انبثقت بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، مجموعة من الطاقات الشابة، التي برز اسمها في عالم الابتكار والاختراع، فكلما شاركت في مسابقات دولية ما، إلا وحصل عدد كبير منها على جوائز ذهبية، أو فضية.. رافعين الأعلام المغربية، في كل من دولة؛ كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الجنوبية، وماليزيا.. إلى غيرها من الدول التي تستضيف منتديات عالمية، خاصة بأحدث الاختراعات والابتكارات.
المخترعون المغاربة، الذين جلهم شباب ينتمون إلى الجيل الجديد، استطاعوا أن يتوصلوا من خلال أبحاثهم، من داخل مختبرات الجامعات المغربية، عبر ربوع المملكة، إلى اختراعات حديثة، تواكب التطور العلمي والتكنولوجي الحديث، في مجال الطاقة البديلة، والتكنولوجيا، وكذا عالم السيارات، وصناعة المحركات..
وشكلت الجوائز التي حاز عليها ولا يزال المغاربة، في كبريات المسابقات العالمية، في ميدان الاختراع، حافزا ودافعا معنويا لهم، ما جعل المؤسسات المغربية، تنخرط، وتبادر بشكل تلقائي إلى تكريم هذه الطاقات، وتوفير الإمكانيات لها على قدر المستطاع. !
إلى جانب، هذا، يوشح جلالة الملك محمد السادس، في كل مناسبة وطنية، الشباب المغربي المخترع، وهو ما يشكل دافعا معنويا لباقي الطلبة، الذين يجتهدون في محاولة ابتكار واختراع أشياء جديدة، تنضاف إلى سلسلة الاختراعات السابقة للمغاربة.
واهتماما منها بالموضوع، تحاول بيان اليوم، طيلة أيام شهر رمضان، أن تقترب من هؤلاء المخترعين، واختراعاتهم الحديثة، بالإضافة إلى تتبع مساراتهم الدراسية، والجوائز التي حصدوها في مختلف الملتقيات الدولية، تعريفا منها بهذه الطاقات الشابة التي تستحق التشجيع والتنويه ودعمها معنويا، حتى تواصل مسارها في عالم الأبحاث العلمية بشكل ثابت.
عدنان رمال، من مواليد سنة 1962م، بمدينة فاس، وهو أستاذ، وعالم مغربي متخصص في علم الأحياء، خبير في الاستنبات المائيّ وعلوم الغذاء والحيوان.
العالم المغربي حصل على شهادة الدكتوراه في الفارماكولوجية الجزيئية (علم الدواء الجُزيئيّ) من جامعة باريس عام 1987م، وعلى دكتوراه الدولة في علم الجراثيم سنة 1994م من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ليتم تعيينه أستاذا باحثا بالجامعة نفسها.
يعد الباحث المغربي في علوم البكتيريا عدنان رمال، أول عالم من إفريقيا يحصل على جائزة المخترع الأوروبي 2017 التي ينظمها سنويا المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع منذ سنة 2006 الذي يوجد مقره بميونخ في ألمانيا.
المبتكر المغربي حصل على أكبر عدد من أصوات الجمهور، وذلك بعد التصويت الذي تم عبر الموقع الإلكتروني المخصص لذلك، وقال بينوا باتيستيللي، رئيس المكتب الأوروبي للبراءات، إن الأصوات المعبر عنها عبر الموقع تؤكد أهمية الابتكار من حيث مساهمته في القضاء على مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
و قال بينوا باتيستيللي، إن “ابتكار عدنان رمّال يهب بذلك وسيلة جديدة للعمل على محاربة تطور المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية”، وأضاف: “وقد أثبت أن المضادات الحيوية الطبيعية والزيوت الأساسية يمكنهما الاندماج لمضاعفة مفعولهما، وقد استطاع أيضا بهذا الابتكار المهم أن يساهم بشكل قوي في تطوير المجال الصيدلي بالمغرب.”
وقد اجتمع قرابة 600 مدعو من عالم السياسة والأعمال وبعض الفعاليات الثقافية والعلمية وذلك بالمعلمة التاريخية دار ترسانة البندقية بإيطاليا، من أجل حضور حفل توزيع جوائز المبتكر الأوروبي لسنة 2017 الذي أعطى انطلاقته رئيس المكتب الأوروبي للبراءات بينوا باتيستيللي بمعية وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي كارلو كاليندا.
وشارك عدنان في المسابقة، عن طريق اختراعين، يتعلق الأول بمكمل غذائي يخلط مع علف الحيوانات عوض المضادات الحيوية، والنتيجة أن المربين يحصلون على نتائج سارة أحسن مما كانوا يحصلون عليه باستعمال المضادات الحيوية، وبكلفة أقل، دون أي خطر على صحة المستهلك، وهذا المكمل الغذائي موضوع في السوق منذ سنة 2013.
بينما يتعلق الاختراع الثاني بعقار يقدم للبشر، يعالج التعفنات التي تسببها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ويتكون هذا الدواء من مضادات حيوية أضيفت لها مواد طبيعية مستخلصة من الزيوت العطرية.
وقال عدنان رمال في تصريح صحافي له، أن “طريقة خلط هتين المادتين تؤدي إلى تفاعل بينهما، وهذا التفاعل يفضي إلى جزئية جديدة قادرة على محاربة البكتيريا المقاومة، وذلك لأن آليّات المقاومة لا تتعرف على هذه الجزئية الجديدة”.
وأوضح أن هذا الدواء اختبر على المستوى السريري في مجال تعفنات المسالك البولية وأعطى نتائج باهرة.
جدير بالذكر أن المبتكر المغربي، تمكن مباشرة بعد حصوله على الدكتوراه، من العودة إلى المغرب، حيث شيّد مختبرا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، مفضلا التعاون مع أساتذة ومختبرات داخل المغرب، بدل الاشتغال في أوروبا.
> يوسف الخيدر