2
وعلى الرغم من طول عمر لسان العرب الجميل والطويل، الممتدّ والمرتدّ عبر جميع عصور “الجاهليات” السابقات واللاحقات والباليات والحاليات، فإنه كما يبدو لم يترجم بعد من روائع المطابع إلا القليل الجميل، ولم ينقل عن ألسنة التوابع والزوابع غير ما تيسر من أسفار الحمار وآثار الجنة والنار والناس.
وتحفل المرويات والمدونات بما وقع فيه النقلُ الحرُّ
“الفوري” الحرفي والعقلُ النقلي “التحريفي” والجهلُ بالأصلِ النصي المترجَمِ والمنقولِ – كالماء من إناء إلى وعاء آخر، لابد أن يضيع منه ماء كثير أو قليل، وقد يفيض السيل أو يغيض النبع وينقطع الوابل الصَّيِّبُ والطل وينضبُ المعين ويجف ضرع السماء فيأتي على الأخضر واليابس ما يجري ويستشري في الجسد النصي والشخصي من أخطاء اللغو والنحو والصرف والإملاء، الواضحة والفاضحة والفادحة، كالقمّل والصئبان.
ويتساوى في “جريمةِ” الترجمةِ الخائنةِ الأمانةِ والأمينةِ الخيانةِ، الناسخُ الماسخُ، والمنسوخُ الممسوخُ، والعالمُ والجاهلُ بالأصلِ النصي، على حظٍّ وحدٍّ وقدْرٍ واحدٍ من الإثم والعدوان.
وكذلك حال ومآل ترجمة عن ترجمة أخرى، وسيطة اللغة، الثانية والثالثة، تماما كترجمة مختصرة ملخصة ومبتورة مختزلة، وترجمة أخرى مفسرة شارحة محللة ومفصلة، كلها ترجمات قاصرة وضامرة وصادرة عن
ناسخ ” ماسخ يلبس الترجمة ثوبا يرتضيه لنفسه، فيتقلب بالمعاني على ما يطابق بغيته، ويوافق خطته، حتى لا يُبقي للأصل أثرا” على حد قول كاتب “فن الترجمة في الأدب العربي محمد عبد الغني حسن ص 65″، وبتأكيد عميد الأدب العربي طه حسين فلا قيمة للترجمة إلا إذا كانت طبق النص الأصلي: “أرى أن ليس للترجمة قيمتها حقا إلا إذا كانت صورة صحيحة للأصل” – حافظ وشوقي ص91.
يتبع
> بقلم: إدريس الملياني