إنجازات لا تنسى في تاريخ الرياضة المغربية -الحلقة 21-

من المؤسف حقا الإقرار بأن الرياضة المغربية لم تحقق إنجازات كثيرة على مدار أزيد من قرن من الممارسة والتنافس، سواء خلال فترة الحماية الفرنسية أو بعد استقلال البلاد، بل حتى في الألفية الثالثة ما تزال الكثير من رياضاتنا عاجزة عن بلوغ قمة الهرم رغم توفرها على إمكانيات لم تكن متاحة في السابق. ومن المؤسف أيضا أن ترتبط الإنجازات القليلة -في المجمل- بمجهودات فردية لرياضيين استثنائيين، وفي رياضة واحدة هي ألعاب القوى، بداية بالثنائي الذهبي سعيد عويطة ونوال المتوكل، مرورا بالبطلين إبراهيم بولامي وخالد السكاح والأسطورة هشام الكروج، انتهاء بالأيقونة سفيان البقالي. فالجيل الرائع لمنتخب كرة السلة في الستينيات ذهب ولم يعد، وإنجازات الملاكمة لم تتخط 4 ميداليات أولمبية و4 أخرى منها ذهبيتان في بطولات العالم، أما باقي الرياضات الشعبية فلم تحرك ساكنا وظلت إنجازاتها متواضعة ومرتبطة بمسابقات محلية أو إقليمية أكثر من التوهج على الصعيدين القاري والدولي. وحتى وإن كان منتخب كرة القدم يطارد لقبا قاريا ثانيا منذ 47 سنة، فقد نجح مؤخرا في تخطي إنجازه التاريخي في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك، بملحمة استثنائية أوصلته إلى دور نصف نهائي مونديال قطر 2022، مزكيا للتطور المذهل التي عرفته الكرة المغربية في العقد الأخير ليس على مستوى المنتخب الأول، بل على صعيد نتائج الأندية والكرة النسوية. وتزامنا مع الملحمة الخالدة للفريق الوطني، اختارت “بيان اليوم” نبش إنجازات الماضي البعيد والقريب، للرياضة المغربية، إنجازات على قلتها، لن ننساها أبدا.

المنتخب الوطني بنصف نهائي كأس العالم (5/5)

وصل المنتخب الوطني إلى دور نصف نهائي كأس العالم 2022 في قطر، وواجه نظيره الفرنسي بعزيمة وإصرار كبيرين، على أمل تفجير مفاجأة القرن، لكن لعنة الإصابات وتأثير الإرهاق وأخطاء التحكيم  وخبرة أبطال العالم مرتين 1998 و2018، ساهمت في توقف مسيرة كتيبة “أسود الأطلس” عند المربع الذهبي بالخسارة بنتيجة (0-2).

ورغم ارتكاب بعض الأخطاء، قدم رفاق حكم زياش مباراة جيدة وأحرجوا “الديوك” باستحواذهم على الكرة بنسبة وصلت إلى 62% وتهديد مرمى الحارس هوغو لوريس (13 تسديدة)، مع ضرورة الإشارة إلى عدم احتساب الحكم المكسيكي سيزار أرتورو راموس بالازويلوس لضربتي جزاء مع عدم اللجوء إلى تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR).

لم ينجح “أسود الأطلس” في مواصلة كتابة الملحمة الخالدة ببلوغ نهائي المونديال العربي، ولو أن بلوغ هذه المرحلة في حد ذاته، يعتبر إنجازا وتتويج للطفرة التي تعرفها الكرة المغربية في السنوات الأخيرة، والتي ظلت لسنوات طويلة تعيش على ذكريات اللقب اليتيم بكأس أمم إفريقيا 1976 وإنجاز التأهل للدور الثاني بمونديال المكسيك 1986.

وشاء القدر أن يواجه أبناء المدرب وليد الركراكي مرة أخرى منتخب كرواتيا في مباراة تحديد المرتبة الثالثة، بعدما انتهت مباراتهما الافتتاحية بالتعادل السلبي، مباراة كانت فرصة للخروج بنتيجة مشرفة، لكن لعنة الإصابات التي لازمت الفريق الوطني حتى قبل انطلاق البطولة، ضربت مجددا ونسفت أحلامهم في ميدالية برونزية تاريخية.

ودع الفريق الوطني كأس العالم 2022 كالأبطال بعد مسيرة استثنائية أطاح فيها بمنتخبات عالمية من حجم بلجيكا القوية وإسبانيا المسيطرة والبرتغال ونجمها كريستيانو رونالدو، ولو العوامل المذكورة سابقا، لأطاحت الأسود بفرنسا أيضا خارج المونديال، وضربت موعدا مع الأرجنتين في النهائي.

مركز رابع كأفضل إنجاز حققته الكرة المغربية والعربية والإفريقية، إنجاز ربما لن يكون من السهل تحقيقه مجددا، لأن الجميع بات يحسب ألف حساب للمغرب، في انتظار أن ترتفع سقف الطموحات في مونديال 2026، وقبلها أن ينتهي الصيام عن الألقاب على مستوى القارة السمراء.

إعداد: صلاح الدين برباش

Related posts

Top