التعبئة من أجل… الوطن 

التحرك المغربي الذي أفضى إلى إعادة فتح معبر الكركرات أمام تنقل الأشخاص وانسيابية الحركة التجارية والمدنية بين المغرب وموريتانيا، جرى ضمن السلطات المخولة للمملكة، وبمقتضى واجباتها، وفِي انسجام مع الشرعية الدولية.
الأمر يتعلق بمنطقة عازلة، وميليشيات الانفصاليين أرادت أن تفرض عبرها واقعا ميدانيا مختلفا، ومن أجل ذلك اقترفت أعمال بلطجية وممارسات استفزازية، وصلت حد شل حركة التنقل، وتعطيل الحركية التجارية، وهو ما دام أزيد من عشرين يوما، التزم خلالها المغرب بالكثير من ضبط النفس، ووجه الأمين العام للأمم المتحدة عديد نداءات للطرف الآخر ليتراجع عن سلوك العصابات الذي يقوم به، كما بذلت قوات البعثة الأممية كثير جهود وتدخلات لثني الجبهة الانفصالية عن ممارساتها الرعناء، ومع ذلك لم يتغير أي شيء.
ذات الممارسات المافيوزية كانت تتكرر عند اقتراب موعد كل اجتماع لمجلس الأمن، وخصوصا منذ 2007، وكانت تتكرر الاستفزازات شرق الجدار الأمني وفِي الكركرات وغيرها، وكل هذا لم يعد مقبولا، ولم يعد يستطيع المغرب أن يستمر في التغاضي عنه أو الاستسلام له.
العصابة الانفصالية أصيبت بالخيبة والهزيمة، سواء عقب صدور القرار الأخير لمجلس الأمن، أو بالنظر  للسياقات الإقليمية والدولية المستجدة، وأيضا نتيجة ما تحققه الديبلوماسية المغربية من مكتسبات متواصلة، أو بسبب تنامي وعي دولي ينتصر للحل السياسي الواقعي والمتوافق عليه، وكل هذا جعلها تضرب رأسها بالجدار، وتعانق التيه، وترتمي في أعمال العصابات وقطاع الطرق، وهو ما صارت تعاني من تداعياته أيضا بلدان جارة للمنطقة، ويهدد بمخاطر على الاستقرار والأمن.
إن التحرك المغربي اليوم، والذي استعاد معبر الكركرات، من خلاله، هدوءه وحركيته العادية وأمنه واستقراره، استفادت منه المنطقة برمتها، ومن شأنه مراكمة وقائع ومعطيات ميدانية واستراتيجية على الأرض، قد تساعد الأمم المتحدة مستقبلا على صياغة مداخل مناسبة للحل، وذلك من دون ضغوط وابتزازات مافيوزية أو أعمال وسلوكات بلطجية.
من جهة ثانية، لقد نجحت عناصر القوات المسلحة الملكية أثناء هذا التحرك الميداني، في تحقيق الهدف من دون أي احتكاك مع ميليشيات الانفصاليين، وذلك لأن هذه الأخيرة انسحبت فور ما تدخل الجيش المغربي لتأمين المنطقة.
لم يسع الجيش المغربي لخوض حرب أو لتحقيق انتصار عسكري، ولا يدعي اليوم ذلك، وإنما هو قام بتحرك محدد الهدف، ونجح في تحقيق ما تدخل من أجله، وتبعا لذلك، استعاد معبر الكركرات طبيعته وأمنه وهدوءه، وانتهى الأمر.
وحتى على المستوى الخارجي، معظم الدول تفهمت موقف المملكة، وعدد منها عبر عن تأييده الواضح للمغرب، ومختلف الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية أشادت بالتزام المغرب بقرار وقف إطلاق النار، على عكس ما نقل عن الطرف الآخر. 
ووحدها الدولة الجارة، والتي حددها قرار مجلس الأمن طرفا في النزاع المفتعل، هي التي انفردت بموقف مختلف، وانبرت صحفها، كالعادة، تنشر الأضاليل والأوهام.
المغرب، برغم كامل الكذب الذي تروجه الماكينة الدعائية الجزائرية، قام بواجبه لحماية وحدته الترابية وتأمين استقرار حدوده وأمنها، وفعل ذلك انسجاما مع الشرعية الدولية، وبعد أن استنفذ كل الإمكانيات السلمية، وبعد أن أشهد العالم بأسره، وبعد أن فشلت نداءات الأمين العام الأممي وجهود المينورسو، والقوات المسلحة الملكية، بدورها، أنجزت تحركها من دون أي احتكاك، وهي قامت بدورها الطبيعي، والمتمثل في حماية الوطن، وصيانة وحدته وأمنه واستقراره وحدوده.
الفرق الجوهري بين المغرب وخصومه، هو أن المملكة تعتبر دولة حقيقية وعريقة، ولها مؤسسات، وتتعامل بموجب قواعد والتزامات، وفِي نفس الوقت لا تتردد في إبداء الحزم والصرامة اللازمين في التعامل مع الثوابت الوطنية، وربما هذا ما يمثل عقدة تاريخية لدى خصوم الوحدة الترابية المغربية، وهو أيضا ما يجعل القضية الوطنية المغربية محل إجماع شعبي، ويلتف حولها المغاربة، في إطار تعبئة وطنية شاملة تنتصر للمغرب.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top