حضور قوى بدائرة صناع القرار…

هل يمكن اعتبار اكتساح فوزي لقجع لانتخابات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، الخاصة بممثلي القارة بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، مفاجأة غير منتظرة، أو نتيجة غير متوقعة؟…
بالتأكيد لا.. فتصدر لائحة الفائزين بـ 49 صوتا من أصل 52 صوتا ممكنا، مع ورقة ملغاة (كانت تحمل اسم رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم)، يعكس حقيقة راسخة، وألا وهي القيمة التي يتمتع بها المغرب على الصعيد الإفريقي، وأهمية حضوره الوازن بمختلف المستويات، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا ورياضيا.
وتماما كما صرح بذلك لقجع للصحافة، عقب ظهور نتيجة التصويت، فإن ما أسفرت عنه عملية الفرز، أكدت على “الحضور المحترم للمغرب، كما أعطت تشخيصا حقيقيا لحضور البلدان داخل القارة، وأن المغرب سيكون مدعوما، خلال تنظيمه للأحداث الدولية المقبلة بالعائلة الإفريقية، في تجسيد حقيقي لمتانة العلاقة التي تجمع المغرب بأشقائه الأفارقة”.
المؤكد أن الزخم الذي يطبع التواجد المغربي إفريقيا، له عدة أسس وأسبقيات، انطلقت من العمق السياسي والدبلوماسي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس، بعد تفوقه في اختراق القارة طولا وعرضا، وجعل صوت المغرب مسموعا على أعلى المستويات.
وبنفس الامتداد، كان الرهان على المستوى الرياضي، إذ وضع المغرب إمكانياته، رهن إشارة عائلة كرة القدم الإفريقية، في إطار مبدأ رابح-رابح، والدليل على ذلك، التواجد المستمر للأغلبية الساحقة من المنتخبات، بجل المدن المغربية، واستقبال مبارياتها الرسمية والحبية بالملاعب المغربية، رغم إكراه إغلاق الملاعب الكبرى بأهم المدن المغربية، استعدادا لاحتضان التظاهرات الدولية الكبرى.
كما أن أغلب الملتقيات والمسابقات تجد المغرب مستعدا لاستضافتها، والعمل على إنقاذها من التأجيل، أو حتى احتمال الإلغاء، أضف إلى ذلك المساعدات المقدمة، فيما يخص إنشاء ملاعب، وإصلاح مختلف المرافق، كلها أجندة تدخل في إطار الدعم الذي يقدمه المغرب لدول تربطها به علاقة خاصة، ويفوق عددها الأربعين دولة واتحادا وطنيا.
وتبين من خلال الأصوات المحصل عليها ضمن لائحة الستة الأوائل، أن التنسيق القبلي الذي قاده المغرب، واجتماع نواكشوط الأسبوع الماضي، كلها تحركات كانت هادفة، وحسمت النتائج ليس فقط على مستوى التمثيلية بجهاز (الفيفا)، ولكن أيضا في أغلب مخرجات الجمعية العمومية لـ (الكاف)، وفي مقدمتها استمرار الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي بمنصب الرئاسة.
كما أن تواجد اسمي المصري هاني والموريتاني أحمد يحيي كأعضاء آخرين، ضمن لائحة الفائزين، يؤكد بلا مجال للشك، أن المغرب لا يفرط أبدا في أصدقائه وحلفائه، وفي هذه حالة نأخذ كمثال إقصاء السنغالي سنغور الذي ذهب ضحية حساباته الشخصية، عندما فضل التنسيق مع جهات معادية، نفس الأمر بالنسبة للنيجيري بنيك الذي كان يعد من بين صقور (الكاف)، ليجد نفسه في الأخير خارج اللعبة بكاملها.
وهناك حقيقة لابد من الوقوف عليها بكثير من الإمعان، وتتجلى في أهمية وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب، فتواجد فوزي لقجع، كان حاسما ومؤثرا، فالرجل استطاع بكفاءته وشخصيته، والكاريزما التي يتمتع بها، والأكثر من ذلك نظافة اليد، المعروفة عنه داخل أوساط كرة القدم إفريقيا ودوليا، أن يترجم على أرض الواقع، المخطط الذي رسمه المغرب على المستوى الرياضي، وهيأ له كل أسس وسبل النجاح.
فابن مدينة بركان كان في مستوى التحدي، وأعطى المثال على أهمية تواجد الكفاءات القادرة على التقاط الإشارات القوية، وجعلها مفتاحا لتحقيق النجاحات المطلوبة، والعمل بصدق على الدفع بعجلة التغيير والإصلاح، خدمة لكرة القدم الإفريقية، والقطع مع ماضي سيطرت فيه اللوبيات على جل مفاصل جهاز (الكاف)، وعاثت فيه فسادا وتسيبا.
برافو.. برافو.. برافو…

 محمد الروحلي

Top