رغم انهيارها عالميا .. أسعار المحروقات في المغرب تأبى التراجع

أصيب المستهلك المغربي مرة أخرى بخيبة أمل في حكومة تسير في الاتجاه المعاكس لأدنى مطامحه في العيش الكريم.
فرغم التراجع الحاد في أسعار النفط عالميا، نتيجة التوترات المرتبطة بالحرب الاقتصادية والحواجز الجمركية بين القوى الكبرى، ما زالت أسعار المحروقات في المغرب ترفض النزول من عليائها، وكأنها بمنأى عن تقلبات السوق الدولية، هذا الانفصام بين السوق العالمية والمحلية يضع علامات استفهام كبيرة حول شفافية تسعير الوقود في البلاد، ومدى استفادة المواطن من هذه التحولات.
ففي الوقت الذي تنفس فيه المستهلك العالمي الصعداء، ظل المغربي يرقب بشيء من الإحباط لوحات الأسعار في محطات الوقود التي لم تبرح مستوياتها المرتفعة، ما يضيف عبئا جديدا على الأسر، خاصة ذات الدخل المحدود التي تتآكل قدرتها الشرائية يوما بعد آخر.
فمنذ بداية الشهر الجاري، انهار سعر برميل إلى أقل من 63 دولارا، مسجلا بذلك أدنى مستوى له منذ أربع سنوات، فهذا التراجع جاء ليضاف إلى قرار دول أوبك بلوس، وعلى رأسها السعودية وروسيا، زيادة إنتاجها النفطي بمقدار يفوق التوقعات السابقة، مما فاقم من اختلال ميزان العرض والطلب ودفع الأسعار نحو الهبوط السريع.
ورغم هذه المستجدات الدولية، فالسوق المغربية لم تشهد انعكاسا حقيقيا لهذا الانهيار، بل ظلت أسعار المحروقات في محطات الوقود مستقرة، بل ومقاربة لمستويات ما قبل التراجع، مما أثار استياء شريحة واسعة من المواطنين وأعاد إلى الواجهة نقاشا لم يغلق منذ سنوات حول غياب الشفافية، واحتكار سوق المحروقات، وغياب المراقبة الفعلية للدولة.
حيث أثار هذا الوضع تساؤلات ملحة حول نجاعة سياسات تحرير الأسعار، في ظل ما يعتبره كثيرون هيمنة قلة من الفاعلين على سوق المحروقات، ما يفرغ المنافسة من مضمونها ويحول التقلبات الدولية إلى مجرد أرقام لا تصل إلى جيب المواطن.
ففي غياب إجراءات حازمة وتدخلات لتنظيم السوق وضمان العدالة السعرية، يبقى الخوف قائما من أن يتحول استقرار الأسعار داخليا إلى عنوان لجمود اقتصادي واجتماعي، لا يعكس الواقع العالمي ولا يرحم جيوب المغاربة.
التراجع الحاد في أسعار النفط يفتح إذن الباب أمام نقاش أوسع حول فعالية السياسات التسعيرية، ومدى شفافية منظومة توزيع المحروقات في المغرب، خاصة في ظل الانتقادات الموجهة لتحرير السوق وهيمنة عدد محدود من الفاعلين. وبينما يرى البعض في انخفاض الأسعار العالمية فرصة للتنفس الاقتصادي وخفض كلفة العيش، يحذر آخرون من أن استمرار الوضع الحالي قد يهدد التوازن الاجتماعي ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.

هاجر العزوزي

تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top