وقفت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، خلال عملية رصد وتقييم مدى حضور الأمازيغية في الإعلام العمومي “السمعي والبصري” على مدى الثلاثة أشهر الماضية، على استمرار انحصار اللغة الأمازيغية بل وانحصار عرض الإنتاجات بهذه اللغة، إذ لم يتمكن الإعلام العمومي من احترام مضامين دفاتر التحملات في هذا الباب، إذ لم تتجاوز نسبة تنفيذ الالتزامات في أحسن الأحوال 50 في المائة، لتبقى متدنية جدا ومنعدمة أحيانا.
كما وقفت الشبكة على واقع أظهر أن النصوص القانونية المؤطرة لإدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي تحمل مجموعة من النواقص والعيوب التي تعرقل بشكل كبير إنصاف الأمازيغية في الإعلام السمعي البصري وتكرس تهميشها ودونيتها.
ودعت الشبكة الحكومة والبرلمان ومؤسسات الحكامة بفتح ورش تشريعي لتحيين وتنقيح الترسانة القانونية المعمول بها في مجال الإعلام وتجاوز الهفوات والنواقص والسعي للتناغم مع الدستور روحا ومنطقا، على أن تقوم المؤسسات الدستورية المكلفة بالحكامة والرقابة، موازاة مع ذلك، بمواكبة المؤسسات الإعلامية العمومية وتأهيلها لتخضع للمبادئ الدستورية المتعلقة بالشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومكافحة التمييز، وإجراء افتحاصات وزيارات استطلاعية للوقوف عند الوضعية الحقيقة للمؤسسات الإعلامية، وتحديد أسباب الاختلالات في تنفيذ الالتزامات المتصلة بالأمازيغية.
وحول أهداف تنزيل هذا التقرير، قال عبد الله بادو في تصريح لجريدة “بيان اليوم، عقب ندوة صحفية نظمتها الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، صباح أول أمس الثلاثاء، خصصت لتقديم تقرير حول وضعية الأمازيغية في الإعلام العمومي، إن التقرير يأتي في إطار العمل الذي تقوم به “أزطا”، القاضي بتتبع وتقييم السياسات العمومية في كل المجالات، مشيرا إلى أن الإعلام يعد إحدى المجالات ذات الأولوية لتحصين مكانة اللغة الأمازيغية والارتقاء بها.
وأضاف بادو، أنه “توجد مجموعة من القوانين المؤطرة لإدماج لأمازيغية في الإعلام العمومي، ولكن حينما نقوم بقراءة في هذه النصوص نقف على مجموعة من الاختلالات في الصياغة والمضامين، بعضها يرتبط بمستوى كيفية إدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي، بعلاقة مع اللغة العربية واللغات الأجنبية، ومستوى آخر يرتبط بمدى احترام القنوات العمومية لدفاتر التحملات على علاتها، مسجلا أن هذه الأخيرة لا تنص ولا تضمن المساواة بين اللغات الرسمية للبلاد، ولا تضمن للأمازيغية حتى التنافسية في العلاقة مع اللغات الأجنبية.
وخلص في هذا الصدد إلى أن دفاتر التحملات هذه بعلاتها لا يتم احترامها، وهذا الأمر يسري على حد سواء على القطب العمومي وكذا شركات الإنتاج في القطاع الخاص، التي هي أيضا تتحمل مسؤولية عظيمة، حسب ما تضمنه التقرير- في تجسيد روح المقاولة المواطنة والشفافية والمنافسة النزيهة، والسهر على الرقي بجودة المنتوج الناطق بالأمازيغية، مسجلا أن “الدولة، وهذا هو العنصر الخطير، لا تمارس الرقابة ولا تقيم عمل هذه القنوات، رغم أن الأمر يتعلق بقنوات عمومية تمول من المال العمومي”.
وأشار إلى أنه “كان من الأجدى لتطوير هذه المؤسسات أن تتم مراقبتها، ولا نقصد بالرقابة تقييد الحرية، ولكن الرقابة لضمان حكامة جيدة وشفافية على مستوى التدبير”.
وكشف أن عملية الرصد والتتبع التي قامت بها الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، سجلت بعض الإشكالات التي ظهرت بقوة وتتعلق بعدة جوانب، المستوى الأول منها يتعلق بضرورة القيام بتحيين الترسانة القانونية المنظمة للمجال السمعي البصري بشكل يضمن ترسيما فعليا للغة الأمازيغية، والمستوى الثاني يتعلق بتأهيل البنية التحتية والموارد البشرية وذلك لتطوير وتجويد الخدمات المقدمة على مستوى السمعي البصري.
وأضاف أن هناك أيضا مستوى ثالث، يرتبط بضرورة تفكير الدولة في بلورة إستراتيجية لتطوير الإعلام بشكل عام سواء كان عموميا أو خصوصيا، بالشكل الذي يضمن تطوير الإعلام وتطوير الأمازيغية، وذلك أخذا بعين الاعتبار أن اللغة الأمازيغية أصبحت لغة رسمية، وجانب تفعيل الطابع الرسمي لها يستوجب تأهيليها لتقوم بوظائفها بشكل قوي وبشكل يضمن المكانة التي يجب أن تحتلها.
وحول مآل هذا التقرير، أفاد رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، أن “أزطا” ستقوم بإيداع نسخة من هذه الوثيقة لدى جميع الفاعلين المؤسساتيين، على أن يتم التحضير لتنظيم يوم دراسي يكون موضوعه خلاصات التقرير، والحرص على أن يحضره الفاعلون المؤسساتيون، والخروج بخارطة طريق حول معالجة إشكالية مدى حضور الأمازيغية في الإعلام العمومي.
وبشأن التوصيات التي حملها التقرير، طالبت “أزطا” التي تعد أحد مكونات الحركة الأمازيغية، الدولة، بالوفاء بالتزاماتها اتجاه المنظومة الأممية لحقوق الإنسان خاصة ما يتعلق بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية وعلى رأسها الإعلام، والحرص على التفعيل الأمثل للطابع الرسمي للغة الأمازيغية والتجسيد العملي لدسترة الأمازيغية لغة وهوية، من خلال التقاء الإرادة السياسية الصادقة مع جودة التشريعات.
كما دعت مؤسسة الهاكا إلى إجراء دراسة معمقة حول مدى احترام الشركات لدفاتر التحملات في مجال التعدد اللسني والتنوع اللغوي والبحث عن المسببات والعلل الكامنة وراء الإخفاق في الالتزامات المتصلة بالأمازيغية.
< فنن العفاني