بات لازما علينا تصنيف مجموعة من المواد المخدرة التي يتم ترويجها في صفوف الشباب والقاصرين، وفق درجة خطورتها على مستهلكيها. وإعادة النظر في الأحكام القضائية التي تصدرها محاكم المملكة في حق مستهلكي ومروجي المخدرات السامة منها «القرقوبي» و»الماحيا» وغيرها من المخدرات المصنوعة يدويا.
حان الوقت لتصنيف هذا النوع من المخدرات. الذي يفقد مستهلكه العقل والصحة والإنسانية ضمن السموم التي تفتك بالحياة البشرية. واعتبار مستهلكيه مرضى. ومروجيه قتلة بالتسلسل وجب تشديد العقوبة في حقهم. و ليس بضعة أشهر يقضونها داخل السجن. حيث يزدادون قوة وإدمانا وانحرافا. واعتبار رجال ونساء الأمن الوطني والدرك الملكي المتواطئين معهم مشاركين في عمليات القتل الجماعي.
رجاء ارأفوا بأطفالنا وشبابنا الذين كتب عليهم أن يدمنوا على استهلاك «حبوب الهلوسة» وخمر «الماحيا» و… هؤلاء ضحايا الخبث والعفن والإهمال الحكومي، تم اغتيالهم في صحتهم وعقولهم ومستقبلهم. على الحكومة أن تبادر إلى اعتبارهم مرضى، وإحداث مراكز ومستشفيات لعلاجهم، وتسخير أجهزتها الأمنية والدركية من أجل حمايتهم. ووقف ترويج «القرقوبي» الذي يصدره لنا جنرالات الجزائر بالمجان، أو الذي يتم الحصول عليه بتواطؤ مع بعض الأطباء و الصيدلانيين الفاسدين أو بعض مزوري الوصفات الطبية… عوض أن تكتفي باعتبارهم جناة ومجرمين. وتحمل في وجوههم شعار»الاعتقال والإحالة على القضاء والسجن» بتهمة استهلاك المخدرات . علما أن سجون مملكتنا السعيدة بينها وبين الإصلاح والتهذيب والعلاج أسوار من الفساد. و عوض أن يتم علاج المرضى المدمنين، نجدهم يزدادون إدمانا. ويتحولون إلى منحرفين ومروجين ومجرمين محترفين.
هؤلاء المدمنين الذين يعيشون بيننا بأجساد مخربشة وعقول غائبة.. لا يشاركوننا إلا الأكل والشرب والنوم. ناذرا ما نجدهم هادئين ومحاورين. يقضون معظم أوقاتهم ليلا ونهارا في العربدة والعنف. يتنافسون في إيجاد المفردات الساقطة. يجدون ضالاتهم في الاحتكاك بكل من جادلهم أو حياهم، أو حتى مر بقربهم. يتفننون في أساليب سب وقذف الإنسان والأرض والعرض والواقع والدين والملة. هؤلاء ليسوا مجرمين ولا منحرفين لتزجوا بهم داخل السجون، وتقذفوا بهم في الشوارع والخلاء. هؤلاء مرضى بالإدمان والسموم ومضطربين نفسانيا في حاجة إلى العلاج من أمراض تركت لتنشر وتستفحل بأمن وأمان بواسطة مروجين همهم الوحيد تكديس الثروات. إن المدمن على «القربوبي والماحيا» يتحول إلى وحش يفقد السيطرة على نفسه. يعتدي ويسرق ويقتل ويغتصب ويرتكب أعنف الجرائم. يعنف حتى أقرب الأصول «أب، أم، أخت، أخ، زوجة..». يتحول إلى وحش عندما يستهلك تلك الأقراص السامة أو «خنيشة ميكة من الماحيا». يتحول إلى وحش عندما لا يجدها. ويتحول إلى ذئب بشري فاقد للأهلية، عندما يريد البحث عنها أو توفير المال لاقتنائها. قد يعتدي على نفسه بالأسلحة البيضاء وغيرها مما تيسر له. فلا هو يبتغي المال من أجل السعادة ولا من أجل حياة جديدة ولا من أجل حاجة يفتقدها. المال بالنسبة إليه يعني «القرقوبي والماحيا».
أتدرون أن المجرمين الحقيقيين هم تجار تلك السموم، الذين يحرصون على عدم استهلاكها. ويجتهدون من أجل توسيع دائرة زبائنهم. لا يهمهم إن كان زبائنهم أطفالا أو تلاميذ أو طلبة أو فتيات أو … أسسوا شبكات داخل الأحياء السكنية ومحيطات المؤسسات التعليمية والشوارع والأزقة والمرافق الرياضية والثقافية والفنية والسجون. أتدرون أن «الماحيا» تصنع من العفن والصراصير والفئران ومياه الوادي الحار. وأن تلك المواد هي سموم قاتلة. وكل من يواظب على استهلاكها فهو يعلن عن بداية انتحاره تدريجيا. أليس صانعوها ومروجوها قتلة ؟. ألم ندرك بعد أن معظم عمليات العنف والسرقة باستعمال الأسلحة البيضاء وغيرها من الجرائم اليومية التي يتعرض لها الراجلون والسائقون، أبطالها فئة المرضى من مدمني القرقوبي والماحيا. شخصيا لا أفهم كيف سيقضي مدمن على القرقوبي والماحيا مدة سجنية لأزيد من شهر بدون استهلاك تلك السموم ؟. وكيف سيتم التعامل معه داخل السجن. بل إنني لا أتقبل أن يتم الزج بالمجرم والضحية في مكان واحد «السجن». عوض حماية الضحية، ومساعدته صحيا ونفسيا من أجل تخطي فترة الإدمان، نجد أنه يرغم على العيش جنبا إلى جنب مع من كان يروج له تلك السموم.. ليتحول دور السجن الإصلاحي، إلى بناية لترسيخ الإدمان والانحراف. ولا أفهم كيف أن هناك مروجين للقرقوبي والماحيا يعرفهم العام والخاص بعدة أماكن. مدن وقرى..، ولا أحد يمنعهم من ترويج تجارتهم الفاسدة والسامة. بات من الواجب إحداث مستشفيات لعلاجهم. وتطهير البلاد من مصانع الماحيا السرية. ووقف نزيف تلك الحبوب القاتلة التي تتدفق علينا من الجزائر. وطرح القضية على مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة. إذ لا يعقل أن يفتح المغرب ذراعيه للشعب الجزائري. ويتلقى بالمقابل السموم من حكام هذه الدولة الذين، و بعد أن وزعوا ثرواتها فيما بينهم، و عبثوا بمال وشرف أبنائها، حولوا أنيابهم صوب المغرب وشعبه.
بقلم: بوشعيب حمراوي