التنشيط الفني والترفيهي في الشواطئ المغربية

تشهد العديد من الشواطئ المغربية، حركية على مستوى التنشيط الفني والثقافي، منها ما يسهر على إعداده القطاع الخاص الذي يسعى من وراء ذلك إلى إشهار منتوجه والتعريف به، ومنها ما تضطلع به بعض جمعيات المجتمع المدني، أو بعض القطاعات الحكومية، خصوصا تلك التي لها اتصال بالجانب السياحي.
تعدد الأطراف المساهمة في تنشيط شواطئنا، لا يمكن إلا أن يقدم منتوجا فنيا وإبداعيا متسما بالتنوع والاختلاف.
هذا الحضور الفني بمختلف تعابيره في شواطئنا خلال الفترة الصيفية على الخصوص، ليس حديث العهد، فقد دأبت بعض الجمعيات الثقافية، منذ عقود من الزمن على تنشيطها بشكل منتظم، تسمى موسم أو غير ذلك من التسميات.
فعلى سبيل المثال، كان الموسم الثقافي الذي تنظمه مدينة السعيدية بشاطئها كل صيف، يخلف صدى كبيرا، ويساهم في استقطاب السياح من الداخل والخارج على حد سواء، سيما وأنه كان يتم استدعاء فنانين لهم صيت شعبي لتقديم عروض فنية، غنائية بالخصوص، تؤنس رواد الشاطئ في ليالي صيفية فاتنة.
ومنذ سنوات، كل صيف، صارت العديد من الشواطئ تضرب موعدا مع روادها، حيث يتم التفنن في تنشيط هذا الفضاء، عبر إشراك مطربين من مختلف التوجهات، وفكاهيين ناجحين، كما أنه لا يتم الاقتصار على ذلك، بل يتم في غالب الأحيان إدراج فقرات خاصة بالرهان الذي يقوم على أساس خلق التنافسية في إبراز المهارات الفكرية وحتى الرياضية.
وخلال السنوات الأخيرة، بات من الملاحظ أن بعض شواطئنا، تحتضن مكتبات، موضوعة تحت تصرف المصطافين، تحمل عدة مسميات من قبيل: المكتبة الشاطئية، أو المكتبة المتنقلة.. غير أن الهدف يظل هو نفسه: التحفيز على القراءة وتربية النشء على حب هذه الهواية الجالبة للمعرفة والمتعة.
التنشيط في شواطئنا، يأخذ إذن عدة أبعاد، تلتقي في غاية أسمى، وهي الترفيه على المصطافين، أخذا بعين الاعتبار أن هذا الفضاء الاستجمامي، يظل ناقصا ما لم يتم العمل على تنشيطه.
الشاطئ ليس فقط فضاء للسباحة والتشمس واكتساب اللون البرونزي ودفن الجسد في الرمال ولعب كرة الطائرة أو غيرها من الأنواع الرياضية، بل هو كذلك فضاء لعرض فنون الغناء والطرب والفكاهة، وكذا عرض الكتب، وخلق فرص للتنافس بين المصطافين، من خلال مسابقات.. طومبولا، ذات بعد نبيل.
وعادة ما تكون العروض الغنائية التي يتم تنظيمها بهذه الفضاءات، قد حققت في السنة نفسها نجاحا كاسحا، إلى حد اعتبارها أغنية الموسم، كما هو الحال بالنسبة للأغنية الأخيرة للمطربة المغربية أسماء المنور “عندو الزين”.. وهناك من المطربين الذين يحرصون على أداء أشهر أغانيهم، بالنظر لكونها أسهل في التفاعل مع الجمهور الذي يأتي عادة إلى الشاطئ دون أن يكون له خيار مسبق لما سيتلقاه من ألوان غنائية في هذا الفضاء.
ما يمكن ملاحظته على العديد من شواطئنا، أن الاختيارات الغنائية التي يتم عرضها على المصطافين، غالبا ما تكون ذات بعد شعبي، ومن هذه الاختيارات ما يكون ذا مستوى هزيل أو سطحي، سواء من حيث اللحن أو الكلمة، ويتم الدفاع عنها باعتبارها حققت انتشارا كبيرا، في حين أنه ليس كل ما ينتشر فهو جيد بالضرورة، خصوصا مع سهول البث والذيوع التي باتت تتيحها وسائط الاتصال الحديثة: اليوتوب.. وما إلى ذلك، وهناك من (المطربين) الذين يشترون عدد المشاهدات والذين يمكن اعتبارهم تبعا لذلك تجارا أكثر من أنهم فنانين.
من المهم والضروري أن نعمل على الرقي بذوق الجمهور، وهذا لا يمكن أن يتم بالاقتصار على عرض الإنتاجات السطحية، بمبرر أنها حققت انتشار واسعا. نتمنى أن تحتضن شواطئنا الإنتاجات الغنائية الراقية، وإن لم تكن تتفاعل معها سوى نخبة محدودة جدا من المثقفين؛ فعن طريق تكرار عرض مثل هذه الإنتاجات، سينضم لا محالة قطاع آخر من الجمهور إلى صفوف ذوي الذوق الفني الراقي.

بقلم: عبد العالي بركات

Related posts

Top