من ذاكرة التنافس على تنظيم بطولات كأس العالم لكرة القدم -الحلقة9 –

سيحاول المغرب مرة أخرى، أن يحظى بشرف استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026، وللمرة الخامسة، تقدم المملكة المغربية ترشيحها لاستضافة أهم وأقوى حدث رياضي يقام كل أربع سنوات ويحظى بشعبية كبيرة تفوق حتى الألعاب الأولمبية، لكن الملف المغربي كممثل لقارة إفريقيا، سيواجه منافسا قويا بثلاثة رؤوس، والمتمثل في ملف تحالف الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك. أربع محاولات سابقة باءت بالفشل، وهي 1994 بأمريكا، و1998 بفرنسا، و2006 بألمانيا، و2010 بجنوب إفريقيا، ورغم ذلك يواصل المغرب حملة الدفاع عن ملف “موروكو 2026″، رغم مطبات وهجمات يتعرض لها في الأشهر الأخيرة من أجل الإطاحة قبل بلوغ مرحلة التصويت الذي ستعتمد على أصوات 207 اتحادا وطنيا، بدل الرجوع لآراء أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وفي انتظار الإعلان هوية البلد المضيف للنسخة الـ 23 لكأس العالم على هامش المؤتمر الـ68 لـ (الفيفا) في يوم الـ 13 يونيو القادم، أي قبل يوم من انطلاق نهائيات مونديال روسيا بمشاركة المنتخب المغربي، تستعرض “بيان اليوم” التنافس الذي اندلع بين دول حول شرف استضافة بطولات كأس العالم، طيلة 22 دورة، منذ النسخة الأولى من المونديال سنة 1930 بالأوروغواي إلى آخر دورة بقطر سنة 2022.

انسحاب متبادل بين ألمانيا الغربية وإسبانيا… والمكسيك تتنازل للأرجنتين عن مونديال 1978

في ظروف وصفت بالغريبة آنذاك فيما يخص منح حق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تحديد الدول الثلاثة المستضيفة لدورات 1974 و1978 و1982، حيث ترشحت ألمانيا الغربية وإسبانيا في مناسبتين خاصتين بقارة أوروبا، بينما عاودت المكسيك والأرجنتين ترشحها للدورة الخاصة بالقارة الأمريكية.
ففي الاجتماع الذي عقده الاتحاد الدولي بالعاصمة الإنجليزية لندن في 6 يوليوز 1966، فازت ألمانيا الغربية التي فشلت في مناسبتين متتاليتين (مونديالي 1962بالشيلي و1966 بإنجلترا) بتنظيم المونديال العاشر في تاريخ البطولة، بينما نالت الأرجنتين هذا الشرف للمرة الأولى في تاريخها رغم أنها ترشحت 3 مرات سابقة (مونديالات 1938 بفرنسا و1962 بالشيلي و1970 بالمكسيك)، في حين تم منح استضافة النسخة الثانية عشرة لإسبانيا التي فازت به أيضا لأول مرة.
خلال هذا الاجتماع لم تلجأ (الفيفا) إلى عملية التصويت بين الدول المترشحة التي دخلت في عمليات تفاوض أدت إلى اتفاق بين مرشحي أوروبا يقضي بانسحاب ألمانيا الغربية من التنافس على تنظيم مونديال 1982 لصالح إسبانيا مقابل انسحاب الأخيرة من مونديال 1974، أما مونديال 1978 فقد آل لصالح لأرجنتين بعد انسحاب المكسيك من السباق، بحكم أن الأخيرة نظمت مونديال 1970، وسيكون مبالغا فيه احتضان البلد المنتمي لشمال أمريكا دورة ثانية بعد 8 سنوات فقط.
مونديال ألمانيا الغربية الذي نظم في الفترة ما بين 13 يونيو و7 يوليوز 1974، شهد على غرار دورة 1970 بالمكسيك العديد من التغييرات في البطولة، على رأسها صناعة كأس جديدة لمنحها للبطل، وذلك بعدما حصل المنتخب البرازيلي على كأس جول ريميه إثر تتويجه بثلاثة ألقاب بمونديالات 1958 بالسويد و1962 بالشيلي و1970 بالمكسيك، ثم انتخاب رئيس جديد لـ (الفيفا) من خارج أوروبا في شخص البرازيلي جواو هافيلانغ، كما تم اعتماد نظام جديد يقضي بتقسيم المنتخبات الـ16 المشاركة إلى 4 مجموعات على أن يتأهل أول وثاني كل مجموعة إلى الدور الثاني الذي اعتمد على نظام مجموعتين يتأهل متصدراها إلى المباراة النهائية.
كما كان متوقعا، تأهلت ألمانيا الغربية إلى النهائي الذي أقيم بالملعب الأولمبي بالعاصمة ميونيخ، وانتزعت اللقب الثاني في تاريخه بعد مونديال 1954 بسويسرا، بقيادة القيصر فرانك بيكنباور، بعد تغلبها بهدفين لواحد على جيل ذهبي للمنتخب الهولندي ضم أفضل لاعب في تلك الفترة يوهان كرويف.
أما مونديال 1978 بالأرجنتين الذي لم يلق قبولا من الدول المشاركة بسبب حدوث انقلاب عسكري فيها في بطولة طغت عليها السياسة، فقد عرف اعتماد راع رسمي للبطولة للمرة الأولى (شركة كوكاكولا للمشروبات الغازية)، وتم أيضا إقرار نظام ضربات الترجيح للمرة في تاريخ كأس العالم.
وكما حدث في الدورة السابقة، توج منتخب البلد المضيف باللقب لأول مرة، وذلك بعد انتصاره على هولندا بثلاثة أهداف لواحد على أرضية ملعب “أنطونيو فيسبوكيو ليبرتي” بالعاصمة بيونيس آيريس.
وبالنسبة لمونديال 1981 بإسبانيا (13 يونيو -11 يوليوز)، فقد كانت أول بطولة تلعب بـ 24 منتخبا موزعين على 6 مجموعات وجرت مبارياتها على 17 ملعبا في 14 مدينة، واعتبرت من أكثر الدورات إثارة، كما حدث في مباراة المنتخبين الإيطالي والبرازيلي التي انتهت لصالح الطليان الذين نجحوا في إسقاط جيل ذهبي للبرازيليين بطريقة “الكاتانتشيو” وأهداف المهاجم باولو روسي.
وفي المباراة النهائية التي عرفت حضورا جماهيريا فاق 90 ألف متفرج بمدرجات ملعب “سنتياغو بيرنابيو” بالعاصمة مدريد، تغلبت إيطاليا على ألمانيا الغربية بثلاثة أهداف لواحد، لتحرز كتيبة “الآزوري” اللقب الثالث في تاريخها بعد مونديالي 1934 على أرضها و1938 بفرنسا، معادلة إنجاز المنتخب البرازيلي في عدد مرات الفوز باللقب العالمي.

< صلاح الدين برباش

Related posts

Top