إدانة واسعة للتعنيف والتدخل القوي في حق الأساتذة المتعاقدين

خلف التدخل الأمني القوي لفض احتجاجات الأساتذة المتعاقدين، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، صدى واسعا لدى عديد من الهيئات السياسية والحقوقية، التي شجبت العنف المستعمل في حق الأساتذة ومصادرة حقهم الدستوري في الاحتجاج والتعبير عن مطالبهم.
وأدان حقوقيون وسياسيون وفاعلون نقابيون ومن أوساط مختلفة استعمال العنف المفرط في تفريق احتجاجات الأساتذة، وكذا الاستعانة بأشخاص لا ينتمون للقوات العمومية التي يرجع لها اختصاص فض الاحتجاجات وفق القانون، خصوصا بعد تداول مقاطع فيديو لأشخاص بزي مدني يعنفون الأساتذة.
في هذا الصدد، تداول مئات المواطنين صورا لبعض الأشخاص بزي مدني يعنفون الأساتذة، لتدخل المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة الرباط على الخط، حيث أعلنت هذه الأخيرة، في بلاغ لها، أنها وبناء على معطيات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت الخميس الماضي من توقيف الشخص المشتبه فيه الذي ظهر في مقاطع فيديو وهو يعنف مشاركين في شكل احتجاجي بمدينة الرباط يوم الأربعاء المنصرم.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح الشرطة القضائية المكلفة بالبحث في هذه القضية كانت قد باشرت كافة الأبحاث التمهيدية الضرورية على ضوء المعطيات والتسجيلات التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، والتي مكنت من تشخيص هوية المشتبه به في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية وتوقيفه، وأشار المصدر ذاته إلى أنه قد تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه تحت تدبير الحراسة النظرية، رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، وذلك من أجل تحديد ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية.
من جانبه، أعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط الخميس الماضي عن فتح بحث حول استعمال ذات الشخص للعنف أثناء تفريق تجمهر بالشارع العام، حيث ذكر وكيل الملك في بلاغ له أن ذلك يأتي تبعا لتداول مجموعة من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لصور ومقاطع فيديو تظهر استعمال شخص بلباس مدني للعنف أثناء تفريق تجمهر بالشارع العام، معلنا عن فتح بحث في الموضوع تحت إشراف النيابة العامة، والذي عهد بإنجازه إلى الشرطة القضائية بالرباط.

هذا، وتعليقا على الحركة الاحتجاجية لمختلف الفئات التعليمية، قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إنه يتعين على الحكومة أن تفتح حوارا جادا ومسؤولا مع مختلف الفئات وعلى رأسها الأساتذة المتعاقدين الذين يشكلون فئة واسعة، والتي تبقى أساسية بالنسبة لإنجاح مسار الإصلاح.
وعبر بنعبد الله عن أسفه حيال العنف المستعمل في فض احتجاجات الأساتذة والهجوم على المتظاهرين، والتي قال إنها لا تمت للديمقراطية بصلة، مجددا على أنه لا طريق آخر دون سلك طريق الحوار لحل هذا الملف، مع تشديده على ضرورة احترام كرامة الإنسان عند مقاربة جميع المطالب الاجتماعية المعبر عنها.
وفي نفس السياق، راسلت عائشة لبلق رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية رئيس لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بشأن الدعوة إلى اجتماع عاجل بحضور وزير الداخلية لمناقشة التعنيف الذي تعرض له الأساتذة على خلفية فض احتجاجاتهم بالعاصمة الرباط.
من جهته، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أهمية إعمال القانون في علاقته بعناصر الضرورة والتناسبية في فض الاحتجاجات، وعلى أهمية حماية الحريات العامة بما فيها حق التظاهر السلمي.
وبعدما رحب ببلاغ وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط بفتح بحث في موضوع “شخص بلباس مدني مارس العنف أثناء تفريق تجمهر بالشارع العام”، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان النيابة العامة المختصة إلى توسيع نطاق البحث ليشمل الوقائع المذكورة أو التي وقع تداولها عبر مختلف وسائط التواصل، مع العمل على نشر نتائج بحثه.
وذكر المجلس، في السياق ذاته، بتوصيته الواردة في تقريره السنوي لسنة 2019 وعدد من تقاريره الموضوعاتية والهادفة إلى التنصيص على إخضاع عملية استعمال القوة لمراقبة النيابة العامة.
وخلص البلاغ إلى أن “المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بناء على الاختصاصات التي يخولها له القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس واستكمالا لدور المتابعة بشأن ملف الأساتذة المتعاقدين الذي سبق أن قام فيه بدور الوساطة خلال سنة 2019، ومنذ إعلان التنسيقية الوطنية عن جملة من الوقفات الاحتجاجية بالرباط، بتزامن مع العطلة المدرسية الممتدة من 14 إلى 21 مارس من العام الجاري، شكل فريقا لمتابعة هذه الحركة الاحتجاجية من خلال لجنته الجهوية بالرباط-سلا-القنيطرة”.

< محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top