الفرن الشمسي.. ابتكار مغربي يحظى باعتراف وطني وتنويه دولي

بعد سنوات من العمل المتواصل تمكن فريق بحث مكون من باحثين في سلك الدكتوراه تحت إشراف البروفيسور خليل قاسمي بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بمدينة وجدة شرق المغرب، من ابتكار فرن شمسي يمكن للسكان استعماله في مجالات متعددة كالتدفئة والإنارة، وكذا بقية الآلات الكهربائية ذات القوة الكهربائية المتوسطة.
ومكن هذا الابتكار فريق البحث من الحصول على براءة اختراع من جامعة “مونس” ببلجيكا (Université de Mons, Belgique)، وبراءة اختراع من طرف المكتب الوطني للملكية الصناعية والتجارية بالمغرب تحت الرقم (1B41222AM)، كما صنف أيضا من بين أحسن الأنظمة في المؤتمر العالمي “كوب 22” المنعقد في مراكش 2016.
ويقول البروفيسور خليل قاسمي المشرف على المشروع للجزيرة نت “يوفر الاختراع المقترح طباخا شمسيا (موقدا وفرنا) عالي الأداء يمكن استخدامه داخل المنازل وخارجها باستخدام الطاقة الكهروضوئية المتجددة”.
تكنولوجيا ملائمة للعالم القروي
وحسب الدراسة التي نشرت يوم 22 فبراير الماضي في المجلة العلمية “جورنال أوف إنرجي ستوراج” (Journal of Energy Storage)، فإن هذا الابتكار يقدم حلا لمشكلة لجوء الناس إلى استعمال الحطب على نحو كبير وخاصة بمدينة تافوغالت بالجهة الشرقية للمغرب، وهو ما يؤثر سلبا على البيئة، حيث خلص فريق البحث إلى أن 60% من سكان البوادي بالمنطقة يستعملون الحطب، مما يشكل خطرا على البيئة.
يقول خليل قاسمي للجزيرة نت “يمكن للمستخدم تزويد منزله بالكهرباء خلال النهار (الإضاءة، الثلاجة) والطهي باستخدام هذا النظام، كما يمكن للمستخدم تخزين الطاقة في بطاريات (2 × 200 أمبير ساعة) للطهي في المساء وعندما لا يكون هناك ضوء الشمس”.
ويضيف “الخلاصة أن الابتكار الذي توصلنا إليه عبارة عن فرن شمسي ذكي ومتطور يسمح بالاشتغال والتحكم عن بعد، وذلك بفضل لوحات ودوائر إلكترونية متطورة تم إدماجها في الفرن لتمكين المستعمل من التمتع بهذه المميزات”.
ويوضح قاسمي أن هذا “الاختراع يهم جميع المواطنين في مطابخ المنازل والمطاعم والمقاهي باستخدام الألواح الشمسية (الكهروضوئية)، ويمكننا من التسخين والطهي خلال الأيام المشمسة وحتى في المساء عن طريق تخزين الطاقة في البطاريات الشمسية، والآن لدينا إمكانية الطهي باستخدام الطاقة الشمسية مجانًا دون استخدام الغاز والخشب من الغابات”.
وأظهرت الدراسة أن كل النتائج التي تم الحصول عليها، تظهر جدوى هذا الاختراع بأنه من خلال الألواح الشمسية (الكهروضوئية) يمكننا توليد حرارة بدرجة قابلة للتعديل وفقا لعدد الألواح الشمسية.
وسوف يتم تسليم النموذج الأولي لـ20 أسرة في القرى، وهم ممن يستغلون غابات المنطقة الشرقية بمدينة وجدة، والهدف من ذلك هو اعتماد طريقة الطهي الإيكولوجية الجديدة لحماية الغابات وبالتالي البيئة من خلال توظيف تطبيقات الطاقة المتجددة.
ويهدف فريق البحث إلى التعاون مع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة الشرقية من المغرب والشركاء الأجانب، من أجل تطوير وتعزيز أفران فعالة موثوقة ومنخفضة التكلفة تعمل بالطاقة الشمسية وقابلة للتكيف مع احتياجات السكان سواء في العالم القروي أو الحضري.
رخيصة وصديقة للبيئة

يأتي هذا الاختراع -حسب فريق البحث- في إطار انخراط المجتمع الدولي لاقتراح بدائل للحد من استخدام أخشاب الغابات، والحد من تركيزات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي وخفض انبعاثاتها قبل عام 2050.
وفي هذا السياق، يوضح قاسمي أن هذا “الابتكار يشتغل بالطاقة الشمسية كمصدر وحيد للطاقة وطريقة اشتغاله لا تنتج أي مخلفات تضر بالبيئة، وكل هذا يجعل من هذا الابتكار صديقا للبيئة”.
ويتابع أن بعض الجمعيات المهتمة بحماية البيئة – مثل جمعية بركان للإنسان والبيئة – شاركت معهم وأنها “قد تابعت جميع مراحل المشروع واقتنعت بأنه بديل للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وبالتالي حماية البيئة”.
ويرى خليل قاسمي في حديثه مع الجزيرة نت أنه “لاستخدام الطاقات المتجددة في هذا الاختراع قيمة مضافة، تسهم في الابتعاد بشكل متزايد عن الوقود الأحفوري ذي العمر المحدود، والذي أصبح الوصول إليه مكلفا، فضلا عن الطبخ المجاني وكذا الحفاظ على البيئة وفتح آفاق جديدة حول التطبيقات الأخرى مثل التجفيف الشمسي للحاصلات الزراعية”.
ويختم قاسمي حديثه بأن الهدف من هذا الابتكار هو إيجاد حل ضد اجتثات الغابات في المغرب، وحل جميع مشاكل الطهي في المناطق الريفية والحد من الآثار السلبية التي يخلفها استعمال الحطب سواء تلك المرتبطة بتلويث البيئة واجتثاث الغابات أو تلك المرتبطة بالتأثير المباشر على صحة الإنسان. (الجزيرة.نت)

<خالد آيت ناصر

Related posts

Top