جيل جديد من المبدعين -الحلقة 10-

كانت الأسماء الإبداعية في مختلف المجالات: القصة، الشعر، المسرح، التشكيل.. إلى غير ذلك، حتى وقت قريب، معدودة جدا، إلى حد أنه يمكن تذكر أسمائها دون عناء، بالنظر إلى أن الساحة الثقافية كانت لا تزال بكرا، إذا صح التعبير، غير أنه في العقدين الأخيرين على الأقل، تضاعف حضور المبدعين على اختلاف اتجاهاتهم.
في هذه السلسلة، تفتح جريدة بيان اليوم، على امتداد الشهر الأبرك، نافذة للإطلالة على عوالم الأسماء البارزة الممثلة للجيل الجديد، وللإصغاء إلى انشغالاتها وطموحاتها.

القاص محمد الحفيضي: أحاول أن تكون لي تجربتي الخاصة.. تجربتي التي لا تشبه أحدا

  للقاص محمد الحفيضي مجموعتان قصصيتان: “في القلب جرح” التي فازت بجائزة القناة الثانية للإبداع الأدبي، سنة 2007، و”الأشياء الضائعة”، الصادرة سنة 2016 بدعم من وزارة الثقافة، كما أنه يستعد لإصدار مجموعة قصصية أخرى بعنوان “لست سعيدا بما يكفي”.

 محمد الحفيضي فضلا عن كونه قاصا، فهو مناضل وفاعل جمعوي نشيط، حيث يترأس منذ عدة سنوات جمعية الهامش القصصي التي دأبت على تنظيم ملتقى قصصي ذي إشعاع وطني بمدينة زاكورة.

  * كيف انخرطت في مجال الإبداع؟

– انخرطت في مجال الابداع بتحفيز من أساتذة درسوني في الثانوي أو كانوا أساتذة لما كنت تلميذا هناك، كانت أمسيات السبت غاصة بالأنشطة التي لها علاقة بالشعر والقصة والنقد، وكان التحفيز والتشجيع من طرفهم دافعا لارتكاب المحاولات. ساهموا أيضا في توفير العديد من الروايات والمجاميع القصصية والشعرية، بمساعدتهم تمكنت من قراءة كتب لولاهم لما تمكنت منها في تلك الفترة في هامش يخلو من المكتبات والخزانات العمومية، أذكر من هؤلاء الأساتذة الأجلاء: محمد بازي، نبيل منصر، عبد الله الإبراهيمي… والجميل في الأمر أن الصداقة معهم استمرت لحد الآن، والتواصل الإبداعي ظلت جسوره ممتدة إلى اليوم. بعد ذلك بوقت يسير، التحقت بجمعية نادي الهامش القصصي، وعبره تعرفت على تجارب قصصية عن قرب، وكتاب مغاربة بشكل مباشر، من هنا بدأت مرحلة جديدة في الكتابة، تختلف كثيرا عن التي كانت في مرحلة التعليم الثانوي، تجربة تحاول التخلص من التقليد نحو اكتساب طريقة شخصية في الكتابة.

* ما هي أهم أعمالك الإبداعية؟     

– لدي عملان إبداعيان لحد الآن، الأول هو المجموعة الصادرة عن منشورات ملتقى الطرق سنة 2007 بعد فوزها بجائزة القناة الثانية للإبداع الأدبي، و عنوانها: “في القلب جرح”، والعمل الثاني وهو المنشور عن دار سليكي أخوين، بدعم من وزارة الثقافة سنة 2016 وعنوانه: “الأشياء الضائعة”.

* ما هي الرسالة التي تحملها هذه الأعمال؟

–  لا أعتقد أن هاته الأعمال تحمل رسالة معينة ومحددة، يعني أنها لا تريد أن تلعب دور المصلح الاجتماعي أو الخبير التربوي أو الداعية الأخلاقي، هي مجرد نصوص عارية، تكشف عن هموم شخوصها وأوهامهم وطموحاتهم، هي نصوص أقصى ما تسعى إليه هو الوصول إلى القارئ  والتصالح معه، بأي معنى يا ترى؟ أعتقد بأن العمق والصدق و الجمال والخيال هو جسرها نحو ذلك، لهذا فرهانها الحقيقي هو تحقيق تلك المطالب، ولعلها أبلغ وأهم رسالة أبتغيها.

* ما هي الأعمال الأدبية التي كان لها أثر على تجربتك الإبداعية؟

– قرأت أعمالا كثيرة أعجبتني بشدة، أتذكر بأن بداياتي كانت مع جرجي زيدان والمنفلوطي وجبران خليل جبران ونجيب الكيلاني، ثم نجيب محفوظ وحنا مينة وتوفيق الحكيم والطيب صالح وعبد الرحمن منيف، وفي الادب الغربي قرأت للكتاب الروس والأمريكان ، وتداولت مع أصدقائي أشهر الروايات لأشهر الكتاب: غارسيا ماركيز، ميلان كونديرا، تولستوي. ومع ظهور جوائز الروايات، تصلني المتوجات بالبوكر والواصلات للقائمة القصيرة…وبالنسبة للمتن السردي المغربي قرأت لجل كتاب القصة القصيرة منذ السبعينيات وإلى الآن، بمختلف أجيالهم و حساسياتهم… وأتابع بجدية ما يصدره المغاربة في الرواية والقصة. لكنني لم أتأثر بأحد. تعجبني نصوص أحمد بوزفور، تمتعني وتسعدني، أجدها قريبة من قلبي. مثلما هي كذلك نصوص أخرى لكتاب وكاتبات، لكنني أحاول أن تكون لي تجربتي الخاصة، تجربتي التي لا تشبه أحدا، أنا من أصحاب نظرية: قتل الأب. الأب القصصي والروائي والشعري طبعا.

* هل يمكن الحديث عن منحى تجريبي في إنتاجك الإبداعي؟

 – المنحى التجريبي: إذا كان التجريب هو إقحام أشياء لا يتغير النص بحذفها، فذلك لا علاقة لي به، أما إذا كان التجريب هو الانطلاق بالقصة أو السرد المغربيين نحو آفاق أرحب، فإن ذلك جيد. لست أدري هل أفلحت في ذلك أم ليس بعد، لأن الشأن موكول للمواكبة النقدية، إنها مسألة لا تتأتى للجميع، نظرا لكثرة المنشورات وتناسل الطبع العشوائي. لذلك لن أستطيع الحديث عن تجربتي وتصنيفها، دوري ينتهي عند الكتابة وتحرير النص من زنزانة دماغي أو قفصي الصدري، أو من حيث يوجد في، وتقييم ما أقوم به وتصنيفه، مهمة آخرين.

* كيف هي علاقتك بالتواصل الرقمي؟   

– علاقتي بالتواصل الرقمي، مثل علاقة دراجة هوائية بالضوء الأحمر، هو يعنيها أيضا وعليها الانتباه له، وراكبها لا يهتم و يقول بأنه قادر على المناورة دون تكلف. أنا أعرف أهمية هذا التواصل، لكنني متقاعس. لم أمتلك ما يسمى بالهاتف الذكي إلا قبل سنتين، وكان الأمر شبه إجباري بسبب ظروف عملي وذلك (العمل عن بعد) الذي ظهر مع كورونا. أحن إلى أيامي الخالية من ذلك الأذى الذي يستهلك دقائقي بنهم. أحن إلى هاتفي ” العظمي” برنته البسيطة وشاشته الرمادية الصغيرة، وكنت عبره أرسل رسائل أنا الذي أصنعها، عكس الجاهز والنمطي والمنقول المتفشي.

* ما هي مشاريعك الإبداعية القادمة؟

– مشاريعي القادمة: مجموعة قصصية دفعتها للنشر عبر دعم وزارة الثقافة، موسومة ب: “لست سعيدا بما يكفي”.

> إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top