فنن العفاني
أكد المشاركون، خلال الندوة الوطنية التي نظمها الاتحاد التقدمي لنساء المغرب التابع للإتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الجهوي لنقابات الرباط سلا، تمارة، والتي حملت عنوان” القضية الوطنية من صلب نضالات الحركة النقابية”، على ضرورة التعبئة المستمرة لمواجهة المناورات التي تحاك ضد الوحدة الوطنية، منبهين إلى أن ما حدث مؤخرا من تجاوزات من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ” لا يعدو أن يكون حلقة في مسار يفرض الانتباه والحذر تفاديا للمفاجآت”.
وأشار المتدخلون إلى حجم التعبئة التي ظلت على الدوام تميز صفوف الحركة النقابية للدفاع عن القضية الوطنية، خاصة وأن الحركة النقابية التي كان يمثلها الاتحاد المغربي للشغل، لعبت، منذ تأسيسها، دورا محوريا وحاسما خلال مرحلة النضال من أجل الحصول على الاستقلال، وقامت أيضا بدور رئيسي في دعم عناصر جيش التحرير بالجنوب، خاصة بمنطقة سيدي إفني، والساقية الحمراء.
ودعا المتدخلون مناضلات ومناضلي النقابة إلى التسلح برأي مستقل، وقوي بالحجج، يجمع مداخل متعددة، منها ما هو حقوقي و ما هو تاريخي، بالإضافة إلى ما هو مبني على القيم الكونية للديمقراطية والحداثة التي يسير المغرب على هديها، وتجعل منه بلدا متميزا في المنطقة سواء من حيث الاستقرار أو الإصلاحات الهادئة والعميقة والمسار التنموي .
وقالت أمال العمري نائبة رئيس الاتحاد المغربي للشغل، رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب “إ.م.ش”، خلال افتتاحها أشغال هذه الندوة، رفقة رشيد المنياري الكاتب العام الجهوي للاتحاد المغربي للشغل بالرباط،” إن هناك إجماع وطني حول قضية الصحراء، و الإشكال لا يكمن في الجبهة الوطنية، بل في الحاجة إلى بلورة استراتيجية متكاملة واضحة المعالم، مندمجة في كل أبعادها، تحدد كيفية التعامل مع القضية الوطنية في البعد الإعلامي، والثقافي، والتاريخي، وأيضا البعد الدبلوماسي، سواء في شق الدبلوماسية الموازية أو الشعبية، وصولا إلى تكوين رأي وطني مؤثر على الرأي العام الدولي”.
وشددت العمري، على أن الاتحاد المغربي للشغل الذي انخرط، منذ تأسيسه، في معركة التحرير، لا يمكنه إلا أن يستمر في النضال الوطني الذي يعد جزء من هويته، منبهة إلى ضرورة البحث عن كيفية تسليح مناضلات ومناضلي الاتحاد، والبحث عن صيغ لتأطير وتكوين رأي نقابي قوي بالحجج الدامغة من أجل الترافع عن القضية الوطنية.
وكشفت المتحدثة أن الاتحاد المغربي للشغل سيعمل، من خلال الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، وبشراكة مع كل مكونات المجتمع المدني الحقوقي والهيئات التي لها خبرة في هذا المجال، من أجل تكوين هذا الرأي، وذلك حتى يمكن الترافع بشكل ناجع دفاعا عن القضية الوطنية.
من جانبه ، أكد رحال بوبريك، المستشار بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تدخل ألقاه نيابة عن الأمين العام للمجلس، على الدور الأساسي الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية، في الأقاليم الصحراوية، مبرزا أن المجلس حينما أحدث في صيغته الجديدة سنة 2011 ، تبنى تأسيس اللجان الجهوية التي باتت تمثل إحدى التجارب القليلة في العالم.
وأوضح بوبريك رحال الذي يشغل أيضا منصب رئيس مركز الدراسات الصحراوية، أن هذا البناء يدحض طرح خصوم الوحدة الترابية في مقتل في الجانب المتعلق بتوسيع مهام المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، حيث أن المغرب يتوفر على مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان مشهود بمصداقيتها في الدفاع عن حقوق الإنسان كقيمة كونية لا تميز بين أي طرف في الأقاليم الجنوبية، وتعمل في استقلالية عن الدولة وتقدم تقارير سنوية، فضلا عن أن المغرب بجميع مناطقه مفتوح في وجه زيارات مختلف الآليات الخاصة لحقوق الإنسان الأممية التي يتفاعل معها، عكس ما هو عليه الحال في مخيمات تندوف والجزائر.
وقال في هذا الصدد، إن صلاحيات المينورسو محددة وواضحة المعالم، رابطا الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمنطقة بالمناورات التي يتم القيام بها من طرف خصوم الوحدة الترابية كلما اقترب موعد إصدار التقرير الأممي حول الملف.
أما يوسف مكوري عضو اللجنة الإدارية للاتحاد المغربي للشغل فقد تمحور تدخله حول البعد التاريخي، مشددا على أهمية هذا البعد في الدفاع عن حق المغرب في أرضه وفي وحدته الترابية، والترافع أمام الرأي العام الخارجي، مشيرا، عبر استعراض مجموعة من المحطات التاريخية، أن الأقاليم الجنوبية شكلت على الدوام امتدادا إداريا للمملكة.
وأشار مكوري إلى الدور الذي قامت به الحركة النقابية من أجل تحرير هذه الأقاليم الصحراوية المغربية، حيث كانت الطبقة العاملة في قلب الصراع من أجل الوحدة الوطنية خلال سنوات 1956،1957، و1959 ، أثناء عمليات جيش التحرير ضد المستعمر، مقدما مثالا على هذه النضالات بما شهدته معركة السدرة، وكلتة زمور، وغيرها من المناطق التي تمتد إلى عمق شنكيط الذي بلغته الإمدادات اللوجيستيكية ممثلة في شحنات الأسلحة والمؤن التي كانتتنطلق من موانئ أكادير والصويرة.
هذا الدور الذي قامت به الحركة النقابية ممثلة في الاتحاد المغربي للشغل دعما لحركة التحرر والاستقلال والوحدة الوطنية، أكدتها، يضيف المتحدث، تقارير استخباراتية فرنسية وإسبانية تتحدث عن الملصقات التي كان يكتشفها المستعمر بتندوف والتي كان مكتوبا عليها” عاش السلطان ،عاش المغرب”، وذلك في مرحلة تاريخية لم يكن هناك أي حديث عن ما يسمى بحق الشعب الصحراوي، قائلا في هذا الصدد” تندوف كانت تعد جزء من المغرب ولم تعرف حكما جزائريا إلا منذ 1962 ، وأن حق المغرب في صحرائه ثابت بمنطق وأدلة تاريخية دامغة”.
و لم يفت يوسف مكوري أن يبرز الدور المحوري الذي قام به الاتحاد المغربي للشغل بشأن تمكين الشعب الجزائري من الانعتاق من قبضة الاستعمار، حيث عمل على تأسيس لجنة سباعية تحت قيادته، كما أن الأمين العام للاتحاد الراحل المحجوب بن الصديق ترافع بالأمم المتحدة من أجل حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، مستغربا الاستعداء الذي تقوده حاليا الجزائر ضد الوحدة الترابية للمغرب.
أما محمد بن عبد القادر، عضو لجنة الأخلاقيات بالأممية الاشتراكية، فقد اعتبر أن تكوين رأي مقنع للرأي العام الخارجي بعدالة مطلب المغرب بالنسبة للقضية الوطنية، يجب أن ينبني على مجموعة من المداخل، أبرزها مسألة الاستقرار التي يمثلها النموذج المغربي في منطقة تتقاذفها كل الأخطار، والمسار الديمقراطي والبناء الحداثي وحقوق الإنسان الذي يعمل المغرب على تعميقه.
ولفت بن عبد القادر الانتباه إلى أهمية تكوين رأي مستقل ينهل من المكاسب التي حققها المغرب على مستوى البناء الديمقراطي والحقوقي، كما ينهل من ملفات نزاع دولية تم فيها تطبيق مبدأ تقرير المصير الذي فشل فشلا ذريعا، منبها في السياق ذاته، إلى ضرورة أن تحضى الدبلوماسية الشعبية بدعم الدولة.
الشرعية التاريخية والدينية والسياسية والقانونية لا تدع أي مجال للتشكيك في مغربية الصحراء
الوسوم