بداية من بعد غد السبت، سيعتمد بنك المغرب قرار تعويم الدرهم بشكل رسمي. ويرتكز مشروع تعويم الدرهم، على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية الاقتصاد وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.
وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قد اعتبر، في ندوة صحفية عقدها منتصف الشهر الجاري، أن المغرب يتوفر على كل الضمانات، من أجل نجاح هذا التعويم الذي سيكون بشكل تدريجي.
بيد أن والي بنك المغرب، وبعد أن أعلن أن التعويم “قرار اختياري في الوقت الذي تعيش البلاد وضعا ماليا واقتصادياعاديا، أضاف جملة أثارت الكثير من ردود الفعل، حيث لفت، في الندوة ذاتها، أن “قرار التعويم التدريجي يحمل بعض مخاطر”، وزاد قائلا، “المغرب يتوفر على إجراءات وضمانات، للحد من الانعكاسات السلبية المتوقعة لقرار التعويم، خصوصا أنه حصل على قرض مالي العام الماضي، من صندوق النقد الدولي ضد الأخطار”.
وسيكون التعويم تدريجيا، ذلك أن بنك المغرب، سيعمل، في مرحلة أولى، على تحرير تدريجي لسعر صرف الدرهم، وذلك بوضع حدود عليا ودنيا، ويتدخل في حال تجاوزها. وفي المرحلة الثانية، سيتراجع بنك المغرب بشكل نهائي، تاركا صرف الدرهم يخضع لقانون العرض والطلب في سوق العملات.
وهو ما يسميه الأستاذ إدريس لكريني، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة القاضي عياض في مراكش بـ “مرحلة التحرير الكامل لسعر صرف الدرهم”، معتبرا إياه تحولا “غير مطمئن، على اعتبار أن الاقتصاد المغربي غير مستعد تماما له”.
وأضاف الأستاذ إدريس لكريني، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، بأن “إيرادات الخزينة ستتضرر بشكل كبيٍر، متوقعا ارتفاع أسعار المواد الجاهزة المستوردة والمواد الأولية، وهو ما سيكون له، يؤكد المتحدث، “تأثير على قدرة المواطنين الشرائية”.
من جانبه، يرى عمر العسري، أستاذ المالية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن قرار تعويم الدرهم قد تكون له تداعيات سلبية على تحرير الاقتصاد والمعاملات الاقتصادية، خاصة في مجال المبادلات الدولية، ناهيك عن مخاوف من أن يؤدي التعويم إلى انخفاض قيمة الدرهم في سوق صرف العملات مقابل الدولار واليورو، وهو ما سيفقد، يضيف العسري في حديث لبيان اليوم، عددا من المقاولات المغربية جزءا كبيرا من الإمكانيات التي تتمتع بها.
وأشار عمر العسري أن بعض التجارب أثبتت أن “تحرير العملة يقود إلى التضخم، وإلى ارتفاع المديونية وأسعار الواردات بالعملة الوطنية، خاصة أن المغرب يستورد جزءا كبيرا وأساسيا من حاجياته من الخارج، وضمنها مواد الطاقة والسلع الاستهلاكية”.
وليكون النظام المالي والمصرفي المغربي تنافسيا، يرى عمر العسري أن السلطات النقدية يجب أن تقوم بتكثيف جهودها لتسريع إطلاق منظومة البنوك التشاركية، وجذب رساميل مهمة أجنبية ومحلية لتقوية رصيد المغرب من العملات الصعبة، وذلك للحد من عجز ميزان الأداءات، وتعويض ارتفاع العجز المحتمل على مستوى الميزان التجاري، وتضمين قانون المالية إجراءات عملية لتحفيز عمليات الاستثمار.
ولا يبدو أن صندوق النقد الدولي يتقاسم هذه المخاوف من الانعكاسات السلبية لتحرير الدرهم على الاقتصاد المغربي، حيث استبعد مسؤول بعثة الصندوق في الرباط حدوث تقلبات سلبية على الاقتصاد، معتبرا أن جميع الظروف اللازمة للانتقال السلس متوفرة.
وقال نيكولا بلانشيي، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إن المملكة المغربية اختارت الوقت المناسب لبدء إصلاح نظام سعر الصرف، مشيرا إلى أن هبوط أسعار النفط أسهم في تعزيز المالية العامة.
مصطفى السالكي