التعويض عن إنهاء عقد الكراء 2/1

إن عقد الكراء ينتهي بأحد الأسباب المسقطة له والمنصوص عليها في قانون 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي. إلا أنها تختلف من حيث استحقاق التعويض الذي يدفعه المكري للمكتري نتيجة لما لحقه من ضرر ناجم عن الإفراغ، والذي يشكل تعويضا عن فقدان قيمة الأصل التجاري، وهذا ما سنتولى توضيحه في هذا المطلب.
نشير في المقام الأول أن المشرع المغربي جاء في قانون 49.16 بالعديد من المستجدات بخصوص التعويض عن إنهاء عقد الكراء، ولعل أهمها التنصيص على عدة معايير موضوعية الواجب اتخاذها بعين الاعتبار عند تقدير مقدار التعويض عن الإفراغ وهي كالتالي:
– أن يبني التعويض ويحدد انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الأخيرة.
– أخد بعين الاعتبار الإصلاحات التي أدخلها المكتري على نفقته.
– مراعاة العناصر التي فقدها الأصل التجاري.
– نفقات المصاريف التنقل من المحل خاصة عندما يكون الأصل التجاري لمقاولات ضخمة.
– ألا يقل التعويض الذي أداه المكري عما قدمه المكتري مقابل الحق في الكراء أو المفتاح بلغة التجار، شريطة أن يكون موثقا في عقد الكراء أو في عقد لاحق.
إن الأصل، هو استحقاق المكتري تعويضا عما أصابه من ضرر نتيجة الإفراغ، وهذا حق للمكتري خوله له القانون حماية لملكيته التجارية، وهو من النظام العام، إذ لا يحق للمكري والمكتري الاتفاق مسبقا على إسقاط الحق في التعويض، بل كل شرط ينص على ذلك فهو باطل. كما نشير في هذا الصدد إلى أن المشرع خول ضمانة للمكري وهي المنازعة في قيمة التعويض، إذا أثبت أن الضرر اللاحق بالمكتري أخف من القيمة المذكورة، وله إثباتها بشتى الوسائل القانونية، باعتبارها واقعة مادية من شهادة الشهود، وقرائن وخبرة مضادة، كما أنه لا رقابة لمحكمة النقض على محاكم الموضوع في هذه النقطة.
لكن المشرع المغربي وضع استثناءات على استحقاق التعويض، أو ما سماه في الفرع الثالث من قانون 49.16، بالإعفاء من التعويض، وهي سبع حالات سنتولى ذكرها واحدة تلو الأخرى

الحالة الأولى :  التماطل في الأداء

إن عقد الكراء من العقود الملزمة لجانبين، فالمكري ملزم بتمكين المكتري من الانتفاع من العين المكتراة طيلة مدة الكراء، مع ضمان التعرض والاستحقاق، وفي المقابل فالمكتري ملزم بدفع الوجيبة الكرائية في الوقت المتفق عليه، أو ما جرى العرف به، ويثبت أداؤه مقابل وصل يتم تسليمه له من طرف المكري أو الوكالة العقارية حسب الحالات.
لكن عدم أداء الوجيبة الكرائية في الوقت المحدد هو إخلال بمقتضيات العقد وينتج عنه فسخ عقد الكراء دون تعويض، فإذا ترتبت في ذمة المكتري ثلاثة أشهر على الأقل، ولم يؤدها رغم المحاولات الودية والحبية، فإن المكري يوجه إنذارا للمكتري يطالبه فيه بالأداء داخل أجل 15 يوما من تاريخ توصله بشكل قانوني، فإذا استجاب المكتري للإنذار ووضع ما بذمته للمكري أو في صندوق المحكمة أو تحويل المبلغ في حساب فإن الأمر انتهى، ولا يحق للمكري اللجوء إلى المحكمة قصد المصادقة على الإنذار الذي يأسس عليه دعوى الإفراغ، و يجعلها مبنية على أساس قانوني.
الحالة الثانية: إحداث تغيير بالمحل دون موافقة المكري
إن المكتري يمتلك حق الانتفاع لا غير، فحق الملكية العقارية هو للمكري أو المكري الأصلي في حالة الكراء من الباطن، وتأسيسا على ذلك لا يحق للمكتري إدخال تغييرات على العقار دون موافقة مالكه، وإذا قام بذلك فيكون المكري محقا في مطالبته بالإفراغ دون التعويض. لكن السؤال المطروح هو أي تغيير يعتد به، هل التحسينات البسيطة كالصباغة والتبليط أو الإصلاحات الكبرى المغيرة للتصميم العقاري؟
حدد المشرع طبيعة التغيير المستوجب للإفراغ، وهو التغيير المؤثر على سلامة البناء أو الرافع من تحملاته، كضم عقاريين في عقار واحد مما يغير من الملكية العقارية التي هي حق للمكري لوحده. ففي هذه الحالة يوجه المكري إنذارا قانونيا إلى المكتري يمنحه فيه أجل 3 أشهر لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وإلا يتم فسخ عقد الكراء دون تعويض.
فإذا أعاد المكتري البناء إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، قضي الأمر، وإلا للمكري الحق في المصادقة على الإنذار وتأسيس دعوى الافراغ على هذا الأساس القانوني.

الحالة الثالثة: تغيير النشاط التجاري المتفق عليه في العقد

إن ممارسة المكتري لنشاطه التجاري يبقى رهينا بالاتفاق المسبق عليه بين المكري والمكتري، ولا يحق لهذا الأخير تغييره دون الحصول على موافقة المكري، وإلا فإن الأمر يتعلق بإخلال بأحد بنود العقد، مما يستوجب فسخ العلاقة التعاقدية، دون أي تعويض، وما هذا إلا مظهر من مظاهر قاعدة العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود.
لكن سمح القانون 49.16 للمكتري تغيير نوع النشاط التجاري الممارس بالمحل التجاري، شريطة احترام مجموعة من الشروط والشكليات، كعدم عدم ممارسة أنشطة منافية للغرض التجاري الأصلي أو البناية، علاوة على ضرورة إخبار المكري بطلب ممارسة الأنشطة التجارية المكملة، مع تحديد نوعها، والذي يجب على صاحب الملكية العقارية الجواب عنه داخل أجل شهرين من تاريخ التوصل والإبداء بموقفه، وإلا اعتبر سكوته قبولا ضمنيا.

 نوفل الإدريسي  باحث في الحقوق

Related posts

Top