مع أو ضد بقاء الركراكي؟

ألف المتتبعون وعموم المحللين، طغيان نقاش شبه عمومي، عقب كل موعد كروي، يكون الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، طرفا فيه، سواء لعب داخل أو خارج ملعبه، مع أن الغالب هو تواجد منتخبنا وباستمرار داخل المغرب، وتحديدا بمدن أكادير، مراكش، الرباط، وأخيرا وجدة، أما الدار البيضاء فمنذ المباراة ضد الكونغو الديمقراطية، لم يظهر للنخبة أثر بمركب محمد الخامس، هذا الملعب الأسطوري، يصنف من طرف كل من زاره، بـ “ملعب الرعب”، شهد أغلب ملاحم كرة القدم، والرياضة الوطنية عموما.
ففي كل مرة يطغى النقاش، ويرتكز بالدرجة الأولى، حول دور الطاقم التقني بقيادة وليد الركراكي، فهناك من ينتقد، وهناك من يعارض، وهناك من يؤيد، بل يجتهد في إيجاد مبررات، كما أن هناك فئة تهاجم كل من يركز على رصد عيوب المسؤول الأول عن الطاقم التقني، وأسلوبه الفج، في الإدلاء بالتصريحات خلال أغلب اللقاءات الإعلامية.
فالركراكي يتعرض لانتقادات متواصلة، لأسباب تتراوح بين خطته التكتيكية، واختيارات اللاعبين، وطريقة التوظيف، رغم وجود كوكبة من اللاعبين الجاهزين، والذين ينتمون لمختلف الدوريات الأوروبية الكبرى، إلا أن الإقناع يغيب عن “الأدا”، رغم تحقيق الفوز، إذ أن الأسلوب المتبع في اللعب وطريقة التوظيف، فيه نقاش كبير، إلى درجة الملل من تكرار نفس الأسطوانة.
فأغلب العناصر متألقة بأندية أوروبية كبرى، ومع مدربين يشهد لهم بالكفاءة والخبرة، وحسن التدبير التقني، لكن نجدهم يختفون عن الأنظار، بل يظهرون عجزا واضحا حتى أمام منتخبات توصف بالمتوسطة، إن لم نقل صغيرة، وهذا إشكال حقيقي يعطي المصداقية، لأغلب الملاحظات الموجهة للعمل الذي يقوم به “رأس لافوكا”.
إلا أن الانتقاد شيء، والمطالبة بالتغيير، بالبحث عن خليفة للركراكي شيء آخر، فهناك أصوات وعلى قلتها، لكنها مسموعة، باتت تطالب بالتغيير الآني والعاجل، تحسبا لقوة الاستحقاقات القادمة، ولعل أبرزها كأس الأمم الإفريقية بالديار.
إلا أن الأمر غير المقبول، هو أسلوب التخوين، وتوزيع اتهامات باطلة، في حق كل مطالب بالتغيير، ووصفه بانعدام الوازع الوطني، وخدمة أجندة خارجية، وهذا منحى خطير.
فالمدرب وليد الركراكي، لا يعد من المقدسات الوطنية، وبالتالي، فإنه معرض للانتقاد والضغط، وهذا جزء من عمله، خاصة وأن كل المعطيات، تؤكد فشله في قيادة المنتخب بطريقة مقنعة، تجعل الجمهور الرياضي، يتفاءل بإمكانية تحقيق اللقب القاري.
صحيح أن إدخال تغيير جذري على الطاقم التقني في هذه المرحلة بالذات، يعد مغامرة حقيقية، قد تعطي نتائج عكسية، مع العلم أن تعيين وليد نفسه، حدث قبل ثلاثة أشهر فقط من موعد انطلاق مونديال قطر 2022، وتابعنا كيف كان هذا التغيير إيجابيا، والآن يبدو أن هذا الخيار بدأ يطرح بإلحاح، لكن الظرف غير مساعد تماما.
ففي السابق، تم تغيير وحيد بوليد، واعتبر الأمر ضرورة جد ملحة، بعدما ساءت العلاقة بين المدرب البوسني، والأغلبية الساحقة من اللاعبين الأساسيين، إلى درجة الرفض المطلق، فكان التغيير في الصميم، بعدما تفوق الركراكي في كسب ود أصحاب الثقل الخاص، داخل التشكيلة، من أمثال زياش ومزراوي وسايس وأمرابط وغيرهم، إذ جاء الانخراط قويا بالموعد المونديالي، إلى درجة تابعنا أحسن نسخة لزياش وأمرابط وسايس وأوناحي… الرباعي الذي لم يتمكن منذ ذاك الحين، من الظهور بنفس المستوى، ونفس الإصرار على تقديم الأفضل.
فالمصلحة تقول، بأن بقاء الركراكي مسألة غاية في الأهمية، شريطة دعم الطاقم التقني، بكفاءة قادرة على تقديم الإضافة والبعد التكتيكي الضروريين، سواء من حيث طريقة اللعب والتوظيف الجيد، في التوقيت المناسب، وهذه خطوة من شأنها إحداث التغيير المطلوب، كخيار أصبح مسألة حيوية، أكثر من أي وقت مضى، مع العلم أن المطلب، سبق أن طرح بقوة مباشرة بعد مغادرة كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار، إلا أن ما حدث هو إدخال تغيير طفيف، بإبعاد غريب امزين، المدرب المساعد الذي يقال بأنه اختلف مع الركراكي في أمور تقنية.
نعم لخيار الإبقاء على الركراكي مدربا أولا للفريق الوطني المغربي، لكن مع ضرورة دعم الطاقم بكفاءة قادرة على منح عمله فعالية أكثر، لأن التجربة أكدت بالملموس، أن فاقد الشيء لا يعطيه…

محمد الروحلي

Top