ونحن على أبواب فصل الشتاء والثلوج، لازال الولوج إلى أزيد من 8 في المائة من الدواوير المنكوبة جراء زلزال الحوز، غير ممكن لأن الطرقات المؤدية لهذه الدواوير لم تفتح بعد، سواء بشكل كلي أو بشكل جزئي، وفق ما أكده نزار بركة وزير التجهيز والماء في تصريح صحفي عقب زيارة ميدانية قادته إلى العديد من المناطق المتضررة من الزلزال.
وكان نزار بركة الذي قدم حصيلة عمل مصالح وزارته في فتح الطرقات وفك العزلة عن المناطق المنكوبة، قد أورد في ذات التصريح الصحفي، أن الطرقات التي تؤدي إلى 2930 دوارا موزعة على 163 جماعة ترابية، تضررت، مشيرا إلى أن 460 كيلومتر من الطرق المصنفة تم فتحها في وجه حركة المرور أي بنسبة 100 في المائة، فيما تقدمت الأشغال بنسبة 92 في المائة من المسالك الطرقية الغير مصنفة التي يصل طولها إلى 470 كيلومتر.
وبحسب المصدر ذاته، فقد بلغ عدد الطرق والمسالك القروية المقطوعة جراء الزلزال إلى 65 طريقا، منها ثلاث طرق وطنية، وثلاثة طرق جهوية و14 طريقا إقليميا و49 طريقا غير مصنف، مبرزا أن توزيع هذه الطرق والمسالك حسب الأقاليم الثلاثة المتضررة من الزلزال، يأتي إقليم تارودانت بـ 24 طريقا ومسلكا قرويا، ثم إقليم الحوز بـ 21 طريقا ومسلكا قرويا، يليه إقليم شيشاوة بـ 14 طريقا ومسلكا قرويا ثم إقليم ورزازات بـ 13 طريقا ومسلكا قرويا.
وعلى الرغم من المجهودات التي بذلت، وحجم الآليات التي تم تسخيرها من أجل فك العزلة عن المناطق المتضررة، فإن ساكنة هذه المناطق متخوفة من فصل الشتاء والثلوج التي باتت على الأبواب، والتي يمكن أن تحول تلك الدواوير المترامية الأطراف، إلى مناطق معزولة بالكامل، مما سيعمق من مأساة ومعاناة ساكنة هذه المناطق التي دمرت بنيتها الطرقية بسبب الزلزال الذي كشف عن حجم الهشاشة الاجتماعية والتنموية التي ظلت تعاني منها تلك المناطق لعقود من الزمن.
كما أن العائق الأساسي الذي واجهته مختلف المتدخلين خلال الساعات الأولى من وقوع الزلزال، والذي حال دون وصول المساعدات وفرق الإنقاذ في أسرع وقت، تمثل في ضعف البنية التحتية ووعورة الطرق والمسالك القروية والتي تضررت بشكل شبه كلي في العديد من المقاطع المؤدية إلى تلك المناطق المنكوبة، بالإضافة إلى أن هذه الكارثة الطبيعية التي تعد الأعنف في تاريخ المغرب الحديث، كشفت حجم الخصاص المهول في ما يرتبط بالولوج إلى الخدمات الاجتماعية خاصة في مجالات التعليم والصحة.
إن زلزال الحوز الذي امتدت آثاره المدمرة إلى أقاليم تارودانت وشيشاوة وورزازات، طرح أكثر من سؤال حول حجم الفوارق المجالية والاجتماعية، والهشاشة التنموية التي يعاني منها المغرب العميق الذي يعد المرآة العاكسة لتعثر مسار التنمية ببلادنا، الذي يحتاج إلى رجة قوية لتغيير الرؤى والمقاربات، ولوضع قطيعة مع النهج التنموي المتبع إلى اليوم، والشروع في بلورة “النموذج التنموي الجديد” على الأرض، وإعادة هيكلته بما يمكنه من المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية ويضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لساكنة المغرب العميق.
< محمد حجيوي
تصوير: احمد عقيل مكاو