نوه رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز، الذي قام، يوم الاثنين الماضي، بزيارة عمل للمغرب، بالدور الريادي لجلالة الملك محمد السادس في إفريقيا، خصوصا إثر عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، وفي مجال الهجرة، باعتبارها ظاهرة عالمية تطال العديد من البلدان.
وعبر رئيس الحكومة الاسبانية الذي استقبل في الرباط من قبل جلالة الملك محمد السادس، في تصريح للصحافة عند مغادرته لمطار الرباط- سلا، عن “الإرادة القوية” لبلاده في تعزيز العلاقات الاقتصادية، التجارية، الثقافية، السياسية وكذا في المجال التعليمي، مع المغرب.
وأبرز أن الاستقبال الملكي كان “إيجابيا للغاية” وشكل فرصة لتبادل عدة وجهات نظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، موضحا أن الأمر يتعلق بعقد اجتماع رفيع المستوى بين الحكومتين في 2019 ومنتدى مغربي إسباني للأعمال، من أجل تعميق العلاقات الاقتصادية، السياسية والثقافية بين البلدين.
وفي السياق ذاته، جدد رئيس الحكومة الإسبانية تأكيد عزم بلاده على تعزيز التعاون مع المغرب في مجال محاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وأشاد بيدرو سانشيز، في لقاء مع الصحافة إثر مباحثات أجراها مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بالجهود التي تبذلها المملكة المغربية لمواجهة ظاهرة الهجرة السرية، مركزا على أهمية التعاون في هذا المجال.
وقال سانشيز إن محاربة الهجرة غير الشرعية تتطلب “مسؤولية مشتركة” من قبل البلدان المعنية، بما فيها إسبانيا، مبرزا في هذا الاتجاه أن دعم الاتحاد الأوروبي “لا غنى عنه دائما”.
وأكد التزام مدريد بدعم مبادرة “3 س” ضد التصحر التي يرأسها كل من المغرب والسنغال والرامية لدعم الاستدامة والاستقرار والأمن في إفريقيا، نظرا لوجود صلة مباشرة بين ظاهرتي التصحر والهجرة.
من جهة أخرى، أشاد رئيس الحكومة الإسبانية باحتضان المغرب للمؤتمر الدولي حول الهجرة المرتقب يومي 10 و11 دجنبر القادم بمراكش، مضيفا أن إسبانيا ستكون ممثلة على أعلى مستوى في هذا الملتقى.
من جانبه، رحب السيد العثماني بالتعاون القائم مع إسبانيا في هذا المجال، مبرزا أن قضية الهجرة، التي تعد “معقدة ومتشابكة”، لا يمكن تسويتها فقط عبر المقاربة الأمنية.
ودعا، في هذا الصدد، إلى مقاربة تنهض بالتنمية في المناطق المصدرة للهجرة السرية، مشيدا بالتزام إسبانيا بالدعم السياسي والمالي لمبادرة “3 س” التي أطلقت خلال كوب 22.
كما ذكر رئيس الحكومة بالجهود التي يبذلها المغرب لمحاربة شبكات تهريب المهاجرين وحل قضية الهجرة في إطار مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
وأبرز المقاربة الإنسانية التي ينهجها جلالة الملك محمد السادس في التعاطي مع هذه القضية، مذكرا باختيار جلالة الملك رائدا للاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة.
وكان قد حل رئيس الحكومة الإسبانية، يوم الاثنين الماضي بالرباط، في إطار زيارة عمل للمغرب، على رأس وفد هام يضم عددا من أعضاء حكومة مدريد وكبار المسؤولين.
***
العثماني يبحث بأديس أبابا مع أمينة محمد مبادرات معالجة ظاهرة الهجرة
أجرى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، على هامش مشاركته في أشغال الدورة الـ 11 الاستثنائية لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي حول الإصلاح المؤسساتي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مباحثات مع السيدة أمينة ج. محمد نائبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، تمحورت على الخصوص حول مبادرات الحد من آثار التغيرات المناخية، وجهود معالجة ظاهرة الهجرة.
وخلال هذه المباحثات التي جرت بحضور الوزير المنتدب المكلف بالتعاون الإفريقي محسن الجزولي، تطرق العثماني إلى التعاون بين المغرب والمنظمة الأممية في هذه المجالات، مجددا التأكيد على “الانخراط التام للمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس في جهود المنتظم الدولي للحد من آثار التغيرات المناخية”.
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس الحكومة بإطلاق المغرب في إطار الإستراتيجية الوطنية الطموحة للتنمية المستدامة، لمجموعة من المشاريع الكبرى التي تهم على الخصوص تعزيز تطوير الطاقات النظيفة وتشجيع المبادرات الصديقة للبيئة.
كما ذكر رئيس الحكومة من جهة أخرى، بالجهود التي تبذلها المملكة في مجال معالجة إشكالية الهجرة، والتي ترتكز على مقاربة التنمية المستدامة وخلق شروط العيش الكريم والأمن والاستقرار في مناطق انطلاق المهاجرين، في إطار التعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية.
من جانبها، نوهت المسؤولة الأممية بالمساهمة الفاعلة للمملكة المغربية في الجهود الدولية الرامية للحد من تداعيات التغيرات المناخية، حيث ذكرت بتنظيم المغرب للقمة الدولية للمناخ (كوب 22) وانخراطه في إنجاح الدورة الموالية لهذا الملتقى الدولي، وكذا إطلاقه لمشاريع كبرى في إطار إستراتيجية هامة للتنمية المستدامة. وسجلت أن هذه الإنجازات تجعل من المملكة سندا هاما لمبادرات المنظمة الأممية في مجال تعبئة الطاقات والموارد الضرورية لمكافحة ظاهرة التغيرات المناخية.
من جهة أخرى، أشادت السيدة أمينة ج. محمد بالمقاربة المغربية في هذا المجال وبانخراط المملكة في العديد من المبادرات الرامية لخلق وتعزيز شروط الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، كحل لإشكالية الهجرة.
***
مشاركون يشددون على حق الصحة بالنسبة للاجئين
شكل موضوع “الحق في الصحة بالنسبة للاجئين: التحديات والرهانات” محور ندوة دولية، افتتحت أشغالها أول أمس الثلاثاء بوجدة، ونظمت بمبادرة من الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة.
وتهدف هذه التظاهرة، التي تنظم تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى الإسهام في النهوض بالبحث بشأن موضوع الصحة بالنسبة للمهاجرين واللاجئين من خلال إثارة النقاش بخصوص العديد من المواضيع ذات الصلة.
وتتوزع محاور هذه الندوة الدولية بين مواضيع متعلقة، على الخصوص، بالحق في الصحة بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء، ونقاط التشابه والاختلاف في ما يتعلق بقضايا اللاجئين والمهاجرين، والهجرة بين البلدان الإفريقية، والإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، فضلا عن مواضيع أخرى ذات صلة.
وفي افتتاح هذه التظاهرة، أبرز والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي أهمية هذه الندوة التي تتناول إحدى الجوانب الأساسية من القضايا المعاصرة التي يعرفها العالم بمنسوب أكبر في العقود الأخيرة، ألا وهي قضية اللاجئين، في شقها المتعلق بالحق في الرعاية الصحية.
ولئن كان هذا الحق من الحقوق الأساسية للإنسان في كافة المجتمعات، يضيف الجامعي، فإنه يطرح بشكل أكثر إلحاحا بالنسبة لهذه الفئة التي قدرت عليها الظروف أن تغادر أوطانها، ولا يتعين أن تكون محرومة من أي من الحقوق الأساسية، بعدما حرمت من العيش في دفء بلدانها.
وفي هذا الصدد، أكد والي الجهة أنه في إطار التعامل الإنساني مع قضية المهاجرين واللاجئين، وبتعليمات سامية من جلالة الملك محمد السادس، فقد تقرر تسوية الوضعية القانونية لهؤلاء، على مرحلتين في سنتي 2015 و2017، من خلال تمكين أكثر من 50 ألف من المهاجرين من أوراق الإقامة، وجعلهم يتمتعون بكافة الحقوق الأساسية التي يتمتع بها نظراؤهم المغاربة.
وأبرز أنه من بين هذه الحقوق الحق في الرعاية الصحية، لافتا إلى أن “أي مهاجر أو نازح أو لاجئ وجد فوق تراب بلدنا، إلا ويتمتع بالحق في العلاج والاستفادة من كافة الخدمات الصحية التي توفرها الدولة على صعيد البنيات الاستشفائية شأنه في ذلك شأن باقي المواطنين المغاربة، من غير أي تمييز”.
وفي السياق ذاته، أكدت الرئيسة المنتدبة للجمعية المغربية لتنظيم الأسرة لطيفة الجامعي أن المواثيق الدولية المتعلقة بالحق في الصحة بالنسبة للاجئين والمهاجرين وكذا السياسة التي يتبناها المغرب في هذا المجال، تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية، تجعل من المملكة “بلدا مضيفا ملتزما بتقديم الخدمات الصحية دون أي تمييز”.
وأبرزت مختلف الاستراتيجيات التي أرستها القطاعات الحكومية في هذا الصدد، لاسيما الوزارة المكلفة بالهجرة ووزارة الصحة، وكذا الدعم الذي تقدمه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المدني.
كما ذكرت لطيفة الجامعي بأن نظام المساعدة الطبية “راميد” ارتكز على مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة الفئات المعوزة.
من جهته، أبرز مدير قسم البرامج بمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، أكرم الطرفاوي الزيادي، الشراكة الإستراتيجية التي تربط المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالحكومة المغربية في ما يتعلق بدعم الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.
وتابع أن هذا الدعم جاء ليعزز الجهود التي يبذلها المغرب في تدبير ظاهرة الهجرة وكذا مشاركة المغرب كفاعل على الساحة الدولية من أجل تدبير القضايا المرتبطة بالهجرة واللجوء.
وفي السياق ذاته، أكد الزيادي أن هذه الندوة حول الحق في الصحة بالنسبة للاجئين تعد فرصة لمناقشة الجوانب الإجرائية وإرساء مخطط عمل سيناقش في السنوات الخمس القادمة آفاق الولوج إلى الصحة بالنسبة للاجئين، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لمغادرة بلدانهم الأصلية واللجوء إلى المغرب، بوصفه أرضا للاستقبال.
وأضاف أن الولوج إلى الصحة يعد محورا أساسيا بالنسبة لهذه الفئة الهشة، مبرزا البعد الإنساني للإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، التي تم إطلاقها بتعليمات من جلالة الملك محمد السادس.
من جهته، أكد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة محمد بنقدور أن الأدوار المجتمعية التي يجب أن تضطلع بها الجامعة المغربية، بالإضافة إلى التكوين والبحث العلمي، تستوجب الإسهام في تنزيل السياسة الوطنية للهجرة واللجوء.
وقال إنه بالنظر إلى الحاجة الملحة لأبحاث علمية حول قضايا الهجرة واللجوء، فان جامعة محمد الأول عملت على إرساء مركز للدراسات الجامعية للهجرة سنة 1990 يجمع باحثين في التخصصات المختلفة والتكميلية كعلماء الاجتماع والاقتصاد والجغرافيا واللغة والحقوق.
وأوضح أن هذا المركز يهدف بالأساس إلى جمع البيانات الكمية والنوعية عن حركات الهجرة من أجل تشكيل بنك بيانات متخصص، فضلا عن الإسهام في تطوير المناهج النظرية المتعلقة بتعزيز السياسات التي قدمها المغرب في مجال الهجرة واللجوء على المستوى الوطني والأفريقي والدولي، وإطلاق نقاش عام على المستوى الوطني والأفريقي والأوروبي والدولي حول قضايا الهجرة واللجوء والتكامل بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ووفق أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء بالمغرب، إلى حدود 31 مارس 2018، ما يناهز 7139 شخصا، موزعين على 53 مدينة، من بينها وجدة التي حلت في المركز الثالث ب 567.
إلى ذلك، تنظم هذه الندوة الدولية، على مدى يومين، بشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجامعة محمد الأول بوجدة، وبدعم من وزارة الصحة.
***
***
باحثون يشددون على دور المدن والجماعات الترابية في معالجة قضية الهجرة
أبرز مشاركون في ملتقى حول “البعد المحلي للهجرة بالمغرب”، أول أمس الثلاثاء بطنجة، أن المدن والجماعات الترابية، سواء كانت محلية أو جهوية، أصبحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى للاضطلاع بدور محوري في معالجة قضية الهجرة واستقبال المهاجرين.
وأشار المشاركون في الملتقى، المنظم بتعاون بين جماعة طنجة والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، إلى أنه إذا كان وضع استراتيجيات وسياسات متعلقة بالهجرة من اختصاص الدولة، فإن المدن والجماعات الترابية توجد اليوم في الصف الأمامي لتوفير استقبال لائق وإنساني للمهاجرين.
وقال عمدة طنجة، محمد البشير العبدلاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الهجرة قضية راهنة تكتسي أهمية كبيرة على الصعيد الدولي بالنظر إلى صلتها المباشرة بالإنسان”.
واعتبر أن الهجرة تشكل اليوم “مصدر انشغال للعديد من البلدان”، مضيفا بهذا الصدد أن المغرب أخذ بزمام المبادرة والريادة من خلال تبنيه سياسة هجرة متقدمة، ويستعد اليوم لتنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للمصادقة الرسمية عل الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، حيث ينتظر أن يشارك في أشغاله أزيد من 6 آلاف شخص.
وسجل عمدة مدينة طنجة أن “المنتخبين أصبحوا معنيين أكثر بإيجاد حلول لاستقبال المهاجرين قبل تسوية وضعيتهم”، موضحا أن الأمر يتعلق بحلول على مستوى التربية والتعليم والعلاجات الصحية والحفاظ على كرامتهم.
وقال العبدلاوي إن “توصيات الملتقى ستكون ذان نفع كبير من أجل توجيه عملنا والمساهمة في تأهيل مواردنا البشرية”.
من جهته، لاحظ مدير البرامج بمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، محمد بصراوي، أن الحياة اليومية للمهاجرين تدبرها الجماعات الترابية، معتبرا أن “مسؤولية توفير الخدمات المرتبطة بالتعليم والعلاج والسكن والشغل توجد على عاتق الجماعات الترابية المحلية والجهوية”.
وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الأمر لم يعد مقتصرا على الإدماج فقط، بل باندماج المهاجرين في المجتمع، أي أن المهاجر والجهة المستضيفة يتعين أن يقوما بمجهودات لضمان “نجاح التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية”.
أما بالنسبة لسعد علمي مروني، مدير شؤون الهجرة بالوزيرة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، ف “الجماعات الترابية تضطلع بدور محوري في تنفيذ سياسة الهجرة”.
وذكر مروني بأن الوزارة المنتدبة، بشراكة مع منظمة الهجرة الدولية، بصدد وضع اللمسات الأخيرة على برنامج “اندماج”، وهي مبادرة ترمي إلى إدماج بعد الهجرة في مخططات تنمية الجهات، موضحا أن المرحلة الأولى من البرنامج تهم جهة الشرق فقط، بينما ستشمل المرحلة الثانية جهتي سوس – ماسة وطنجة – تطوان – الحسيمة.
ويمتد الملتقى على يومين، حيث يضم البرنامج عددا من الندوات التي ستناقش دور الجماعات في سياسة الهجرة، والتنسيق والتواصل على الصعيد المحلي، والحوار بين إفريقيا حول قضية الهجرة، وانخراط المجتمع المدني في إدماج المهاجرين.