الذكرى 63 لاسترجاع طرفاية إلى الوطن

تحل الذكرى 63 لحدث استرجاع مدينة طرفاية إلى الوطن في ظروف دقيقة وحرجة تجتازها بلادنا كسائر بلدان المعمور مع جائحة “كوفيد 19” الوبائية التي تطلبت وضع تدابير واجراءات وقائية للحد من انتشارها، فلم يعد ممكنا في هذه الظروف إقامة هذه الذكرى حضوريا، على مألوف العادة في موعدها وفي مكان الاحتفاء بها.
ففي مثل هذا اليوم، 15 أبريل من سنة 1957، تم استرجاع مدينة طرفاية التي ظلت محتلة ومستلبة من لدن المستعمر الاسباني، بعد حصول المغرب على استقلاله غداة عودة جلالة المغفور له محمد الخامس والعائلة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955 وإعلان انتهاء عهد الحجر والحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال في خطابه التاريخي ليوم 18 نونبر 1955.
وشكلت هذه المحطة التاريخية لاسترجاع طرفاية إلى الوطن بداية مسلسل تحرير ما تبقى من الأجزاء والأطراف المغتصبة التي أفرزها واقع التقسيم والتجزئة وتفتيت الكيان الوطني الذي فرضته القوى الاستعمارية لبسط نفوذها على المغرب الذي لم يكن لها أن تحققه دون إضعافه وانكماشه اقتصاديا واجتماعيا وترابيا وجغرافيا ومجاليا. فمن اقتطاع الجزء الشمالي من الوطن لوضعه تحت سلطة الحماية الاسبانية إلى إخضاع مناطق في وسط البلاد وجنوبها لنظام الحماية الفرنسية إلى تشطير وبتر الأقاليم الجنوبية منذ مؤتمر مدريد في 1880 لجعلها مستعمرة تحت النفوذ الاسباني .
هكذا، لم تكن مهمة تحرير التراب الوطني وتوحيده بالأمر الهين واليسير في ظل واقع التجزئة وتشطير الكيان الوطني إلى مناطق نفوذ أربعة ما بين حمايتين فرنسية وإسبانية ومستعمرة اسبانية ومنطقة حكم دولي بطنجة. فمباشرة بعد المفاوضات الثلاث الأولى التي أعقبت الاعلان عن الاستقلال ما بين 3 مارس و 9 شتنبر 1956، استأثر الاهتمام بمواصلة الكفاح الوطني من أجل تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة بالجنوب المغربي، طرفاية وسيدي افني والأقاليم الجنوبية بالساقية الحمراء ووادي الذهب.

وبفضل الحنكة السياسية وبعد النظر لجلالة المغفور له محمد الخامس، جاءت مبادرة جلالته للقيام بزيارته التاريخية إلى ورزازات وزاكورة التي تميزت بالخطاب التاريخي لمحاميد الغزلان يوم 26 فبراير 1957 الذي كان إيذانا بمواصلة مسيرة التحرير الوطني واستكمال الوحدة الترابية، استجابة للشرعية التاريخية ولرغبات السكان الذين عبروا على لسان وفود القبائل الصحراوية عن تجديد بيعة الرضى والرضوان وتمسكهم بمغربيتهم وبانتمائهم الوطني، وهو الموقف النضالي الذي تأكد في مؤتمر ” أم الشكاك” من قبل.
وكان النداء الملكي بمحاميد الغزلان الذي تجاوبت معه سائر القوى الحية والأطياف السياسية في البلاد منطلقا قويا لمسلسل استكمال الاستقلال الوطني باسترجاع الجيوب التي ظلت محتلة بالجنوب المغربي، وتعزز النضال على جميع الأصعدة الرسمية والشعبية وفي المحافل الدولية باتخاذها مبادرات سياسية ودبلوماسية قام بها سمو الأمير مولاي الحسن ولي العهد آنذاك، والحكومة المغربية وقادة الحركة الوطنية وكافة الفعاليات والزعامات السياسية الصحراوية في صف متراص وتناغم وتفاعل من أجل الحق المشروع.
وهذا ما أكده بشكل صريح وواضح صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه التاريخي يوم 6 نونبر 2017 بمناسبة تخليد الذكرى 42 للمسيرة الخضراء المظفرة حيث يقول نصره الله : “فخطاب محاميد الغزلان التاريخي يحمل أكثر من دلالة. فقد شكل محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية، وأكد حقيقة واحدة، لا يمكن لأي أحد إنكارها، هي مغربية الصحراء، وتشبث الشعب المغربي بأرضه.
فمباشرة بعد استقلال المغرب، وقبل تسجيل قضية الصحراء بالأمم المتحدة سنة 1963، وفي الوقت الذي لم تكن فيه أي مطالب بخصوص تحرير الصحراء، باستثناء المطالب المشروعة للمغرب، بل وقبل أن تحصل الجزائر على استقلالها، قبل كل هذا، أكد جدنا، آنذاك، الحقوق التاريخية والشرعية للمغرب في صحرائه، حين قال أمام ممثلي وشيوخ القبائل الصحراوية، الذين وفدوا بكثافة لتقديم البيعة التي تربط الصحراء بملوك الدولة العلوية:
” نعلن رسميا وعلانية، بأننا سنواصل العمل من أجل استرجاع صحرائنا، في إطار احترام حقوقنا التاريخية، وطبقا لإرادة سكانها…”.
وهكذا، تحقق بفضل حنكة وحكمة جلالتـــه طيب الله ثراه وبالتحام وثيق مع شعبه الوفي، استرجـــاع إقليم طرفاية سنة 1958، والذي جسد محطة بارزة على درب النضــال الوطني من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.
وقد حرص جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله على إيفاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن للاشراف بنفسه على مراسم تسليم السلطات المدنية والعسكرية بطرفاية، إيذانا باسترجاعها إلى الوطن.
ونحن نستحضر اليوم هذا الحدث التاريخي المجيد بما يليق به من مظاهر الاعتزاز والفخار بواحدة من الفتوحات العظيمة التي أثمرتها ثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953، فإننا في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير نقوم بواجب الذاكرة التاريخية الوطنية وفي ذات المناسبة، نكرس قيم الالتزام والوفاء بقضايا الوطن ومصالحه العليا في الوحدة الوطنية المقدسة وفي مواصلة مسيرات البناء والنماء وإعلاء صروح الوطن تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
كما تنتهزها فرصة للتنويه بالانتصارات الدبلوماسية المغربية التي تكللت بالاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية الكاملة على أقاليمه الصحراوية، فضلا عن حجم الدعم والتأييد الذي حظيت به المبادرات المغربية والقرار الأمريكي الأخير من لدن المنتظم الدولي، إن على الصعيد الإقليمي أو القاري أو الدولي، وما أعقبها من فتح قنصليات عامة للعديد من الدول بكل من مدينتي العيون والداخلة التي بلغ عددها إلى حد الآن 22 ما بين قنصلية وتمثيلية اقتصادية وفتح آفاق جديدة كفيلة بتعزيز وتقوية الموقف المغربي في الأوساط الدولية، يزيد من عزلة خصوم الوحدة الترابية، ويسهم في مواجهة مناوراتهم ومؤامراتهم الرامية إلى التشويش ومحاولة النيل من الحقوق المشروعة لبلادنا.
وبموازاة مع تخليد هذه الذكرى الغالية والتعريف بحمولاتها ودلالاتها التاريخية، أعد المكتب المحلي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطرفاية بتنسيق مع السلطة الإقليمية وبشـراكة مع المجلس العلمي المحلي وأسرة المقاومة وجيش التحرير وفعاليات المجتمع المدني برنامجا حافلا بالأنشطة والفعاليات يتضمن إلى جانب كلمة المناسبة التي سيلقيها، عن بعد وبواسطة التواصل الرقمي، مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، فقرات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية، سيتكلل بتنظيم ندوة فكرية موسومة ب:”مساهمة القبائل الصحراوية في المقاومة والتحرير بالجنوب المغربي”.

***

النيابة الجهوية للمقاومة بطنجة تنظم أنشطة متنوعةاحتفالا بذكرى زيارة المغفور له محمد الخامس

< ع. عسول

تخليدا للذكرى 74 للزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس إلى مدينة طنجة في 09 أبريل 1947 نظمت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير نشاطا احتفاليا مخلدا لهذه الذكرى التاريخية الهامة التي شكلت تحولا مفصليا في تاريخ المغرب وسميت بعدة مسميات كزيارة الوحدة، وزيارة التحدي للرؤوس الاستعمارية المتعددة، وذلك في اجترام لحالة الطوارئ الصحية بما تتضمنه من إجراءات احترازية للحد من انتشار هذا الوباء.
وتميز تنظيم الحفل الرمزي بالتعاون مع السلطات الاقليمية والمحلية، والهيئات المنتخبة، والمصالح الخارجية، والأساتذة الباحثين والمهتمين بتاريخ الكفاح الوطني، وفعاليات المجتمع المدني،تميز الحفل بحضور قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأبنائهم وذوي حقوق المتوفين منهم وذلك بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة
وفي كلمة بالمناسبة للمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري المنقولة عبر تقنية التناظر المرئي عن بعد “تحدث فيها عن مسار الرحلة السلطانية التي تمت في 09 أبريل 1947 معتبرا أنها شكلت تحولا نوعيا وحدثا متعدد الدلالات ومتكامل المقاصد هيئ له جلالة المغفور له محمد الخامس بكل حنكة وتبصر وبعد نظر في أفق التأسيس لأسلوب تعامل جديد من سلطات الاقامة العامة للحماية الفرنسية ومحطة مفصلية على درب الكفاح الوطني للعرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية والوحدة الترابية”.
وقد استحضر الدكتور مصطفى الكثيري في كلمته “مجموعة من المحطات التاريخية معتبرا أنها السبيل لفهم جدوى ودلالات هذه الرحلة التاريخية، محطات جابه فيها السلطان محمد بن يوسف وزعماء الحركة الوطنية المستعمر بالحجة والبرهان، من خلال دحض ورفض مزاعمه وادعاءاته أمام المنتظم الدولي، معتبرا أن الزيارة الملكية الميمونة للمغفور له محمد الخامس سنة قد كشفت الوجه الحقيقي للمستعمر الفرنسي وجسدت في نفس الوقت أروع صور الوفاء والالتزام بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية والمقاومات التاريخية والحضارية”.
ووقف كلمة المندوب السامي عند مظاهر الاحتفال بالزيارة الملكية الميمونة والغبطة والفرحة العارمة لساكنة طنجة فرحا بقدوم جلالته رحمه الله، ذاكرة وصف العلامة عبد الله كنون للزيارة السلطانية التي وصف فيها ذلك المشهد التاريخي، كما تحدث عن خطاب 10 ابريل الذي وصفه المتحدث بالقنبلة التي انفجرت وسط الإدارة الاستعمارية في تأكيد صريح على عدالة وشرعية القضية الوطنية، ورغبة المغرب في الاستقلال واستعداد أبنائه لبذل الغالي والنفيس في سبيل الحرية والاستقلال والتشبث بالمحيطين العربي والإسلامي ذاكرا قول جلالته رحمه الله “إذا كان ضياع الحق في سكوت أهله عنه فما ضاع حق من ورائه طالب أن حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع فنحن بعون الله وفضله على حفظ كيان البلاد ساهرون ولضمان مستقبلها الزاهر عاملون ولتحقيق تلك الأمنية التي تنعش قلب كل مغربي سائرون”.
وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري أن الجانب الروحي المتجسد في الخطبة التي ألقاها الملك الراحل بالمسجد الأعظم بطنجة حيث أم المؤمنين والتي حث فيها الأمة المغربية على التمسك برابطة الدين باعتباره الحصن الحصين لامتنا ضد مطامع الغزاة .
وأضاف الدكتور مصطفى الكثيري ان المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومع اسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تخلد الذكرى 74 للرحلة السلطانية للمغفور له محمد الخامس مع الأسرة العلوية، رحلة الوحدة الى مدينة طنجة، تتوخى استحضار ملاحم وفصول الكفاح الوطني والتضحيات الجسام التي أسداها بسخاء ووفاء الشهداء الأبرار والإشادة ببطولاتهم والتعريف بإسهامات جميع شرائح المجتمع المغربي بقيادة العرش العلوي المنيف في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة واستلهام القيم الوطنية والمثل العليا ومكارم الأخلاق التي تزخر بها هذه الذكرى وغيرها صونا للذاكرة التاريخية والوطنية والمحلية وعملا بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة إيلاء المزيد من العناية بتاريخنا الوطني المجيد والتزود من ينابيعه الفياضة والمتنوعة لتعزيز مسيرات الحاضر وما المستقبل ومن ذلك ما جاء في خطابه بمناسبة الذكرى 50 لعيد الاستقلال والأيام الثلاث المجيدة حيث قال جلالته قوله المأثور “وإذ نستحضر هذه الصفحات المشرقة من تاريخ المغرب فليس للإشادة أو التبجيل وإنما لاستخلاص العبر والدروس من دلالات الإرث السياسيي والوطني والوقوف على ما بذلته الأجيال المتعاقبة من جهود وتضحيات جسام وكذا على المكاسب الرائدة التي حققتها بلادنا وذلك بإسهام جميع المغاربة كل كمن موقعه مخلفين لنا مغربا حرا متمتعا بسيادته”.
واحتفاء بهذا الحدث التاريخي المجيد بما يليق به من مظاهر الاعتزاز والوفاء والبرور، أعدت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة ومعها النيابات الاقليمية وفضاءات للمقاومة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، برامج أنشطة فكرية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة الوطنية بشقيها الوطني والمحلي وعلاوة على تنظيم أنشطة تربوية وثقافية متعددة ومتنوعة وزيارات حضورية وافتراضية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالجهة، وبمشاركة أسرة المقاومة وجيش التحرير وفعاليات المجتمع المدنية والعمل الجمعوي، توجت فعاليات البرنامج الاحتفالي المخلد لذكرى 9 أبريل بتنظيم ندوة فكرية موسومة بعنوان “اضاءات حول الرحلة السلطانية الى طنجة” بمشاركة رئيس المجلس العلمي المحلي بطنجة الدكتور محمد الحسني كنون، وخبير علوم الإعلام والتواصل وأستاذ الاعلام والتواصل والتاريخ المعاصر بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة الدكتور الطيب بوتبقالت والدكتور بدر الزاهر الأزرق الباحث في التاريخ الدبلوماسي وقانون الأعمال والدكتورة خديجة القباقبي اليعقوبي الباحثة في التاريخ المعاصر والراهن ورئيسة مركز الفكر للدراسات وحوار الثقافات، والتي بثت من خلال تقنية التناظر الرقمي.
وفي المجال الاجتماعي والتاريخي وحرصا من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، على تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمعيشية للمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وخاصة العائلات الاكثر احتياجا في الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا وسائر بلدان العالم إثر تفشي جائحة كوفيد 19، عملت المندوبية على تخصيص إعانات مالية بغلاف مالي إجمالي قدرة 59.000 درهم وهي كالتالي، إعانة على إحداث مشروع اقتصادي ذاتي لأحد أبناء المقاومة وجيش التحرير، إعانتان مالياتان برسم واجب العزاء لأرملتي مقاومين متوفين رحمهما الله، 21 إعانة مالية بمثابة إسعاف اجتماعي لعائلات وأسر من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي ختام هذا الحفل قام الوفد الرسمي بجولة استطلاعية بمختلف أروقة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة والاستمتاع بما يزخر به الفضاء المتحفي من تحف ومعروضات، كما تم تعريفهم من طرف القيمة على الفضاء على الأنشطة الرقمية المتنوعة التي تهدف إلى صيانة الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية وتعريف الناشئة بتاريخنا المجيد الطافح بالدلالات والعبر والتضحيات الجسام التي قدمها شهداء هذا الوطن في سبيل نيل الحرية والاستقلال.

Related posts

Top