بعد 32 سنة من تحمل مسؤولية رئاسة فريق الرشاد البرنوصي لكرة القدم، فضل أخيرا أحمد العموري مغادرة المنصب عن طواعية، وفي إطار تغيير سلس متفق عليه، وبعد تجربة واختبار، أحيط بكثير من الرعاية والمواكبة والدعم المستمر.
أكثر من ثلاثة عقود بمنصب المسؤول الأول عن الرشاد، كفريق منتم لحي شعبي يعج بالمواهب والطاقات الشابة، وما الكلمة التي ألقاها العموري خلال الجمع العام، إلا اختزالا لمسار الرجل، قاد الفريق بكثير من الطموح والرغبة في منافسة الكبار.
المؤكد أن الرشاد البرنوصي لا يعد فريقا رياضيا عاديا يمارس كرة القدم ضمن البطولات الوطنية، بل هو قلعة شعبية بامتياز، كون وأطر المئات من شباب الحي والمناطق المجاورة، منذ أكثر من ستين سنة، قلعة كانت سببا في التحول الاجتماعي الإيجابي للعديد من اللاعبين والأسر، كما لعب دورا مهما في الترويج لقيمة الرياضة كمدرسة للحياة، وأسلوب مختلف للعيش، وسط منطقة مهمة بمدخل الدار البيضاء الكبرى، حيث الفقر والتهميش والعيش بالكفاف.
وعلى امتداد التاريخ، شكل الرشاد مدرسة معطاءة، أنجبت نجوما وصلوا للعالمية، ودافعوا عن القميص الوطني في كل الفئات، كما شكلوا قوة ضاربة للعديد من الأندية الوطنية وبدون استثناء.
مجيء العموري أواخر الثمانينات كرئيس فعلي، بعدما سبق أن انضم كعضو للمكتب المسير، لكنه غادر بعد خلاف حول طريقة التسيير، شكلت هذه العودة ثورة حقيقية داخل الرشاد، تمكن في ظرف وجيز من تغيير الكثير من طرق التدبير والتسيير، ومنحه قيمة حقيقة داخل المشهد الكروي الوطني، حسن كثيرا من ظروف الإقامة والسفر، ورفع من الرواتب والمنح، ليقرر في الأخير المنافسة على الصعود.
وفعلا حقق ما كان بالنسبة لعشاق الفريق، حلما صعب التحقيق، لعب موسمين بقسم الكبار، قدم خلالها لاعبين من المستوى العالي، إلا أن غياب الدعم، وارتفاع المصاريف، حتم عليه العودة مكرها للقسم الثاني.
ورغم السقوط وغياب الدعم، لم يفضل العموري المغادرة، بل بقي وفيا للفريق، واستمر في تحمل المسؤولية، إلى أن شعر حقيقة بالرغبة في الابتعاد عن التسيير اليومي، بكل ما يحمله من معاناة وضغوطات نفسية وجسدية، ومشاكل لا حصر لها، كما أن لعامل السن أحكامه، ليقرر التخلي عن طواعية، بعدما وجد في الأخوين شبورة، خير خلف، بصفتهما من أبناء الحي، وتمتلكهما رغبة كبيرة في جعل الرشاد، فريقا بطموح متجدد مفتوح على المستقبل.
عهد العموري لم يترك للرشاد قيمة رياضية ومعنوية وسمعة طيبة لا تقدر بثمن فقط، بل ناضل واجتهد ليترك مشروعا كبيرا، بأبعاد رياضية وإدارية وتجارية، ستقوي بنيات الفريق وتجعله في مأمن من كل الهزات والحالات الطارئة.
وبالإضافة إلى العطاءات كرئيس، ساهم العموري في تسيير جامعة كرة القدم، سواء كعضو ضمن المكتب الجامعي والمجموعة الوطنية، بل تحمل مسؤولية لجنتين مهمتين هما لجنتا التحكيم والبرمجة، وكان بالفعل في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه، وكان جديرا بالثقة التي منحت له من طرف كل مكونات كرة القدم الوطنية.
سيستمر أحمد العموري كرئيس شرفي بطلب من الرئيس الجديد، وفي استمراره دعم للرشاد من موقع آخر، وهو وفاء يربط الماضي بالحاضر، ويمنح الكثير من التماسك والصلابة لفريق يستحق كل خير.
>محمد الروحلي