يتابع الرأي العام الرياضي الوطني بكثير من القلق، تطورا جديدا في علاقة الجمهور الرياضي بالأندية، والدور الذي أصبحت تلعبه الجماهير بمدن معينة، إذ تحولت هذه الفئة من محبين يؤدون أسبوعيا تذكرة الحضور والتشجيع يوم المقابلة، إلى مؤثرين مباشرين، أو بالاصح مقررين أساسيين في مجموعة من التفاصيل التي تهم تسيير النادي.
مبدئيا، فالمكتب المسير هو المشرف قانونيا على تدبير شؤون الفريق، ويتحمل المسؤولية، بناء على تفويض من طرف الجمع العام، ووراء المكتب هناك المنخرطون المفروض أن يشكلوا عين مراقبة مستمرة ومستمدة من الإطار القانوني الذي يسمح بذلك.
إلا أن هذا الهرم التسييري بدا يتم اختراقه تدريجيا من طرف جهات أخرى محيطة بالفريق، إلى أن أصبح واقعا مسلما به بمجموعة من الأندية، حيث أضحى مسؤولوها عاجزين عن حماية المؤسسة من كل التأثيرات الخارجية.
النافذة التي يتم الدخول منها إلى مدار التسيير، هي نافذة المحب والغيور والمشجع، وغيرها من الصفات التي أصبحت تمنح صاحبها صلاحيات التدخل في مجال التسيير، ولم يعد الأمر مقتصرا على الحضور للمباريات، وتأدية ثمن التذكرة، وتشكيل الدعم الأساسي لفريقه في المباريات سواء داخل الميدان أو خارجه.
من حق هذا المحب الاحتجاج، لكن بشكل حضاري بدون تجريح أو إساءة لفظية أو جسدية، ومن حقه توجيه ملاحظات في الحدود الدنيا، دون مبالغة ودون الوصول إلى فرض إملاءات على المسؤولين، واستغلال النفوذ للوصول إلى تحقيق أهداف ومصالح تكون في بعض الأحيان شخصية.
هذا المنحى الخطير الذي أصبحت تعاني منه مجموعة من الأندية على الصعيد الوطني، لم يعد ظاهرة عابرة، بل تحول إلى واقع مؤسف تطور مداه مع الدور الذي أصبحت تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها الواسع على فئات عريضة وسرعة انتشار المعلومة وسهولة التواصل.
والمؤسف حقا هو الاستغلال المفرط لهذه التطور التكنولوجي بشكل سلبي، والتأثير على المكاتب المسيرة، وهو ما أصبح مسلما به لدى العديد من الأندية والسبب راجع، إما لضعف المسيرين أو لوجود حالة انقسام داخل الهيئة المسؤولة عن التسيير، وهذا ما يضعف من صلاحيتها ويزيغ بها عن الدور المنوط بها.
التدخل المباشر للجمهور بالتسيير أصبح واقعا لا يمكن تجاوزه، وهذا انحراف خطير بدأت تبعاته تظهر داخل دواليب العديد الأندية، وبات من الضروري مواجهته بكثير من الصرامة والجدية المطلوبة، حتى لا نصل في يوم من الأيام إلى زمن يسلم فيه الجميع بدور شكلي لمكاتب مسيرة تزكي وتنفذ ما يقرر بالشارع.
محمد الروحلي