انتشرت في الأيام الأخيرة، وبتزامن مع اقتراب موعد مباريات التعليم في المغرب، حملة هاشتاغات، شعارات إلكترونية، كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا الفيسبوك، تطالب بالحق في الامتياز لطلبة وخريجي الإجازة في التربية بالمغرب.
وقد قاد هاته الحملة عدد كبير من طلبة وخريجي الإجازة في التربية الذين ينتمون أو سبق لهم الانتماء للمدارس العليا للتربية والتكوين أو المدارس العليا للأساتذة أو بعض الكليات التابعة للجامعات المغربية التي تتوفر على مسالك الإجازة في التربية.
وقد جاء ذلك لمطالبة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بحقهم في الامتياز في ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بشكل مباشر دون الحاجة إلى الخضوع لمباريات الاستحقاق للمرة الثانية في مسارهم الجامعي، إضافة إلى مطالب أخرى تهم مسارهم الأكاديمي، وهي التسريع في فتح مسارات أكاديمية من ماستر ودكتوراه متخصصة في علوم التربية في علاقتها مع التخصصات الجامعية وكذا إدراج الإجازة في التربية ضمن خيارات التسجيل الإلكتروني لولوج مسلك الماستر العام في الجامعات المغربية.
وقد تلى هاته الحملة إصدار عريضة مطلبية عن طلبة وخريجي الإجازة في التربية تم بناؤها اعتبارا لعدة معايير أهمها التكوين الأكاديمي في مجال التربية الذي يمر منه طلبة الإجازة في التربية بعد تخطيهم لمرحلة الانتقاء، التي تتكون من انتقاء أولي بناء على معدلات الامتحان الإشهادي للبكالوريا، إضافة إلى مباراة كتابية وأخرى شفوية في مواد التخصص المراد ولوجه.
ويعتبر هذا التكوين الذي تستغرق مدته ثلاث سنوات، تكوينا جامعا ومعمقا في وحدات علوم التربية والبيداغوجيا والديداكتيك وعلم النفس التربوي وما إلى ذلك من معارف متعلقة بمجال التربية والتكوين، إضافة إلى المعارف المتعلقة بمواد التخصص التي تماثل مواد ووحدات الإجازة الأساسية في نفس التخصص. إضافة إلى ذلك فإن طلبة الإجازة في التربية يخضعون خلال الأسدس الخامس والسادس إلى تكوين ميداني داخل الوسط التربوي الهدف منه: التعرف على المحيط التربوي، ثم تحمل مسؤولية القسم كأستاذ متدرب، إعداد بعض الدروس وتقديمها، ثم صياغة الفروض وتصحيحها، كل هذا تبعا لنظام مواظبة صارم يقتضي الحضور الإجباري والغياب المبرر وكذا التهيء القبلي للدروس النظرية.
وقد انبثق مسلك الإجازة في التربية هذا عن مشروع “مدرس المستقبل” الذي تقوده وزارة التربية الوطنية كإجراء عملي لتفعيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية 2015-2030: “من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء”، وبالضبط الرافعة التاسعة حول “تجديد مهن التربية والتكوين والتدبير، مدخل أساسي لجودة أداء المنظومة التربوية”، إضافة إلى المشروع رقم 9 من قانون الإطار51.17 الذي تم من خلاله ربط مهنة التدريس بالتكوين الأكاديمي المتخصص في علوم التربية من أجل الارتقاء بجودة التربية والتكوين وكذا تلبية حاجيات قطاع التربية والتكوين من الأطر التربوية، والذي من أجله تم إحداث المدارس العليا للتربية والتكوين ابتداء من سنة 2018 في عدة مدن منها القنيطرة والجديدة ووجدة وبني ملال وبرشيد وأكادير لتحتضن هذا المسلك والذي تخرج أول فوج من طلبته في يوليوز 2021 وبالضبط عن المدرسة العليا للتربية والتكوين بالقنيطرة.
وقد تفاعل عدد كبير من الأساتذة والأطر التربوية والباحثين إيجابيا مع هاته المطالب على الصفحات الفيسبوكية عبر تعليقات إيجابية على منشورات وشعارات الطلبة في حين عبر عدد من طلبة الإجازة الأساسية على استيائهم وغضبهم تجاه هاته المطالب، لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه المطالب لا تسعى أبدا إلى التقليل من شأن طلبة وخريجي الإجازة الأساسية في جميع التخصصات أو خلق التوتر بين الطلبة كما هو مروج على بعض الصفحات الإلكترونية، ولكن في المقابل تدعو إلى إنصاف هاته الفئة الخاصة من طلبة الإجازة في التربية وإلى الرفع أيضا من قيمة مهنة التدريس تحت شعار “مدرس المستقبل ليس هو ذلك الطالب المجاز الذي أغلقت في وجهه أبواب سوق الشغل لينتهي به المطاف في مهنة التدريس”.
أخيرا فإن المطالبة بالولوج المباشر لمراكز التربية والتكوين لا تعني إطلاقا تخوفا من جهة طلبة وخريجي الإجازة في التربية من مباريات التعليم وإنما تعني اتحادهم لضمان تحقيق الوعود التي تقدمت لهم بها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي في بداية مسارهم الجامعي، وأنهم في المقابل، وفي أسوء الظروف، على استعداد تام للتفوق في مباريات التعليم.
< كوثر الصابري