عبد الوهاب الدكالي يعود في الليلة الكبرى

عانق عميد الأغنية المغربية، عبد الوهاب الدكالي، في ليلة طربية جمهوره بمسرح محمد الخامس بالرباط، يوم الجمعة الماضي بعد غياب طويل. بزغ الدكالي على سطح المسرح، ليقف الجمهور وقفة إجلال وتقدير لدقائق يصفق بحرارة لنجمه المفضل، وهو يحييه بحرارة الكبار وكأنما يعانق الحاضرين واحدا واحدا، وفي الخلفية، ينبثق اللحن العظيم لأغنيته “هاد الغيبة طالت” التي افتتح بها السهرة.
حج إلى المسرح جمهور من مختلف الأعمار، منهم شباب يقدرون قيمة الفن الحقيقي الذي لا يرتبط بعدد المشاهدات في “اليوتيب”، وإنما بالكلمة واللحن الجميلين اللذين يدخلانك في حالة من النشوة الموسيقية. الموسيقى الجميلة هي جميلة وفقط، ليست موجة عابرة أو “طوندونس” تظهر فترة وتموت إلى الأبد، هي خالدة يستمتع بها كل الأجيال كبناية جميلة بناها الرومان في التاريخ القديم وما زال الزوار ينجذبون بسحرها في كل مرة يرونها.
كانت هناك، أيضا، نساء ورجال كبار في السن، جاؤوا للتحرش بالذاكرة وإحياء نوستالجيا الزمن الجميل مع فنان طبع ذاكرتهم الموسيقية، عاشوا معه نفس الأحاسيس، نفس الأحلام، نفس الشغف في فترة من فترات حياتهم. غنوا ورددوا معه الروائع من أغانيه مثل “الثلث الخالي” و”كان يا مكان” و”مرسول الحب” و”ما أنا إلا بشر” و”لهلا يزيد كثر”… والجديد من أغانيه مثل “مصباح علاء الدين”.
ساعاتان من الفرحة والدهشة، اهتم فيها الدكالي بتفاصيل التفاصيل من حفله الموسيقي، تارة كان يغني واقفا بثقة، وتارة وهو يتمشى واضعا يده في جيبه، وتارة يعزف بالعود بأنامله السحرية. الدكالي هو الدكالي، أنيق في غنائه كما في إطلالته، لن تتغير نظرتك إليه، نفس الأنفة وعزة النفس، ولعل كل من شاهد صوره أو مقاطع فيديو من حفله الأخير قال “سبحان الله هاد عبد الوهاب الدكالي هو عبد الوهاب الدكالي، ماكيتبدلش”.
لم يفت منظمو الحفل، التأريخ لفترات من مسيرة الدكالي الفنية الطويلة، من خلال صور عرضت في خلفية شاشة المسرح، جمعته مع الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، والشاعر أحمد رامي، ثم المسرحي الطيب الصديقي والفنانة سميرة بنسعيد، بالإضافة للعندليب عبد الحليم حافظ، الذي وصفه الدكالي بأنه من أجمل الأصوات التي مرت، متحدثا عن علاقة الصداقة التي كانت تربط بينهما، مشيرا إلى أن عبد الحليم لم يكن يحب الغناء لأحد حتى لمحمد عبد الوهاب نفسه، إلا أنه كان يحب أغانيه هو (أي الدكالي)، منها رائعته “كاتعجبني”، التي غناها عبد الحليم بصوته بطريقة أكثر من رائعة عزف فيها الدكالي بالعود في تسجيل نادر. وقد استرجع الدكالي تلك اللحظة من سبعينات القرن الماضي ببث الأغنية بصوت عبد الحليم قبل أن يكملها الدكالي وهو يردد “وغير حبيتك يا عجبا تغير طبعي، وبديت نشوف هاد الدنيا بمنظر جديد…”.
وقال عبد الوهاب الدكالي: “أنا سعيد جدا باللقاء مع الجمهور المغربي، وشاءت الأقدار أن تكون السهرة في مسرح محمد الخامس المؤسسة التي تحمل اسم الملك الراحل ولها تاريخ كبير ومكانة عند الجمهور المغربي حيث غنى فيها العديد من الفنانين المغاربة والعرب والأجانب”.
وأضاف الموسيقار عبد الوهاب الدكالي في تصريح خص به جريدة “بيان اليوم”: “أحيي عشاقي الذين تكبدوا عناء المجيء للسهرة، وقد تفاعلوا كثيرا مع معزوفاتي الموسيقية التي كانوا يحفظونها خصوصا القديمة منها”. ولم يفت الدكالي التحدث عن أغانيه التي كانت، في وقت ما، ممنوعة من البث على أمواج الإذاعة الوطنية مثل “ما أنا إلا بشر” و”مرسول الحب”..
جدير بالذكر، أن السهرة كانت من تقديم الإعلامية هانية قسومي، وافتتحتها المطربة نجاة الرجوي، التي غنت الروائع المغربية مثل “كيف يدير آسيدي” و”رجال الله” و”عطشانة” قبل أن يصعد الدكالي إلى الخشبة ليلهبها بطريقته الخاصة.

 الرباط: سارة صبري

Top