ثامن شتنبر: موعد رد الاعتبار لحركة 20 فبراير

سؤال بات يطرحه أحرار وحرائر هذا البلد الأمين بشدة، و معهم رواد حركة 20 فبراير. بعد أن ثبت أن معظم من ركبوا سفينة الحركة سنة 2011، وحملوا شعارات مطالبة بالتغيير والإنصاف. كانوا يسعون وراء المال والسلطة والنفوذ أو الابتزاز السياسي للنظام. وأن لاشي تغير في عهدهم بعد تسلمهم مهام السلطة والحكم لمدة عقد من الزمن. بل إنهم أغرقوا البلاد في القروض والمخططات والبرامج الفاشلة والمشاريع العالقة. إلى درجة أن ملك البلاد الذي حاولت الحركة ابتزازه سياسيا. قرر التدخل من أجل إنقاذ السفينة من الغرق. والمطالبة بالاعتماد على الكفاءات والطاقات البشرية المهمشة. والانفتاح على فئة الشباب ودعم مبادراتهم في الإبداع والشغل. وإحداث نموذج تنموي جديد. في انتظار استفاقة وانتفاضة المغاربة يوم الثامن من شتنبر 2021 موعد الانتخابات الجماعية والبرلمانية. وقبلها انتخابات الغرف المهنية.
من بين هؤلاء الذين كانوا ضمن قادة الحركة، وركبوا على معاناة الفئات الهشة في البلاد، من رهنوا اقتصاد البلاد بمجرد أن منحهم الشعب شرف القيادة. وبات المغاربة الطامعين في التغيير والتنمية، يعيشون حياة أسوء وأمر بسبب تهاون وقصور أداء الساسة القادة، وتوالي السنوات العجاف. ليتضح أنهم كانوا يجنحون إلى المعارضة من أجل الابتزاز السياسي والديني فقط.
من بين هؤلاء الذين شاركوا وقادوا الحركة، من انخرطوا في أحزاب سياسية أو حقوقية أو نقابية، ومنهم من أسسوا منظمات أو هيئات.. وكل هؤلاء لم يعد أحد منهم يتحدث عن الحركة. لأنها كانت وسيلة أو محطة لأهداف أخرى لا صلة لها بالغيرة الوطنية والمصلحة العامة..
من بين هؤلاء، التيارات الدينية، التي ركبت السفينة، وفي نيتها الغوص في معالم وفضاءات لا يعلمها باقي ركاب السفينة. تيارات دينية قبلت بالجلوس والتحاور ومصاحبة من عاشوا ينعتونهم بـ»الكفار والفجار والفاسقين و..»، أملا في ربح رهان زعزعة امن واستقرار البلاد. لكن تلك التيارات انسحبت باكرا. بعد أن علمت بأن تلك السفينة. لن تمكنها من الإبحار إلى عوالمها وفضاءاتها. وأن الأهداف والمرامي مختلفة ومتباعدة بين ركاب السفينة.
من بين هؤلاء تيارات يسارية التي تدخل كل مرة في سبات أهل الكهف، لتخرج بعدها حاملة جلباب الوصي والقائد والعالم والمنقذ. تيارات لم توفق بعد في إيجاد طرق التحاور مع المواطنين واستقطابهم. وعوض أن تصاحب المواطن وتجتهد في إيجاد السبل لإقناعه بأهدافها وتصوراتها. وعوض أن تعتمد أساليب الحوار الجاد والدائم مع المواطن. تجدها لا تتردد في إطلاق الاتهامات والانتقادات اللاذعة لكل سلوك أو إجراء لا يعجبها.. فالمواطن الذي لا يجاريها في مطالبها ومواقفها وبرامجها النضالية، هو «خائن، وعياش، وعبد …». شغلها الشاغل الترصد لكل حدث أو حادث، ومحاولة الركوب عليه. فهل يمكن للمواطن أن يثق في شخص أو هيئة لا تحترم شخصيته وآراءه واعتقاداته؟. وهل يمكن أن يقبل بالسير وراء شخص يحتقره ويقلل من ذكاءه، ويمنعه من حريته في التعبير والتصرف بدون قيود؟. وماذا كان سيفعل هذا الشخص بالمواطن، لو أصبح مسؤولا أو حاكما؟. فأين هم رواد حركة 20 فبراير 2011، وهل هي فعلا ذكرى تستحق الذكر؟.
إن حركة 20 فبراير ومعها باقي محركات حراك الوهم العربي. هي حركات أطلقت بأجهزة تحكم عن بعد من طرف قوى اقتصادية عالمية. أريد لها أن تكون نارا حارقة لتلك الدول العربية، وأن يكون حطبها شعوب وثروات تلك الدول. والهدف طبعا هو إضعافها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وضرب كل ما تختزنه من تاريخ وتراث وعقيدة و استغلال ثرواتها.
صحيح أن تلك البلدان ومعها المغرب، تئن تحت وطأة الفقر والتهميش والفساد.. وأن معظم من خرجوا في الحراك العربي، هم فئات متضررة، تطالب بالإنصاف. وصحيح أن معظم المغاربة انخرطوا في حراك «حركة 20 فبراير». واعتبروها قائدة سفينة الحراك بالمغرب. وأنهم تجندوا وناضلوا من أجل التغيير الذي انتهى بإفراز دستور 2011. لكن المؤلم والمحبط هو أن أحرار وحرائر المغرب لم يكونوا في موقع القيادة داخل الحركة. وأن الشعب وثق في قيادات تلك الحركة الوهمية، ومنحهم الثقة من أجل تفعيل وأجرأة دستور 2011. فخذلوا الشعب. وأجهضوا حراكه.
من يقف على مكونات الحركة ومكنوناتها الحقيقية. يتأكد بأن المبادرات الملكية كانت ردا على الميوعة السياسية والتلاعب بالمطالب الشرعية للشعب. وهو ما تأكد بعدها. حيث التلاعب بالمناصب السياسية والحكومية. والخوض في المتاهات والسخافات والجدل العقيم في المواضيع الهامشية.
فهل تمت أجرأة دستور 2011، بتنزيل القوانين اللازمة؟. وهل سبق أن تمت أجرأة بنود وفصول دستور ما قبل 2011، للحكم عليه بالقصور؟. وهل يمتلك برلمان المغرب بغرفتيه الكفاءات والطاقات البشرية اللازمة، لتفعيل الدستور؟.وهل بهذه الكائنات البشرية، التي تغرف الأجور السمينة والتعويضات من أموال الدولة، وتلهث وراء مصالحها الشخصية بتراب المغرب. يمكن الحديث عن التأسيس لملكية برلمانية؟.
وهل يصح أن نطالب الملك بالتخفيف من صلاحياته، لفائدة هؤلاء الذين يعدون الآن العدة لإعادة انتخابهم معتمدين على السماسرة والوسطاء. بلا مستويات تعليمية ولا ثقافية ولا أخلاقية ؟.وكيف نطلب من الملك مطلبين متعارضين «التقليص من صلاحياته»، و»التدخل في كل صغيرة كبيرة تقع في البلاد» ؟…
قبل التفكير في إحداث جبهة أو حراك من أجل تحقيق مطالب الشعب. يجب أن يتم التأسيس بالمغرب، وفق أجندات مغربية خالصة، من طرف مواطنين مغاربة يحظون بثقة المغاربة. مغاربة يحترمون أفكار وذكاء المغاربة، وملمون بمطالبهم المشروعة. عوض الاعتماد على كائنات بشرية تغير من جلدها لكل من يدفع أكثر.. وعوض الاعتماد على مغاربة لا يربطهم بالمغرب سوى الجنسية. مغاربة يقضون أيامهم في التجوال والترحال عبر مطارات الدول الأجنبية وقنواتها التلفزيونية، يقتاتون من أموال خصوم الوطن من أجل ضرب امن واستقرار المغرب.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top