“إنه يحمل رأس العرب..”

 منذ الإعلان عن إطلاق النار على بلدية توساند واكس، في ذلك الأربعاء، قمت بتركيز اهتمامي على قناتي سي إن إن وفوكس نيو، متنقلا بينهما. (لم أضعهما في المرتبة نفسها، بالتأكيد: سي إن إن تعمل بنوع من الموضوعية وتبرهن بذلك على حرفية حقيقية لا يمكن إنكارها، في حين أن فوكس نيو هي قناة ترامب: بلادة، جهل وأوهام مؤكدة).    

 إذا كنت قد شاهدت في حينه القنوات الأمريكية عوض الاستمرار في متابعة القناة المحترمة بي بي سي، فلأن لديها صحافيين في عين المكان، سيطرحون الأسئلة بالضرورة على شهود عيان على هذه المأساة، وكنت مسبقا على علم بما سيتفوهون به. يا للحسرة.

 “إنه يحمل رأس العرب..”

  أي نعم، كانت نظرة صائبة. “لقد رأوا الشرق الأوسط في أفضل الحالات، “عربي” في أسوئها. كما لو كان بالإمكان قراءة على وجهه الأصل الإثني لخيال خفي، مرتديا السواد، يقتحم حانة مملوءة ويشرع في إطلاق النار على الجموع. عبارة عن شبح لم يتم لمحه سوى لبضع ثوان. عربي. يا لها من فطنة، يا لها من نظرة ثاقبة.      

 هذا جعلني أستعيد بعض الذكريات.

 أسوأ عملية إرهابية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية (قبل 11 شتنبر 2001) كان قد قام بها تيموثي مايكفايخ، أمريكي قح، في 19 أبريل 1995، تسبب في قتل 168 وجرح 680 شخص. أتذكر في هذه الحالة كذلك أن الشهود تحدثوا عن “ثلاث رجال ينتسبون إلى الشرق الأوسط”. 

الشرطة المحلية والإف بي آي أصابتهم حمى البحث عن ” عرب”.

 حدث بالصدفة أن تم وضع اليد على تيموثي مايكفاخ، الغبي كان يسوق سيارته دون علامة الترقيم حتى لا يؤدي ما عليه للدولة التي كان يكرهها. تم العثور في سيارته على وصل شراء قضبان الديناميت. بدون ضربة الحظ هاته، كانت الشرطة ستواصل بحثها عن عرب..

 في أطروحته، كان مونطاين قد خصص فصلا طويلا (الجزء 1 الفصل 21) لسلطة الخيال. استحضر قولة فلسفية تعود إلى العصر الوسيط:

 الخيال القوي يخلق الأشياء.

 إذا أردنا رؤية عنزة تطير، سننتهي بالفعل إلى رؤية عنزة وهي تطير.

 في نهاية المطاف، تم تحديد هوية قناص توساند واكس مثلما هو حال شخص يسمى دافيد لونج، يعيش في الحي المجاور لنيوبوري بارك. مرة أخرى أمريكي قح. مثل ستيفان بادوك الذي كان قد قتل ستين من مواطنيه في لاس فيكاس بتاريخ 1 أكتوبر 2017 خلال مهرجان موسيقي شعبي في الهواء الطلق.

تيموثي مايكفاخ، سكيفان بادوك، لان دافيد لونج… لا يهم. 

المجرم المقبل إجمالا سيكون “رأس عربي”.  

لا يبقى أمامنا في هذه الحالة سوى أن نغير رؤوسنا بشكل جماعي حتى لا يتم اتهامنا بأي شيء كان.

 بلحية قصيرة وبعض اللمسات هنا وهناك، سأصير شبيها بستيفان بادوك.  

بقلم: فؤاد العروي

> ترجمة: عبد العالي بركات

الوسوم , , ,

Related posts

Top