قصيدة من وحي لوحة

إذا كان لسحر الألوان قوة جاذبة تدعونا للتأمل والغوص عبر جغرافيتها واستراتيجياتها البصرية وإيقاعاتها ورمزيتها المتفاعلة، التي تتسلل إلى مسالك الروح ودواخل الذات البشرية على اختلاف تفاعلاتها، فللقصيدة سحر خاص يعج بالمفردات والكلمات التي تنبثق منها الصورة الشعرية بكل دلالاتها ورمزيتها التي تشعرنا بذواتنا وبالآخرين أيضا، وبالتالي فهي ثنائية وثيقة الصلة فيما بينها، فألوان اللوحة قصيدة مرئية، وأبيات وبحور القصيدة لوحة شعرية. وتعتبر سلسلتنا هذه “قصيدة من وحي لوحة ” جسر تواصل وتلاقح بين الفن التشكيلي والقصيدة الشعرية من خلال باقة فريدة من اللوحات على اختلاف مستوياتها ومدارسها الفنية لمجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة، ومجموعة قصائد شعرية لنخبة من الشاعرات و الشعراء الذين اجتهدوا لتأكيد هذه الثنائية التي تجمع بين فن الرسم وفن الشعر من خلال قصائد نظمت من وحي هذه اللوحات.

< إعداد: محمد الصفى

الحلقة السابعة

الشاعر محمد الشافعي والتشكيلي محمد القاسمي

محمد القاسيمي من مواليد مدينة مكناس 1942، واحد من الأسماء التي طبعت مرحلة نضج الفن التشكيلي في المغرب، تميزت أعماله بحضور مركزي للهم الوجودي والقضايا الإنسانية، وافته المنية سنة 2003

” دعاة الحرية”

 

حَرَسْتُ أنْ تبْقَى حياتي
كما كُنتُ أتصَورُها في ٱلطّفولَة
كلُّ شَيْءٍ بِعَفْويَة
وفي بِدايَةِ نُضْجِي
حيث ٱلْأمَلُ قبْلَ ٱلفُحُولَة
أرْسمُ… أنْهَجُ سُبُلَ ٱلنّجاحِ
وكَمْ كانَتْ مِنْ أُمْنيَة
عَبَّدَتْ طَريقي ٱلْبَرَاءَة
جَعَلَتْ لَهَا ٱتِّجاهاً في كُلِّ صَوْبٍ
لا وُجُودَ لِلْحَظْرِ
ولا منطقَةً مَعزُولَة
فَكان نُضْجِي على قَدْرِ ٱلْحُبِ
ولا جُهُودَ على ٱلْحُب مَبْذُولَة
كَأنَّ دُرُوبَ ٱلدنيا، كانتْ نَقِيَة
لَمْ أسْمَع يَوْماً بِٱلْحُدودِ ٱلْوَهميَة
أسْمعُ شُيُوخَ ٱلدَّربِ دَوْماً يُرَدِّدُونَ:
إنّما ٱلْأعمالُ بِالنية
هَا أنا ٱلْيوْمَ وفي عصرِ ٱلدِّيمُقْراطيَة
مَسْجُونٌ في داخِلي
لا أسْتَطِيعُ ٱخْتِراقَ ذاتي
وعلى كَتِفي مِنَ ٱلْهَمِّ
أكْبَرُ حُمُولَة. مُخْلِصٌ لِأُصُولي ٱلرُّوحيَة
لِأنَّ ٱلْأرضَ بِالسلامِ
كانَتْ ثَرِيَة
انتْ تَحكُمُنَا ٱلْقِيَمُ وَٱلْأخْلاقُ
وَمَا كانتْ بَيْنَنَا حُرُوبٌ أهْلِيَة
أنا ٱلْغَريبُ ٱلْآنَ عَنِّي
لا أُشْبِهُ نَفْسٌي
أصرُخُ تحتَ هذه ٱلْعَتَمَة ٱلْقاتِمَة
مَوْقِعِي… وِجْهَةٌ مَجْهُولَة
دُخانُ ٱلْمَوْتِ يُغَطِّي فَضَاءَ ٱلسماء
ما عَادَتْ زُرقَتُهَا تَمُدُّنِي
بٱلْهُدُوءِ وٱلصَّفاء
ولا نّجُومُها تَبْدُو بِأوْجُهٍ مَصقُولَة
أليسَ عَلى قَدرِ ٱلنّيَة
تُنْتَهَكُ ٱلْحُقُوقُ وَتُسْلَبُ ٱلْحُرّيَة؟
ألَيْسَ ٱلصِّراعُ ٱلْقَائٌمُ بَيْنَنا
ما كانَ يَكونُ لَوْلا أخْطَاءُ ٱلْبَشَريَة؟
إنْ كُنَّا أحراراً حَقّاً في هذهِ ٱلدنيا
ما كُنَّا دُعَاةَ حُريَة.

محمد الشافعي

الوسوم , , ,

Related posts

Top