يعرف المغرب تشكيلة غنية من عناصر التنوع البيولوجي سواء على مستوى النبات والوحيش أو على مستوى النظم الايكولوجية، لكن الدراسات تثبت أن هذه الكنوز الطبيعية ليست في مأمن من تأثيرات التغيرات المناخية والتدمير البشري، حيث أظهرت آخر دراسة وطنية حول التنوع البيولوجي ببلادنا أن 600 نوع من الحيوانات و1700 نوع من النباتات مهددة بالانقراض. وتتوقع دراسة أخرى حديثة في الموضوع أن يعرف التنوع البيولوجي بالمغرب تراجعا بنسبة 22 بالمائة في أفق سنة 2050.
وسيكون موضوع التنوع البيولوجي، محور اللقاء التواصلي والدراسي الذي تترأسه كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة نزهة الوفي، يوم الأربعاء المقبل بالرباط، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للتنوع البيولوجي الذي يصادف 22 ماي من كل سنة. وسيتم بالمناسبة توقيع اتفاقية شراكة مع معهد البحث العلمي التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط.
وقد اختارت الأمم المتحدة لهذه السنة شعار “تنوعنا البيولوجي، تغذيتنا وصحتنا”، من أجل التركيز على التنوع البيولوجي باعتباره أساس الأمن الغذائي العالمي وكعنصر حاسم في توازن المنظومة الغذائية وتحسين صحة الإنسان.
ويتم إحياء اليوم العالمي للتنوع البيولوجي بعد بضعة أسابيع فقط من إعلان النتائج المقلقة للتقييم العالمي حول التنوع البيولوجي الذي أعده خبراء الأمم المتحدة، وتم تقديم خلاصاته مؤخرا خلال الدورة السابعة للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية بباريس.
وينبه التقرير إلى أن النشاط البشري يهدد الأنواع أكثر من أي وقت مضى، حيث أضحى حوالي 25 في المائة من الأنواع في مجموعات النباتات والحيوانات معرضة للخطر؛ بينما وصل عدد الأنواع التي تواجه الانقراض بصفة فعلية إلى حوالي مليون نوع. كما يفيد التقرير أنه خلال مائة سنة الماضية، اختفى أكثر من 90 في المائة من أنواع المحاصيل من حقول الفلاحين، وفقدت نصف سلالات العديد من الحيوانات الأليفة. كما تتعرض أنظمة الإنتاج الغذائي المتنوعة محليا للتهديد، بما في ذلك المعارف التقليدية ذات الصلة بالسكان المحليين، وهو ما له انعكاس على النظام الغذائي الذي يؤدي فقدانه إلى أمراض وأخطار صحية، مثل مرض السكري والسمنة وسوء التغذية.
ويسجل التقرير كذلك أن حوالي 32 مليون هكتار من الغابات الاستوائية المطيرة تم تدميرها بين عامي 2010 و2015، وفقدت 85 في المائة من الأراضي الرطبة في العالم. وتقلصت الشعاب المرجانية في محيطات العالم بمقدار النصف منذ القرن التاسع عشر. كما يشكل فقدان حشرات الملقحات، بنسبة تتراوح قيمتها بين 235 و577 مليار دولار سنويا، تهديدا حقيقيا لإنتاج الغذاء، فضلا عن الفقد المتوقع لسبل المعيشة لما يصل إلى 300 مليون شخص، بسبب فقدان المناطق الساحلية.
ولا يخرج المغرب، الذي يعد أحد أكثر البلدان المتوسطية غنى من حيث التنوع البيولوجي، عن هذا الاتجاه العالمي، حيث يشكل الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية وتراجع المجال الغابوي بسبب الحرائق والرعي المكثف والتمدد العمراني والتلوث، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي عوامل رئيسية تهدد التنوع البيولوجي ببلادنا.
المغرب، الذي تم اختياره لاحتضان الدورة الثامنة للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، في سنة 2021، انضم إلى الجهود العالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي، من خلال التوقيع على اتفاقية التنوع البيولوجي سنة 1992 والمصادقة عليها سنة 1995، وهو ملتزم بتنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي للفترة 2011-2020 بما في ذلك أهداف آيشي للتنوع البيولوجي، في إطار رؤية ترمي إلى تقييم تثمين التنوع البيولوجي والمحافظة عليه، واستخدامه بنجاعة.
وفي نفس السياق، ستشرع كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة خلال هذه السنة في بلورة الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي لما بعد سنة 2020، وذلك بعد الانتهاء من تحيين المعطيات الوطنية ذات الصلة. وتجدر الإشارة أن المغرب حاز على الجائزة الثالثة لأفضل آلية وطنية لتبادل المعلومات في مجال التنوع البيولوجي خلال احتفال أقيم على هامش الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر التنوع البيولوجي (كوب 14) في سنة 2018 بشرم الشيخ.
> سميرة الشناوي