تجمع كل التصريحات والمواقف والتفاهمات الأخيرة، والتي تسبق الجمع العام الذي سيعقده الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الجمعة القادم بمركز محمد السادس لكرة القدم ضواحي الرباط، على الدور الذي لعبه المغرب، في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، الطامحة إلى احتلال مركز متقدم على رأس جهاز “الكاف”.
الدور الذي لعبه المغرب في شخص رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، كان إيجابيا وحاسما، جنب القارة تطاحنات في غنى عنها، بعد الهزة العنيفة التي شهدتها في ظل بروز فضائح وحالات فساد، تورط فيه أعلى الهرم، مما سهل مهمة دخول جهاز الاتحاد الدولي للعبة “الفيفا” على الخط، والبحث في كل الملفات التي تدين أحمد أحمد، الرئيس الذي خان حقيقة الأمانة، ولم يكن في مستوى الثقة التي وضعت فيه.
أمام هذه الوضعية المخيبة للآمال، أصبح من الضروري البحث عن بديل آخر قادر على قيادة “الكاف” خلال السنوات القادمة، بديل ليس من السهل الوصول إليه، أمام حجم التناقضات التي تعم القارة، بفعل التدخلات السياسية من طرف جهات متعددة، مما يجعل الوصول إلى التوافق يعد من سابع المستحيلات، إلا أن المغرب نجح في تحقيق هذه المهمة الجد معقدة.
كان المطلوب هو تحقيق توافق يرضي كل الأطراف، خاصة “الفيفا” التي تراهن على الالتفاف وراء رئيس قادر على قيادة “الكاف”، واستعادة الثقة المفقودة في جهاز تعرض للكثير من الضربات، كان آخرها بروز حالات فساد، بعدما كان الجميع يراهن على عهد الملغاشي أحمد أحمد، على أمل تجاوز مخلفات الكاميروني عيسى حياتو.
وبالفعل نجح لقجع بفضل الكاريزما التي يتوفر عليها، والثقة التي يحظى بها على الصعيد القاري، في إقناع الأطراف المتسارعة، من أجل التوافق على هدف واحد، والذهاب إلى المؤتمر بفريق عمل موحد، وببرنامج عمل متفق حول أهم خطوطه العريضة، وبضمانات كافية، تسير في اتجاه خدمة كرة القدم الإفريقية، بعيدا عن كل التجاذبات التي يمكن أن تزيغ بـ “الكاف” عن الطريق الذي تنشده الدول المؤثرة، والتي لا تطلب إلا العدالة الكروية وخدمة شباب القارة.
وطبيعي أن للمغرب مصالح حيوية، كان من الضروري استحضارها بالمقام الأول، خاصة وأنه يحتل مركز قوة لا يمكن أبدا تجاوزها، مع العلم أن الرئيس القادم ينتمي لجنوب إفريقيا، وهى الدولة التي تخفي عدائها لقضايا المغرب الوطنية، وفي مقدمتها وحدته الترابية، وهذا العامل لم يكن من الممكن تجاهله في كل الخطوات والمبادرات.
وعلى هذا الأساس كان تدخل أكبر الأجهزة بهرم السلطة بالمغرب، حيث جمع لقاء حاسم وزير الخارجية ناصر بوريطة ورئيس “الفيفا” جياني إنفانتينو، تم فيه توضيح الأمور، والحرص على عدم المساس بمصالح المغرب العليا، والحصول على ضمانات كافية، لا تسمح بحدوث تغيير مرتقب بالكاف، على حساب القضايا العليا للمغرب.
في ظل هذا الشرط الأساسي الذي لا نقاش فيه، قبل المغرب لعب دور حاسم في تقريب وجهات النظر، واستغلال نفوذه في الاتجاه الايجابي، أي الحفاظ على وحدة القارة، خاصة بالنسبة للأطراف المؤثرة، وفي مقدمتها المغرب الذي استثمر كثيرا في اتجاه جعل العلاقة بين البلدان الإفريقية، مبنية على مبدأ رابح-رابح.
كل هذا يؤكد أن المغرب محور أي تغيير يمكن أن يحدث داخل القارة، وهذا الثقل جاء بفضل الثقة التي يحظى بها، وهذا راجع إلى الاستثمار الجيد للحضور القوى للمغرب الرسمي الذي استثمر سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا واجتماعيا، وجاءت الرياضة لتكمل هذا التوجه المفتوح على المستقبل.
>محمد الروحلي