“المصلحة الخاصة والأنانية “هي كلمات رددها حسان بسوق المسيرة، قد تلخص واقع بنيات مهجورة كانت قد خصصت لإعادة إدماج الأسواق العشوائية والباعة المتجولين، وتحرير الملك العام الذي كانت تشغله هذه الفئة من الباعة بمدينة الدار البيضاء، والتي طال أغلبها النسيان والتهميش ليومنا هذا.
مشكلة بدون حل
أحد هذه البنيات المنسية، يوجد بمنطقة عين الشق، وبالخصوص بشارع بغداد مجاورا لمكان وجود الخيرية سابقا.
ملامح سوق نموذجي تشهد عليه لافتة بما تبقا منها من حروف لجملة “السوق النموذجي عين شق” على بوابة حديدية نال مما ترك منها اللصوص الصدئ، قطبان حديدية قليلة تظهر ما بداخل السوق، أرضية تخترقها الأشجار ورفوف من إسمنت لا يزال بعضها واقفا.
هذه ملامح سوق كان قد جهز لاحتواء عدد ليس بقليل من الباعة المتجولين، والذي جهز بأموالهم حسب تصريحات أحد الباعة الذي كان من المفروض إدماجه داخله، إلا أنه يشغل مكانه الآن بآخر الشارع بسوق عشوائي أغلب من فيه كان من المفروض إدماجهم بدورهم.
وبلسانهم يقول محمد “مكرهناش نتحولو ليه ولكن الوعود الكاذبة والتخلويض دخل داك السوق في مشاكل عمرها تحل”.
فبحسب تصريحات الباعة هناك من دفع مبالغ مالية تتراوح بين 3 آلاف درهم و4 آلاف درهم مقابل الاستفادة من مكان داخل السوق النموذجي ليفاجئوا بأن المكان الواحد الذي كان من المفروض أن يحوي فقط بائعين قد تم بيعه لأكثر من عشرة أشخاص.
مشروع فاشل
وليس ببعيد عن السوق النموذجي السابق، هذه المرة بمنطقة سباتة من وراء مدرسة ابن خلدون، سوق نموذجي أُعد لاحتواء السوق العشوائي الكائن أمام مستشفى بن مسيك، والذي رأت السلطات هدمه واستغلاله بعد أن هجره الباعة وعادو لاحتلال الشارع من جديد.
مبررهم في ذلك حسب “مي فاطمة” وهي أحد الباعة هناك، أن السلطات اكتفت بنقل أصحاب العربات في حين تركوا أصحاب المحلات الشيء الذي يمنع الزبناء من الذهاب لهم، ليضيف أحد الباعة بقربها “الأسواق النموذجية مشروع فاشل كيخنقو شي ويخليو شي”، ليكون بذلك مصير السوق النموذجي الهدم ويظل مرضى مستشفى بن مسيك وساكنة المنطقة يطلون على منظر سوق من أسفل الشارع لآخره.
سوق المسيرة
وليس بساكنة عمالات مولاي رشيد بحال أفضل من سابقيهم بل قد تبدو ملامح المنطقة أسوء، فبحي المسيرة لا يقتصر الأمر على وجود باعة متجولين أو بنيات مهجورة فقط، بل يحتوي الحي أصحاب “الفراشة” والعربات ثلاثية العجلات، وكذلك أصحاب “الكوتشيات” فضلا عن السوق الضخم المبني من القصدير الذي يعد من أقدم الأسوق بمدينة الدار البيضاء، هذا السوق الذي خصص لإعادة هيكلته مركز تجاري بمحلات مجهزة وبنفس الموقع، ليستفيد منها أصحاب المحلات التجارية العشوائية بأثمنة مخفضة.
وتكفي جولة بين أزقته اليوم لتكتشف أن أغلب هذه المحلات لم يتم استغلالها، وفي الغالب ستصادفك أزقة مغلقة بالنفايات أو مجموعة من الكلاب الضالة، في ركود تام لأي مظهر من مظاهر التجارة، ما عدا بعض المحلات التجارية التي قبل أصحبها الانتقال لهذا السوق.
ولخصوص هذا الوضع، قال “حسان” صاحب محل لإصلاح الأواني “إن المصلحة الخاصة والأنانية هي لي خلات هذا السوق مسدود”، مضيفا أن احتلال الملك العام بالسوق القديم هو سبب عدم رغبة أغلب التجار في الانتقال.
وأغلب التجار حسب “حسن” يقومون بكراء المساحة المتاحة أمامه من الملك العمومي لأشخاص آخرين، وانتقالهم لهذا السوق يعني خسارة مدخول إضافي لهم.
في حين يحمل تاجر بقربه السلطات المسؤولية، لعدم استعمال القوة لإجبارهم على الانتقال وتحرير الملك العمومي. أما تجار السوق القديم فيحتجون بصغر المحلات الممنوحة لهم وعدم ملاءمتها لتجارتهم وعدم قدرتها على احتواء بضاعتهم.
تكلفة خارج المستطاع
الفضاء التجاري السعادة بشارع الحسين السوسي سوق تم تجهيزه بالكامل منذ 4 سنوات لاحتواء الباعة المتجولين وكذلك بعض أصحاب المأكولات الخفيفة بالمنطقة، إلا أنه يكفي المرور عليه لتلمحه كل يوم موصد الأبواب بالرغم من موقع السوق الممتاز وتوفره على الماء والكهرباء.
السبب في ذلك السومة مقابل هذه الخدمات، كل يوم 40 درهم، وهو ما يراه أغلب الباعة خارج استطاعتهم، كما صرح أحد الباعة المتجولين بمنطقة السعادة “كين النهار لي مكندخل فيه حتى 20 درهم كيفاش غادي نخلص أنا 40 درهم”، وهو ما دفعه لتفضيل البيع متنقلا على أن يستقر بالسوق النموذجي.
عبدالإله المتوكل (صحافي متدرب)