انتهت، صبيحة أمس الثلاثاء، عمليات العد اليدوي والآلي للأصوات المصرح بها في الاستفتاء على الدستور الجديد للجمهورية التونسية في قاعة التجميع المركزي بالهيئة الفرعية للانتخابات بتوزر، وأفرزت النتائج عن تصويت 26979 ناخبا ب”نعم” أي بنسبة تصويت بلغت 93,34 بالمائة مقابل تصويت 1899 ناخبا ب”لا” أي بنسبة 6,57 بالمائة، وذلك من مجموع 28878 صوتا مصرحا به.
وبحسب ما أوضحه رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات بتوزر الصحبي البدراوي، فقد أدلى مجموع 29543 ناخبا بأصواتهم من مجموع 85035 ناخبا أي بنسبة تصويت عامة بلغت 34,74 بالمائة عند غلق المراكز، معتبرا النسبة “محترمة جدا” بالمقارنة مع باقي الولايات.
وأشار رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات كذلك الى أن سير عملية التصويت تمت ب”سلاسة” في جميع المراكز دون تسجيل خرقات أو خرق للصمت الانتخابي يوم التصويت، كما لم تسجل مخالفات خلال فترة الحملة الانتخابية وتم الاكتفاء بتوجيه تنابيه لرفع الاخلالات.
و شارك أكثر من مليوني ناخب في التصويت على مشروع الدستور. ويعتبر الرقم مهما قياسا بالانتخابات الأخيرة التي جرت في 2019، خاصة أن التصويت حاليا اعتمد نظام التسجيل الآلي فيما اعتمدت الانتخابات الماضية على التسجيل الشخصي المحيّن، وهو ما يفسر الفارق في نسبة المشاركة.
وقال مراقبون إن أعداد المشاركين التي ارتفعت بشكل ملحوظ قبل إغلاق الصناديق بددت توقعات المعارضة التي كانت تراهن على أن نسبة الإقبال ستكون ضعيفة لاعتبارات من بينها الدعوة إلى المقاطعة وانشغال التونسيين بإجازات الصيف وغياب المنافسة ومحدودية الحملة الانتخابية.
وأشار المراقبون إلى أن ارتفاع عدد المشاركين في الاستفتاء يظهر أن الناس قد حرصوا على دعم الرئيس سعيد من أجل إحداث التغييرات التي يريدها على أمل تغيير أوضاع البلاد. كما أن هناك ردود فعل عكسية على حملات المعارضين الذين ركزوا على استهداف قيس سعيد أكثر من تركيزهم على نقد الدستور، لتبدو نسبة المشاركة انتصارا لقيس سعيد ونكاية في خصومه وخاصة حركة النهضة الإسلامية.
وحملت الكثير من تصريحات المواطنين لوكالات أنباء هذه الحقيقة، حيث قالت آية الجميعي إنها متفائلة، بالرغم من “وضعية الفوضى” التي تعيشها تونس، وإنها قرّرت المشاركة في الاستفتاء “الذي من الممكن أن يكون نقطة انطلاق من أجل تحقيق تغييرات حقيقية بعد أن أرسى الرئيس سياسته ويُقدر أنها الأنسب لصالح البلاد”.
وتشير بيّة (54 عاما) عن السياسيين المعارضين إلى أنهم “بقوا أكثر من عشر سنوات في الحكم دون أن يفعلوا شيئا، فليتركوا الرجل يعمل، نحن نثق به وسنسانده إلى النهاية”.
وقال منذر قلاوي (رجل في منتصف العمر) في مقهى قرب مركز الاقتراع بحي التضامن الفقير في العاصمة، “نحتاج إلى رجل قوي يستخدم العصا من أجل استعادة تونس وفرض الانضباط”.
واعتبر المراقبون أن هذه الشهادات، ومثلها كثير، تظهر أن المزاج الغالب في البلاد يدعم قيس سعيد حتى من بين من لم يشاركوا في الاستفتاء، وأن دعوات المقاطعة كان تأثيرها ضعيفا.
ويدافع الرئيس سعيّد بقوّة عن قراراته ويقول إنها “تصحيحٌ للمسار” وإنهاءٌ لعشر سنوات من “الفساد” وعدم تحقيق أهداف ثورة 2011 وفي مقدمتها تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر إن نسبة الإقبال شهدت صعودا في المساء لاسيما من قبل فئات الشباب التي تعودت على الذهاب إلى مكاتب الاقتراع في الساعات الأخيرة. والشباب هم الفئة الأكثر تصويتا للرئيس سعيد في انتخابات 2019 وخاصة في الدورة الثانية.
وأوضح بوعسكر أن عملية الاقتراع سارت بسلاسة وأنه لا وجود لإخلالات ذات أهمية.
وأدلى الرئيس التونسي مصحوبا بزوجته إشراف شبيل بصوته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس وقال في تصريحات للإعلاميين إثر ذلك “اليوم الشعب التونسي مطالب بأن يحسم هذا الأمر وهو حرّ في التصويت”.
وتابع “نؤسس معا جمهورية جديدة تقوم على الحريّة الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية”. وأضاف “على الشعب التونسي أن يكون في الموعد والتاريخ… نحن اليوم أمام خيار تاريخي في بناء جمهورية جديدة”.
واعتبر قيس سعيّد أن الاستفتاء سيكون مرحلة مهمة و”سنبدأ تاريخا جديدا”، مهاجمًا معارضيه الذين قال إنهم “يوزعون الأموال” لكي “لا يصوت التونسيون ويعبرون عن إرادتهم”، ومؤكدا “لن نترك تونس فريسة لمن يتربص بها في الداخل والخارج”.
وينصّ الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويمكن أن يقيله إن شاء، دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.
كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية “أولوية النظر” من قبل نواب البرلمان.
فضلا عن ذلك انقسمت الوظيفة التشريعية بين “مجلس نواب الشعب” الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات و”المجلس الوطني للجهات” الذي يضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهامه.
وأمام الرئيس وضع اقتصادي واجتماعي متأزم في البلاد وتنتظره مهمّة شاقة لإيجاد حلول لذلك، خصوصا بعد ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين التي زادت حدّتها بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أنّ مجلسها سيتولى متابعة التصريحات والنظر في تقارير حملة الاستفتاء على الدستور قبل صدور نتائجه، وسيبتّ فيها.
93.34 بالمائة من الناخبين يصوتون بـ”نعم لفائدة مشروع الدستور التونسي الجديد”
الوسوم