برزت معضلة الاكتظاظ بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” بالضفة الغربية، كأهم المشاكل منذ بدء الفصل الدراسي الأول، وخلقت حزمة إشكالات بين دائرة شؤون اللاجئين ووكالة الغوث.
وعقدت دائرة شؤون اللاجئين اجتماعا مع نائبة مدير عمليات الوكالة بالضفة “ميغ أوديت” برام الله، لمعالجة الاكتظاظ في المدارس ومعالجة النقص في المعلمين ومناقشة جدول التشكيلات المدرسية.
وأكدت “أوديت” خلال الاجتماع الذي عقد قبل شهر، على انفتاح وكالة الغوث على الحوار والتعاطي الايجابي مع القضايا المطروحة بما يضمن سير العملية التعليمية في مدارس الوكالة وتوفير البيئة الملائمة للارتقاء بالتعليم وتحسين نوعيته، وأن الوكالة تسير بخطى حثيثة لتطبيق خطط التطوير المعتمدة لديها.
لكن دائرة شؤون اللاجئين ولجان الخدمات في مخيمات الضفة قالت، إن هذا العام شهد اكتظاظا غير مسبوق في مدارس الوكالة من خلال دمج عدد أكبر من الطلاب في صف واحد لتفادي توظيف معلمين جدد وتثبيتهم في سلك التعليم بالوكالة.
الحرمان الوظيفي ….
واعتبرت الدائرة واللجان الخطوة التي أقدمت عليها ” الأونروا” في مدارسها من أجل حرمان الخريجين الجدد من أبناء اللاجئين من التوظيف الدائم والإبقاء على التوظيف بالعقود.وعن ذلك، يقول مدير عام المخيمات بدائرة شؤون اللاجئين ياسر أبو كشك، إن مدارس الوكالة تعاني نقصا في التخصصات وتقوم بعمل عقود سنوية أو يومية، كي لا تلجأ إلى التعيين بحجة وجود مدرسين كثر وحرمان أصحاب العقود من العطل السنوية. ويكشف أبو كشك في حديثه عن عدم قيام الوكالة بتوظيف معلم بشكل مثبت منذ ثمانية أعوام، متذرعة بالأزمة المالية التي تعاني منها. وفي جوهر مشكلة الاكتظاظ يقول أبو كشك إن :” إدارة الوكالة عمدت منذ بداية الفصل الدراسي قبل شهرين إلى دمج الشعب ببعضها وأصدرت قرارا ملزما في جميع مدارسها بعدم “تشعيب” الصفوف، إلا في حال بلوغ عدد الطلاب في الصف الواحد “50 + 1”.
ويؤكد أن القرار صدر عن الوكالة قبل عامين ولمسته المدارس في هذا الفصل، مستشهدا على ذلك بوجود 90 طالبة في شعبتين بمخيم عايدة في بيت لحم، وترفض الوكالة فتح شعبة ثالثة إلا باكتمال النصاب. وبخلاف خطط الوكالة، يقول أبو كشك :” جرى التعارف على أن تلتزم وكالة الغوث بقوانين ومعايير السلطة المضيفة وما تطبقه وزارة التعليم في السلطة، كأن يتم التشعيب في المرحلة الأساسية على “40 + 1” وليس على “45 + 1″، مستشهدا بمخيم الفارعة قرب طوباس ورفض الوكالة افتتاح شعبة ثالثة لمرحلة دراسية بها 90 طالبا”.
ويكشف أبو كشك عن سبب دمج الصفوف وعدم التشعيب بقوله: ” بهذه الطريقة أصبح لدى الوكالة 267 مدرسا إضافيا “زائدا” نتيجة لدمج الصفوف، وبذلك تكون الوكالة فقدت أساس عملها في إغاثة اللاجئين وتشغيلهم، وبهذه الطريقة وفرت على نفسها الأموال ومنعت خلق فرص عمل للخريجين اللاجئين والمعلمين غير الموظفين”.
وفي سياق متصل ، يلفت أبو كشك إلى استغلال الوكالة للمعلمين من خلال إعطائهم 28 حصة دراسية في الأسبوع، في مقابل 22 حصة دراسية للمعلم في مدارس الحكومة، وكذلك 45 دقيقة للحصة الواحدة في مقابل 40 دقيقة في مدارس الحكومة.
ويعرج في حديثه إلى أن كثيرا من المدارس تحوي غرفا صفية وترفض الوكالة افتتاح شعب تجنبا للاكتظاظ، وذلك في خطوة متعمدة ومقصودة، مشيرا إلى أنه وفي حال تقاعد أي موظف فلن يتم توظيف معلمين جدد، عدا عن الرواتب التي يتحصل عليها مدرس الوكالة والتي هي أقل من موظف الحكومة.
وفي إطار الجهود المبذولة للحد من استمرار الاكتظاظ، يقول أبو كشك: ” إن رئيس دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير زكريا الأغا تدخل لحل الإشكال العالق بين الوكالة ولجان الخدمات في مخيمات الضفة.
وفي خضم رد الوكالة على المقترح قال :” إن مدير عمليات الوكالة في غزة وافق على هذا المقترح وهناك تقدم، لكن مدير العمليات في الضفة لم يعلن موافقته على المقترح”.
ويضيف :” أكدنا لهم على أن تلتزم الوكالة بمعايير السلطة المضيفة وأخبرناهم بوجود خطه تطويرية لوزارة التعليم في فلسطين ويجب على الوكالة أن تواكب هذه الخطة، وإذا لم يتم مواكبة تطورات التعليم فان التعليم سيتطور في مدارس الحكومة ويبقى على ما هو عليه في تدني وتراجع وسط تهرب من الوكالة”.
وبحسب أبو كشك، فإن اجتماعا سيعقد بين وزير التربية والتعليم وممثلي الوكالة من أجل الضغط على الوكالة والالتزام بمعايير السلطة لان المعدل العام في الوكالة أدني من نظريه في الحكومة والتذرع بعدم وجود مصادر تمويل.
إهمال تربوي ….
بدوره يقول رئيس لجنة خدمات مخيم الفوار بالخليل عفيف غطاشه ، إن الاكتظاظ في مدارس الوكالة أدى إلى تدهور العملية التعليمة وأحدث ضغطا هائلا على العملية التربوية سواء على المعلمين أو الطلاب.ويؤكد غطاشة ، أن الوكالة تتطلع إلى التكلفة المادية وتهمل الناحية التربوية والتعليمية، مشيرا إلى أنها شغّلت موظفة أجنبية لعمل دراسات ومسوحات، والهدف منها ليس تحسين نوعية التعليم ولكن التقليل من الكلفة المادية التي تصرف على المدارس.
ويتساءل: كيف لمعلم تدريس 45 طالبا داخل صف دراسي بمدة 40 دقيقة في المرحلة الأساسية ؟ وكيف سيتمكن المعلم من التعامل مع المباحث الدراسية بهذا العدد من الطلاب؟ وعن مخيم الفوار يتحدث: ” كان لدينا 135 طالبة موزعات على 4 شعب، وتم تقليصها إلى 3 شعب بواقع 45 طالبة في الشعبة الواحدة وهذا يشكل ضغطا في التعليم، ويفقد المعلم والطلاب القدرة على التركيز”. ويرفض غطاشة إحداث حالة تصادم بين الأهالي ومؤسسات المخيم مع الوكالة، كي لا تنزلق المدارس إلى إضرابات بعيدة المدى، مع أن الوكالة لم تسع إلى حل واقعي وتكتفي بإطلاق الوعود.
الوكالة ترد …. ويبلغ عدد الطلاب بمدارس وكالة الغوث في الضفة الغربية 50 ألف طالب، و250 ألفا بمدارس قطاع غزة. ويقول الناطق باسم وكالة الغوث سامي مشعشع ، إن معدل الطلبة في مدارس الوكالة تتراوح ما بين 34 – 36 طالبا في الصف الواحد، وهناك 1442 شعبة مدرسية في الضفة الغربية ومعظمها تسير على هذا المعدل، ما عدا 59 شعبه من الأصل الكلي.
ويضيف :” نحن ندرك أن عدد المدارس التي تعاني الاكتظاظ كبير، والوكالة تعالج القضية مع جهات ذات الاختصاص في جهاز التربية والتعليم، وأنهت التشكيلات الصفية بالتعاون مع المعلمين”، مؤكدا على خلو المدارس من أية مشاكل قد يسببها الاكتظاظ.
وفي رده على حرمان الخريجين من التوظيف، يقول مشعشع: ” هناك توظيف معلمين جدد وإن اختلفت العقود سواء في الضفة أو في غزة وهي قيد المعالجة وهذه الأمور مرتبطة بالواقع المالي للوكالة وهناك عجز مالي، والآخرين يعرفون تماما، والوكالة تعاني من هذا العجز في هذا العام”.
ويؤكد مشعشع ” أن المفوض العام للوكالة يجوب دول العالم على مدى الأسابيع الماضية لحشد الموارد المالية، في ظل استمرار العجز الكبير في الميزانية التي تلقي بظلالها على طبيعة العقود التي تقدمها الوكالة سواء للمعلمين أو القطاعات الأخرى”. ويعد مشعشع أنه في حال تحسن الوضع المالي للوكالة فإنه سيتم النظر في قضية التوظيف التي اعتبرها قضية “مؤقتة” في هذه الأيام تحديدا.
رام الله