في مجموعته القصصية القصيرة “غيبوبة على منظر ساقط” الصادرة ضمن منشورات الموكب الملكي بوجدة سنة 2015، يقدم الكاتب الأستاذ محمد مباركي طريقة اشتغال مختلفة جدا عما ألفناه في أعماله السابقة، فنصوص المجموعة تتقاطع فيما بينها لتقدم صورة عن ممارسة هيمنة وتأثير كبير على المتلقي، من حيث توظيف الصورة عن طريق التذكر والاسترجاع. وهو ما يوهم بنوع من الواقعية، ويعري عن ممارسة لسلطة الحكي. كما سنجلي للعيان محاولة ممارسة تأثير على المتلقي من خلال توظيف الأنسنة والحب كما هو الأمر في حياة الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهيمنة العالم وسلطته السالبة للحق في الاختيار، ناهيك عما يمارسه التخييل من سلط في صنع عوالم حكائية عجيبة، بدخول مضمار الحلم أو باللجوء إلى لعبة الميتاسرد وفرض تدخل مقصود. فالمجموعة تعمدت البوح والفضح والإدانة لواقع القهر الاجتماعي وظروف الحياة العامة في مغرب نهاية الألفية الثانية بأصوات متعددة، وهو ما يمنحها بامتياز ميسم البوليفونية. تتأسس سلطة الحكي داخل المجموعة من خلال توظيف الصورة السردية والاسترجاع عبر التذكر. كما في كل من نصي:”طبيبة ملاك”، و”ضاعت مني”. بحيث نلمس أن البناء الحكائي في النص الأول يقوم على أساس بناء آخر، فالحوار بين السارد والبطل، سيفتح كوة جديدة داخل النص للحكي عن قصة الفيلم، عن الطفل المتخلى عنه، والذي كانت معطياتها تتطابق مع قصة البطل. الأمر الذي يمكن استخلاصه من حيثيات النص. يقول السارد عن الطبيبة: “جاءتها المربية بالرضاعة وبمنديل أبيض…لفت الطبيبة الرضاعة في المنديل وقربتها من أنف الرضيع(..) شم رائحة المنديل، ومد شفتيه الرقيقتين، وبدأ يرضع الحليب من الرضاعة فورا، وبنهم شديد…”.
وهي حيثيات تتطابق في دلالتها مع سلوك البطل الذي شاهد الفيلم أربع مرات. يقول البطل السارد: “هب جليسي من مكانه.. توقف.. واستدار نحوي، وأخرج من جيب سرواله منديلا أبيض رفعه إلى أنفه، تشمم عطره طويلا، ثم مسح به دموعا انهمرت على خديه الضامرين”. فالبناء بقدر ما روعي فيه الدقة والنجاعة، تم من خلاله ممارسة سلطة الحكي الهادرة بشكل علني ومضمر، مارسها السارد على مخاطبه من خلال حكيه لوقائع الفيلم برتابة، ولم يترك له أية فرصة للتعليق، أو التعقيب، حتى أنهى حكايته المسترسلة. كما أنه هب ملسوعا من مكانه هاما بالمغادرة دون أن يحفل بسماع موقف الآخر لو لم تخنه دموعه وهو يتشمم المنديل.
في حين يلجأ الكاتب في نص “ضاعت مني” لبناء قصته ضمن ما يعرف بالإيهام بالواقعية، حيث سيعمل السارد طوال مراحل بناء النص على خلق انطباعات مختلفة لدى قرائه تميزت بالمبالغة، وهي انطباعات سيعمل على الكشف عنها وتأجيج وطأتها وفق أسلوب ساحر، من قبيل أن “روايته.. بيعت منها مليون نسخة في الأسبوع الأول من صدورها، ونفدت طبعتها الأولى في الأسبوع الثاني”. “لم تتوقف رنات هاتفي النقال، اتصلت بي الصحافة المكتوبة، والإذاعات الوطنية والدولية لمحاورتي، وتهافتت علي دور النشر لإعادة طبع روايتي، ورشحوني لنيل جائزة “نوبل للآداب”. “بدأت التوقيع عند الساعة السادسة مساء وأنهيته على الساعة الثانية صباحا”. فقرائن النص كله تعمل على تنفير القارئ، وتكشف أنانية الكاتب وادعاءاته، من خلال توظيف أسلوب المبالغة في الحديث عن نفسه. فلم يحدث لأي كاتب عربي أن عاش تجربة مماثلة، كما أنها تبقى تجربة مستحيلة وتضع سارد النص محط شك كبير. لنكتشف أن السارد مارس بالفعل في هذا النص سلطته المطلقة على المتلقي، وهو ينقل له تفاصيل ووقائع حدث كبير عاشه كاتب استثنائي “ماركيز” الذي لم يتم الإفصاح عن اسمه حتى نهاية النص. يقول السارد: :”رددت عليهاحاضر يا آنستي.وكتبت اسمي كاملا:”غابرييل غارسيا ماركيز” فبناء هذا النص الباذخ يذكرني بقصة “أدولف” للكاتب دينو بوتزاني التي ترجمها الأستاذ محمد صوف.: سلطة المجال وتوظيف الأنسنة يتم الارتكاز على الأنسنة للكشف عن واقع حياة بعض المخلوقات كالحيوانات من كلاب وقطط. كما في نص “كلبنة” الذي يكشف عن واقع أشخاص آخرين، كالنساء المسنات اللائي حرمن من الأمومة، فيتبنين حيوانا أليفا، يصبغن عليه عطفهن وحنانهن. ولعل قصة “الكلب سوسو” المدلل تكشف عن المكانة التي توليه صاحبته إياها، فتجعله يرتقي إلى مرتبة متكافئة مع بني البشر إن لم يكن أكثر بقليل حسب ما برز من خلال النص. في حين تكشف أطوار النص أن ما أسبغ على الكلب من نعم، تفقده كلبنته، وصفته الحيوانية الخالصة في نظر بني جلدته. وهو أمر سيتجلى بعد حادث هروبه وخروجه إلى الشارع بحثا عن كلاب متشردة، سبق له وأن شاهدها في هامش المدينة عندما كان يقوم بجولة سياحية مع سيدته. فبين ما يتوق له الكلب واقعيا (من أن يكون كلبا فقط)، وبين ما تفرضه عليه سيدته (في أن يكون آدميا) يبرز في الواقع التناقض الكبير في المنظور إلى مفاهيم من قبيل: الذات، والحرية، والاختيار.. وهي مفاهيم يناقشها النص بشكل مضمر. كما يعري عن النظرة إلى الآخر، والتمثلات عنه، يقول السارد:”شاهدته (الكلاب) فجرت إليه، وتحلقت حوله تشممته، وعطست بشدة. سأله كبيرها: – من أنت؟ رد الكلب باسما في أدب: أنا سوسو.نظر الكلب الضال إلى رفاقه وقال: “إنه كلب سائح”.
ونلاحظ أن امتلاك المجال والتحكم فيه، هو الذي يمنح السلطة لأصحابه، وهو أمر نلمسه جليا هنا. فالكلب “سوسو” سيشعر باختلافه، ودونيته رغم ما رسم من دهشة في أعين المتحلقين حوله. سأله جرو: – ما هذه القلادة التي حول عنقك يا هذا؟تنهد “الكانيش” بعمق، واغرورقت عيناه بالدموع، ورد بصوت مخنوق: – هذه القلادة هي القيد السالب لحريتي المهدورة. فالسؤال طرح من قبل جرو هو أدنى مرتبة من “الكانيش”، كما أن لغة الخطاب، لم تشخصنه كذلك ككلب”يا هذا” وهو تنكير مقصود الهدف منه التعبير عن درجة قصوى من الدونية التي ستنجلي نتائجها من خلال سؤال موالي لنفس الجرو:سأله الجرو ثانية: – هل أنت عبد مملوك؟ وهو سؤال يضع مفهوم الحرية للنقاش كذلك، بحيث ستدرك الكلاب المتشردة حقيقة وضعها ومكانتها، فرغم ما تعيشه من قسوة حياة في الشوارع حرة في النهاية وسيدة نفسها. “إننا ننعم بالحرية ولا نشعر يا رفاق”. فهل كان الخطاب موجها فعلا للكلاب في النص؟ ألا يمكن اعتبار هذا النص “كلبنة” هو تصوير لواقع معاش لا يرقى فيه البعض إلى مستوى عيش كلب متشرد، وقد فقدوا كرامتهم وعزة أنفسهم؟ فالذين يعيشون حياة الكلاب هم أولئك الذين فرطوا في حريتهم، وفضلوا العيش مقيدين مصالح أسيادهم. كما هو أمر الكلب “سوسو” الذي وبخته سيدته وربطته بسلسلة في شرفة غرفتها بالفندق، منها كان يراقب الكلاب الضالة الهائمة في وسط المدينة”. ولن يسمح له بممارسة كلبنته إلا في غياب رقابة سيدته. فقوة السرد تكمن في ملفوظه وموضوعه، في قدرة الكاتب على فرض سلطة حكيه بدءا من جملة الانطلاق الأولى، بما تحويه من مهابة وجلال، وبالتالي سلطة تقديرية ذات قيمة تعاقدية ككل تحدد الإطار الحكائي العام، وبالتالي نوعية قالبه كذلك. وبالعودة إلى نصوص المجموعة، سنلمس واقعية هذا الطرح، وبالتالي قدرة الكاتب على إقحام المتلقي داخل عوالم جديدة وضمن مساحات حكي عجائبي، كما في نص “قط ليومين” الذي يطرح هو الآخر على محك النقاش قضايا الواقع المعاش من زاوية ساخرة، ومن زاويتين مختلفتين ارتكازا على الأنسنة، والمقارنة بين طرفي نقيض في مكانين مختلفين. بين حي “لالة زغلولة” الفقير،
وحي “سعدون الراقي”. بالإضافة إلى مكان مغلق آخر “الحافلة”. وهي أمكنة سيجمع بينها رابطا موحدا: من حيث النوايا الآدمية، والمظاهر الخادعة لأشخاص في بذل أنيقة ومشاعر مبطنة. لنكتشف في النهاية ألا وجود لاختلافات البتة أو فروقا يمكن الارتكاز عليها. فالشر عملة مداولة بين كل الأطراف. فالسارد سيعمل على انتقاد السلوك الإنساني مبرزا أنه لا وجود لاختلاف في طريقة التفكير، مهما اختلفت الانتماءات والأوساط والطبيعة المكونة. في حين سيبرز الحوار مع القطة “مينوشا” بدورها مدى النظرة المتحفظة رغم ما ناله القط المرقط من مدح “صباح الخير أيها القط الجميل” وأن القطط بدورها تنزع نحو الاستجابة لمن يعاملها معاملة حسنة، بحيث ستفضل منيوشا الانصياع لنداء سيدها وتترك القط المرقط الغريب. وإلى جانب ما تحظى به بعض القطط من دعم نفسي ومعنوي، تظل أخرى، كالمتشردة منها عرضة للتنكيل والبطش، يقول السارد: “وقفوا حين رأوني تغامزوا وتخابروا، ونظروا يمينا، ويسارا، فصرختيا مّا، ماذا يريدون؟ الهروب ، الهروب”. نص”قط ليومين” بقدر ما هو كشف عن واقع جواني، هو في الواقع رسائل بليغة الدلالة، تنتقد الواقع الإنساني وتفاوتاته الطبقية، عبر كتابة ارتكزت على التقابل الضدي والتوازي، للكشف عن المظاهر الخادعة، يقول السارد: “شممت روائح أقدام كانت كريهة، رغم أحذيتهم الجلدية اللامعة”.الكتابة وسلطة التخييل: في القصة القصيرة، لم يعد الأمر يتعلق بـ ” تمثيل العالم” أو” التعبير عن الأنا” بل تحول الأمر إلى نوع من البحث عن شيء غير معروف من خلال إبداع عالم لم يسبق قوله” عالم لا يوجد إلا داخل الكلمة حسب عبارة وليم جاس”. هكذا يدخلنا الأستاذ محمد مباركي في نص “أيوجد فيكم رجل
رشيد”، إلى وقائع تدور على مشارف مدينة غائبة من خريطة “الوطن”، وتؤشر منذ البداية على أن مكان وزمان الأحداث قد يأخذان سياقات غير عادية أو كما هو مألوف. وقد تم الأمر عبر تعاقد قبلي بين السارد والمتلقي، كما أنه أمر لا يتم الالتفات إليه كثيرا، فالقارئ يمر عليه سريعا بحثا عن الحكاية التي تدور داخل المدينة المحصنة، والمحاطة بأسوار عالية. حسب ما تشير إليه رمزية الأبواب والعسس، وحركتي الفتح والإغلاق. “أنخت راحلتي مع الغسق عند بابها الشرقي. جلست القرفصاء، نمت الليل كله… فتح العسس باب المدينة قبيل شروق شمس باردة”. فالسياق يتضمن كذلك حذفا دالا “نمت الليل كله…فتح العسس الباب…”، وهو حذف مقصود على حافة رفيعة بين النوم واليقظة. لكنه إيذانا بالإعلان عن دخول الحكاية زمن الحلم بامتياز. وأن الأحداث التي تدور في المدينة الغائبة من خريطة الوطن هي أحداث من نسج الخيال والحلم. سيندهش البطل من حالة العري الفاضح التي وجد عليها أهل المدينة، وكل محاولة له بثنيهم لا تجد آذانا
صاغية. ولعل الرجوع إلى دلالة اللون داخل النص قد تمكننا من الكشف عن طبيعة المدينة”لفت انتباهي قصر في وسط المدينة بشرفة دائرية بطلاء أزرق، يبدو كسفينة راسية في مرفأ”. “أطل من الشرفة رجل… كان يتابع كل جامد ومتحرك حوله بعينين ناعستين”(ص 16). وهي إشارات في نظرنا تكشف عن تواجده داخل مستشفى للأمراض العقلية، الذي يتساوى القاطنون فيه ويتشابهون. في حين يبدو لهم الغرباء في حالة غير عادية. لقد برزت حالة التستر (عكس حالة العري) كحالة شاذة داخل هذا الوسط الذي يسود فيه العري، وهو ما يجعل منظومة القيم ذاتها تعرف انقلابا في دلالتها، وتنتج عنها هالة وسلطة لمفاهيم أخرى يمنحها المكان لقاطنيه، ويرجح صواب المنطق المتعارف عليه. “اقتادوني إلى مخفر الشرطة… سألني صاحب الشرطة متهكما:” ما هذا العري الذي أنت عليه أيها الغريب، تأتون لمدينتنا لنشر الرذيلة. نحن نعرف ذلك” . وهي نفس الملاحظة التي سيوجهها إليه البقال الذي كان يعرض سلعته أمام دكانه (وليس داخل دكانه)، “استر نفسك من هذا العري، ألا تستحي؟”.
فالنص تطبعه الغرابة داخل عالم له منظومته الخاصة، ومفاهيمه الخاصة للأشياء ودلالتها. فالجسد هنا “بمجرد ما تمتلكه اللغة والصورة، يكف عن أن يكون جسدا واقعيا ليغدو جسدا ثقافيا بالدرجة الأولى، ومتى ما مس الوصف الجسد، فإنه يتعامل معه انطلاقا من مخزونه الفكري، وذاكرة اللغة وقيمها وأخلاقها”. فالحكاية تبنى على دعامات وهمية، تعمل على التغرير بالمتلقي، وسحبه دون هوادة نحو آفاق غير متوقعة. وستبرز المفارقة بين سلطة الحب وسلطة الوهم كما في نص “رجل ينتظر” ص 23، من خلال الكشف عن زمن انتظار رجل لامرأة ما، عاملا أساسيا لإبراز تعاطف غير مشروط. وهو أمر ما فتئ يقترن بالحالة النفسية للبطل ومعنوياته التي لم ينل
منها الزمن شيئا، بفعل إصرار حديدي استمر لثلاثة عقود، كأمر يدعو للدهشة، والإعجاب بالشخص المنتظر، غير أن هذه الصورة الأولى سرعان ما ستصطدم بطبيعة المرأة المنتظرة كذلك يقول السارد:قلت: – من تكون هذه التي ينتظرها ثلاثة عقود؟أجابني: – والله لو كنت أعرفها لأخبرتها بحاله، لعل قلبها يرق له وتأتي لزيارته”. كذلك من خلال الرد الذي سيتم التعقيب عليه مباشرة “لو تحضر” ستصبح هذه المدة يوما أو بعض يوم”.وستبرز دهشة السارد عندما يراه في محطة للمسافرين، يقول: “شاهدته ينظر إلى المسافرين نظرات نافذة كنظرات البوليس السري في الأماكن العمومية، وحين يئس من خضوعها،
ضرب كفا بكف وانصرف على أمل الرجوع في اليوم الموالي طامعا في حضورها.
نص “رجل ينتظر” ص 24. فالنص يتضمن جزأين: جزء يتحدث عن حالة انتظار طال أمدها من رجل لا يكل ولا يمل،
أصبح الانتظار بالنسبة إليه عملا روتينيا، وطقسا يوميا يمارس بحذافيره، بحب وبشغف محفوف بأمل كبير. في حين سيتضمن الجزء الثاني من النص جملة رابطة تنمّ عن تدخل الكاتب في الأحداث بشكل مباشر “في الجانب الآخر من مدينة أخرى قال لها أحدهم:”إن الرجل الذي أبرقت إليه منذ ثلاثة عقود ما زال ينتظر حضورك”. ستتضح ملامح ذلك الشخص الثالث المبهمة من خلال أحداث النص “قال الذي أخبرها وكان سببا في تقاربهما:”هذا هو الواقع كما شاهدته عيناي وسمعته أذناي أنقله إليك بصدق وأمانة يا سيدتي”. وهو ما يجعله يتموضع في مكان الشخص المحكى عنه في النص كزميل للسارد”شوقني صديقي الموظف في المحطة الطرقية لرؤية هذا المنتظر الولهان، فمررت به في مكتبه بعد خروجي من العمل”31.فلعبة الميتاسرد ظلت مضمرة بصفة نهائية ولم تنكشف بوضوح إلا في النهاية. يقول السارد: سألت صاحبي: – من الذي نقل إلى المرأة خبر انتظار الرجل لها؟ضحك ضحكة بلهاء وأشار بأصبعه قائلا: – ومن يكون غيرك أيها الماكر؟ فأنت الكاتب”.” يشير الدكتور جميل حمداوي، أنه من وظائف الخطاب الميتاسردي” خلق نص سردي بوليفوني، متعدد الأصوات، والأطروحات، واللغات، والأساليب، والمنظورات الإيديولوجية.وتكسير الإيهام بالواقعية لإبعاد الوهم والاستلاب عن المتلقي”. فنصوص القاص محمد مباركي، تمتاز بما تمارسه من سلطة، وجاذبية على المتلقي. كما أن قصرها يجعل منها نصوصا ذات نفس غير مغامرة في الإطناب والتكرار، ولا تسقط في شرك التمطيط. إنها قصص قصيرة على مقاس دقيق جدا تعتمد المراوغة، والتركيز، والتسريع بالحدث نحو نهاية غير متوقعة. كما تميزت بمتح حكاياتها من الواقع المعاش، ومن مآسيه أحينا. فهي بهذا المعنى صوت شريحة مقهورة، تحاول بكل ما أوتيت من وسائل الثورة على واقعها أو الحلم بتغيره على الأقل . لكنها تصاب في النهاية بالإحباط، والخيبة.
جزء من قراءة طويلة
> بقلم: حميد ركاطة