إفريقيا والصين يؤسسان لـ «شراكة ندية»

أصبحت إفريقيا، التي تشكل الفضاء المستقبلي  للنمو العالمي، تجذب اهتمام القوى الصاعدة أكثر فأكثر، خاصة الصين، التي تتطلع،  بحسب كبار مسؤوليها، إلى إقامة “شراكة ندية” مع القارة، وهو التطلع الذي يصطدم  بعدة عراقيل وأحكام قيمة.
وسيشكل منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، الذي سينعقد يومي رابع وخامس دجنبر  الجاري في المركز المالي لجوهانسبورغ، العاصمة الاقتصادية لجنوب إفريقيا، مناسبة  لرسم حدود هذه الشراكة الجديدة، التي تأخذ تحديات التنمية في إفريقيا مأخذ الجد.
وخلال الأشهر الأخيرة، أكد مسؤولون صينيون وأفارقة أن منتدى جوهانسبورغ لن يكون  لقاء للصين، بصفتها بلدا مانحا، مع بلدان إفريقية تكتفي بدور المتلقي لمساعدات  التنمية.
لذلك فان كثيرا من المحليين يعتبرون أنه من أجل إرساء أسس شراكة مربحة للطرفين،  يتعين عليهما إعادة التوازن لعلاقاتهما.
ويرى الملاحظون أن إعادة التوازن هاته تمر عبر نقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات  والكفاءات المحلية في إفريقيا، مشيرين إلى أن تأهيلا من هذا النوع سيصبح ممكنا  بفضل برامج للتكوين المنتظم.
وتتطلب الشراكة الندية أيضا انفتاح السوق الصينية على المنتوجات والشركات  الإفريقية، حيث يبقى ولوج هذه الشركات للسوق الصينية جد محدود، على الرغم من  ارتفاع المبادلات التجارية بين الطرفين.
ويشدد المحللون أيضا على ضرورة تأهيل البلدان الإفريقية لبنياتها التحتية  وأنسجتها الاقتصادية وتحسين مناخ الأعمال لتكون في مستوى شراكة فاعلة مع عمالقة  الاقتصاد العالمي.
وبالنظر لغياب إصلاحات اقتصادية جدية، ستستمر إفريقيا في عدم قدرتها على التكفل  بنفسها وستكتفي بدور المصدر للموارد الطبيعية لتعزيز التوسع الصيني.
وأكد جوزيف إيدوزيان، عن مؤسسة الاقتصاد الجديد لجنوب إفريقيا، أن وضعا من هذا  النوع على وشك أن يتغير، مشيرا إلى أن العلاقات الصينية-الإفريقية أصبحت تقوم على  مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة.ويتعلق الأمر، يضيف الخبير، بتطور سيمكن التجارة  الصينية-الإفريقية من تحديد منحى التجارة العالمية.
وخلص إلى أنه من أجل استدامة هذا التعاون، يتعين على إفريقيا والصين الانتقال  من النمو المتبادل إلى التنمية المتبادلة.
وأعرب المسؤولون الصينيون عن ارتياحهم، مؤكدين أن بلدهم يأتي لإفريقيا متطلعا  لتشكيل جبهة مشتركة مع الشركاء الأفارقة لإقامة شراكة تفضيلية بشكل متبادل.
وتتجه الأرقام المتوفرة إلى تأكيد هذا التوجه وتظهر نموا بارزا، حيث انتقلت  المبادلات التجارية بين الصين وإفريقيا من 10,5 مليار دولار سنة 2000 إلى 40 مليار  سنة 2005 و166 مليار سنة 2011، لتتجاوز 200 مليار سنة 2013.
وهكذا فان هذا الرقم يجعل من الصين أول شريك تجاري للقارة حيث تمثل 13,5 في  المئة من المبالات التجارية الإفريقية.
وتعتبر الصين أيضا مستثمرا كبيرا في إفريقيا في مجالات متنوعة من قبيل الطاقة  والمالية والبنيات التحتية والصحة والتربية.
وبصفة عامة، تلقت إفريقيا منذ سنة 2005 حوالي 108 ملايير دولار من الاستثمارات  لحوالي 2500 مقاولة صينية .ويبرز هذا التوسع ضرورة مواصلة شراكة مربحة للطرفين،  وهو الهدف الذي لن يتأتى إلا من خلال تقويمات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
ولن يكون تموقع إفريقيا على مستوى الاقتصاد العالمي فعليا دون تحول هيكلي ودامج  لاقتصاديات القارة.ض
ومن شأن تعاون جنوب-جنوب يحمل شراكات مسؤولة وتضامنية ويسهل نقل التكنولوجيا في  إطار تفاعلي موجه لإحداث مناصب شغل مستدامة وثروات وقيم مشتركة، أن يحقق هذا  الهدف.

Related posts

Top