عادت الكوت ديفوار المضيفة نهائيا «من الموت» بإحراز لقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للمرة الثالثة بتاريخها، إثر فوزها المتأخر المستحق على نيجيريا 2-1، أول أمس الأحد، في المباراة النهائية في أبيدجان.
وكانت «الفيلة» الأفضل بكل شيء في الشوط الأول ما عدا التسجيل، إذ نجحت نيجيريا تقريبا من فرصة واحدة بهز الشباك برأسية قائدها تروست-إيكونغ اثر ركنية (38)، لكن في الثاني، ابتسم الحظ لمنتخب «الفيلة» الذي عادل عبر لاعب الأهلي السعودي فرانك كيسييه (62) ومهاجم بوروسيا دورتموند الألماني سيباستيان هالر العائد من مرض السرطان (81)، وتوج باللقب الثالث بعد 1992 و2015.
واستهلت الكوت ديفوار النهائيات الحالية بين المرش حين، لكنها تلقت صفعة تلو الأخرى، هزيمة مذلة أمام غينيا الاستوائية 0-4 جعلتها تود ع نظريا دور المجموعات بخسارتين إحداهما أمام نيجيريا بالذات 0-1، قدم لها المغرب هدية بفوزه على زامبيا، فتأهلت كأسوأ أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثالث.
وعلى وقع إقالة المدرب الفرنسي جان-لوي غاسيه وتعيين مساعده إيميريس فاييه، استمرت الرواية العجيبة مع إقصاء السنغال حاملة اللقب بركلات الترجيح، بعد هدف تعادل متأخر من كيسييه.
وفصل جنوني آخر تحقق في ربع النهائي، عندما عادل المنتخب البرتقالي مالي في الدقيقة الأخيرة رغم لعبه منقوصا منذ الدقيقة 43، ثم اقتنص هدف الفوز في الوقت البدل عن ضائع من الشوط الإضافي الثاني، فيما جاءت مواجهته الأخيرة مع الكونغو الديموقراطية في نصف النهائي أقل صخبا، حسمها العائد إلى التشكيلة الأساسية بعد تعافيه من الإصابة هالر.
وأصبحت الكوت ديفوار أول دولة تخسر بفارق أربعة أهداف ثم تحرز اللقب، وأول دولة مضيفة تتوج باللقب منذ مصر في 2006.
وعلى سبيل المفارقة، فان فاييه (40 عاما)، لاعب وسط نانت الفرنسي السابق الذي اعتزل بعمر الثامنة والعشرين بسبب التهاب في الوريد ولم يسبق له تدريب أي فريق، فاز كلاعب مع منتخب فرنسا عام 2001 بلقب كأس العالم تحت 17 سنة، بعد خسارة المباراة الأولى ضد نيجيريا ثم فاز عليها في النهائي.
وعلق هالر صاحب هدفي الفوز في نصف النهائي والنهائي على رحلة التعافي من السرطان «المشاعر قوية، من الصعب التفكير في كل هذا»، وعن تعافيه خلال البطولة من الإصابة «كان من الممكن أن أخوض مباراتي الأولى اليوم، كاحلي لم يتعاف بعد بشكل كامل، لكن أردنا تقديم كل شي والشعب يستحق هذه الفرحة».
في المقابل، تجمد رصيد نيجيريا عند ثلاثة ألقاب حصدتها في 1980، 1994 و2013، بعد ان اعتمدت أسلوبا دفاعيا في هذه النهائيات كاد يحو ل مدربها البرتغالي جوزيه بيسيرو بطلا، بعد محاولة الاتحاد المحلي إقالته قبل النهائيات بسبب البداية السيئة في تصفيات مونديال 2026.
وعلى ملعب «الحسن واتارا، رئيس البلاد الذي كان حاضرا في المدرجات، وهو الأحدث في البلاد التي تنظم البطولة مرة ثانية بعد 1984، عاد إلى تشكيلة الكوت ديفوار المدافعان الأساسيان سيرج أورييه وأوديلون كوسونو، والمهاجمان البديلان عمر دياكيتيه وكريستيان كواميه بعد انتهاء إيقافهم.
وبدأت الكوت ديفوار المباراة بزخم، مستفيدة من دعم جماهيري هائل وحضور نحو 57 ألف متفرج، فسنحت فرصتان لهالر وسيمون أدينغرا في أول عشر دقائق.
وتخلصت نيجيريا من الضغط البرتقالي، لكن المضيف كان الأقرب للشباك، من كرة مقصية خلفية من مسافة قريبة للمخضرم ماكس غراديل إثر ركنية (21). وتوترت الأجواء على خط الملعب بين مدرب نيجيريا جوزيه بيسيرو والحكمة الرابعة المغربية بشرى كربوبي، إثر احتساب حكم الساحة الموريتاني دحان بيده خطأ على فيكتور أوسيمهن أفضل لاعب إفريقي، فرفع الحكم بطاقة صفراء بوجه البرتغالي (28).
وفيما كان الاستحواذ أكثر من ستين في المائة للكوت ديفوار، احتاجت نيجيريا بعدها لانجاز من حارسها ستانلي نوابالي لإيقاف تسديدة قوية عن بعد خمسة أمتار من الجناح الشاب أدينغرا لاعب برايتون الإنجليزي (33).
لكن نيجيريا عرفت من أين تؤكل الكتف، فمن ركنية نادرة، علت الكرة منتصف المنطقة قابلها قائد الدفاع المتقدم تروست-إيكونغ برأسية سكنت شباك الحارس يحيى فوفانا من أول فرصة حقيقية للنسور (38)، مسجلا هدفه الثالث في النهائيات.
وهذا أول هدف يهز شباك الكوت ديفوار في خامس نهائي تخوضه، إذا حسمت المباريات الأربع السابقة بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي.
وبكر «الفيلة» بالضغط وكاد هدف المعادلة يتحقق عبر غراديل، لكن تسديدته الأرضية القوية ارتطمت بالمتربص كالفن باسي (50).
واستمر الخطر على الجهة اليسرى عبر السريع أدينغرا (22 عاما)، ثم تألق نوابالي بابعاد تسديدة كوسونو من خارج المنطقة (62).
ومن الركنية التالية لأدينغرا، نسي دفاع نيجيريا كيسييه على القائم البعيد، فلعب رأسية انحنى لها نوابالي هذه المرة (62).
واشتعلت فرحة الجماهير، بينهم الهداف التاريخي للكوت ديفوار وأفضل لاعب إفريقي مرتين ديدييه دروغبا الذي لم ينجح برفع اللقب، خلال مسيرته الزاخرة. وواصلت الكوت ديفوار زحفها مع ارتفاع حرارة المباراة، وكاد هالر يمنحها هدفا ولا أروع بأكروباتية خطيرة رائعة من داخل المنطقة، ضلت الشباك (75).
وأثمر الضغط المتواصل هدف التقدم للكوت ديفوار، بعد اختراق من نجم المباراة أدينغرا وعرضية قابلها هالر بذكاء بسن حذائه على فم المرمى (81).
وحاول بيسيرو تعزيز هجومه من خلال الدفع بكيليتشي إيهياناتشو، موزيس سايمون وتيريم موفي، لكن النتيجة بقيت على حالها، وسط فرحة عاجية جنونية.
وهذا اللقاء الثامن بينهما في النهائيات القارية، فعادلت الكوت ديفوار خصمتها بثلاثة انتصارات لكل منهما.
الكوت ديفوار تعود «من الموت» وتحرز لقبها الثالث
الوسوم