في ملف الدفاع عن وحدته الترابية، ولكن ليس هناك نظام يمتلك حدا أدنى من العقل يرد على هزائمه المتتالية بمزيد من الإمعان في التهور والهروب إلى الأمام و… الانتحار.
لقد أعلن المغرب من جديد عن مد اليد تجاه جاره الشرقي، وقدم جلالة الملك في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء فرصة للجزائر للانخراط في دينامية تنموية رائدة حول الساحل الأطلسي لفائدة كل بلدان المنطقة، لكن الجميع كان يدرك أن عسكر الجيران لن يلتقطوا هذه الإشارة الملكية، وأنهم سيستمرون عميانا وبلهاء ولا يتبدلون.
اليوم ينوب عنهم تلفزيونهم المتكلس مثلهم، ويتولى صياغة الجواب القائم على الوقاحة والبذاءة والسب والشتم، وكأن البلد هناك يحكمه فتيان الحواري المكبلون بالطيش والرعونة.
أمام نظام عسكري متجمد ومتحجر وأعمى، يستمر المغرب في تعبئته الوطنية ويقظته للدفاع عن سيادته الوطنية ووحدته الترابية، ومن أجل حماية حدوده واستقراره العام، كما يواصل برامجه التنموية والإصلاحية والتأهيلية لفائدة أقاليمه الجنوبية وسكانها، وبكل جهات المملكة، ولن يتراجع عن وضوح وصرامة وحزم ديبلوماسيته من أجل حقوقه الوطنية المشروعة، ومن أجل تسريع الطي النهائي لملف النزاع المفتعل حول مغربية صحرائه، ولن يبالي كثيرا لسعار وبذاءة أبواق ماكينة البروباغاندا العسكرية في الجزائر.
<محتات الرقاص