نساء في مراكز القرار

حكايات عديدة نسجت في كل مراحل التاريخ عن طبيعة المرأة الفيزيولوجية والبيولوجية واعتبار هذه «الطبيعة» محددا لتدني مكانتها في المجتمع قياسا بموقع الرجل فيه. وقد كان حيفا كبيرا في العديد من مراحل التاريخ البشري أن يُزج بالمرأة، فقط لأنها امرأة، في الدرك الأسفل من المجتمع. لقد كانت المرأة وما تزال ضحية الذهنية الذكورية التي تجعل منها كائنا لا يستقيم إلا بتبعيتها للرجل وموالاتها له، ولهذا، فالأدوار الأساسية والمناصب ذات الحساسية في أي مجتمع كانت وما تزال تسند، في عمومها، إلى الرجل ولا يُلتفت إلى المرأة حتى ولو كانت كفاءتها وأهليتها العلمية تؤهلها لتحمل المسؤولية والوصول إلى مراكز القرار السياسي إسوة بالرجل. من قلب هذه المعاناة التاريخية للمرأة، جراء إقصائها الظالم، يظهر بين الحين والآخر الاستثناء الذي معه تتبوأ المرأة مناصب عليا قد تكون بالغة الحساسية في بعض الأحيان، كما تبرهن على ندّيتها للرجل، وتدحض بذلك كل «الحجج» أو الادعاءات التي تتدرع بها عقلية الذكورة من أجل تثبيت دونيتها. وإنصافا للمرأة من ظلم التاريخ، نورد في ما يلي نماذج من هؤلاء اللواتي كسرن ادعاءات الرجل بشأنهن، بوصولهن لمناصب النخبة والقرارات السياسية في بلدانهن.

لطيفة النادي أول طيارة مصرية

منفردة تقود طائرة فى وقت كان يخاف الرجال من العربات

لطيفة النادي هي طيَّارة مصرية، سويسرية وُلدت عام 1907، وتعد أول امرأة تحصل على إجازة الطيران في عام 1933، كان رقمها 34 أي لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى 33 طيارًا فقط جميعهم من الرجال، وبذلك تصبح أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة. وعلاوة على ذلك، تعد لطيفة أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، إذ تمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع مستر كارول، كبير معلمى الطيران بالمدرسة في مطار الماظة، فتعلمت في 67 يومًا. وقد تلقت الصحافة الدعوة لحضور الاختبار العملي لأول طيارة “كابتن” مصرية في أكتوبر 1933.

بدون نقود وترغب في تعلم الطيران

لطيفة النادي ولدت عام 1907. وفى عامها السادس والعشرين كانت أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة فى وقت كان يخاف الرجال من العربات.
لم يكن معها نقود لتعلم الطيران لأن والدها رفض هذه الفكرة، فلجأت إلى كمال علوي مدير عام مصر للطيران في ذلك الوقت، وعندها فكّر بالأمر وطلب منها أن تعمل في المدرسة وبمرتب الوظيفة يمكنها سداد المصروفات.
ووافقت لطيفة على ذلك وعملت سكرتيرة بمدرسة الطيران. كانت تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعيا دون علم والدها، إلى أن حصلت على إجازة طيار خاص سنة 1933 وكان رقمها 34 أي لم يتخرج قبلها على مستوى مصر سوى 33 طيارا فقط جميعهم من الرجال، لتكون بذلك أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة.

ثلاث عشر ساعة من الطيران كافية لابراز شجاعتها

وحتى تقوم بإرضاء والدها اصطحبته معها في الطائرة وطارت به فوق القاهرة وحول الهرم عدة مرات، ولما رأى جرأتها وشجاعتها قام بتشجيعها واحتضانها. ‏
تمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع مستر كارول كبير معلمي الطيران بالمدرسة، فتعلمت في 67 يوماً. وقد تلقت الصحافة الدعوة لحضور الاختبار العملي لأول طيارة “كابتن” مصرية في أكتوبر 1933. وكانت “لطفية” قد شاركت في الجزء الثاني من سباق الطيران الدولي الذي عقد في ديسمبر عام 1933 وهو سباق سرعة بين القاهرة والإسكندرية. اشتركت “لطفية” خلال هذا السباق بطائرة من طراز “جيت موث” الخفيفة بمحرك واحد ومتوسط سرعتها 100 ميل في الساعة، وكانت أول من وصل إلى خط النهاية بالرغم من وجود طائرات أكثر منها سرعة. لكن اللجنة حجبت عنها الجائزة لوقوعها في خطأ فني في الإسكندرية عندما نسيت الدوران حول النقطة المحددة وأوصت اللجنة بمنحها جائزة شرفية، وأرسلت لها هدي شعراوي برقية تهنئة تقول فيها: “شرّفت وطنكِ، ورفعت رأسنا، وتوجت نهضتنا بتاج الفخر، بارك الله فيكِ”.
*اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطيفة
تولت هدي شعراوي مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطفية لتكون سفيرة لبنات مصر في البلاد التي تمر بأجوائها أو تنزل بها، وكانت قد فتحت الباب لبنات جنسها لخوض التجربة فلحقت بها “زهرة رجب” و “نفيسة الغمراوي”و “لندا مسعود” و “بلانش فتوش”و” عزيزة محرم” و “عايدة تكلا” و “ليلي مسعود” و “عائشة عبد المقصود” و “قدرية طليمات” (مع ملاحظة أنّ عزيزة محرّم أصبحت كبير معلمين معهد الطيران المدني في امبابة). ثم أحجمت فتيات مصر عن الطيران بصفة نهائية فلم تدخل مجال الطيران فتاة مصرية منذ عام 1945.
وكانت لطفية النادي صديقة مقربة من “اميليا ايرهارت” -أول امرأة تقود طائرة منفردة -وكانت تبعث لها بالجوابات تحكى لها عن رحلاتها.
لطفية لم تتزوج قط وعاشت جزءا كبيرا من حياتها فى سويسرا حيث منحت الجنسية السويسرية تكريما لها، وتوفيت عن عمر يناهز الخامسة والتسعين فى القاهرة.
عام 1996 تناول فيلم وثائقى حياتها اسمه “الإقلاع من الرمل”، وفيه سئلت عن السبب الحقيقى وراء رغبتها في الطيران، فقالت أنها كانت تريد أن “تكون حرة”.

 إعداد: سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top