شهدت مختلف مناطق المملكة، ليلة أول أمس السبت، مسيرات احتجاجية دعت إليها “الجبهة الاجتماعية”، من أجل التنديد بالغلاء الفاحش وغير المسبوق الذي رفع ومازال يرفع من أسعار جميع المواد الاستهلاكية وعلى رأسها الخضر واللحوم الحمراء والسمك والبيض، وهي المواد الأساسية التي لم تعد في متناول فئات واسعة من الأسر المغربية .
وشملت هذه الاحتجاجات التي دعت إليها “الجبهة الاجتماعية”، تحت شعار “نضال متواصل ضد الغلاء والقهر الاجتماعي، من أجل مطالبة الدولة باتخاذ التدابير اللازمة والفورية بغية تخفيض أسعار الخضر والفواكه والأسماك واللحوم وباقي المواد الغذائية الأساسية إلى سابق عهدها”، (شملت) أزيد من 60 مدينة خرج فيها المواطنون الغاضبون بعد وجبة الإفطار الرمضاني وأداء صلاة التراويح، متجردين من كل أمل موهوم، يوحدهم انشغال واحد وهو الرغبة في التعبير عن استنكار الأوضاع الاجتماعية المتردية التي تقض مضجعهم، والتنديد بصمت الحكومة المكتفية بالتفرج على معاناتهم وشكاويهم المتواصلة من لهيب الأسواق المحلية واستغاثاتهم المدوية بأرجاء المملكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الجرائد…لكن دون مجيب، اللهم من بعض الوعود العرقوبية التي تلجأ إليها الحكومة في كل مرة من أجل امتصاص الغضب الشعبي، وهي مجرد تطمينات يكذبها واقع الأسواق الملتهبة.
وهكذا، نظمت بالعاصمة الاقتصادية وقفة احتجاجية شارك فيها مئات المواطنين إلى جانب العديد من الفعاليات الحقوقية والمدنية بالمدينة، جاؤوا إلى ساحة السراغنة من أجل التعبير عن سخطهم إزاء ارتفاع تكاليف المعيشة وتنديدهم بالسياسة التفقيرية للحكومة والتي قضت على الرمق الأخير للطبقة المتوسطة.
ورفع المحتجون لافتات من قبيل ” هذا المغرب الله اكريم لا صحة لا تعليم”، تندد بالارتفاع الصاروخي للأسعار، كما رددوا هتافات تعبر عن رفضهم ضرب القدرة الشرائية للمواطنين وتفقير عموم الشعب ودفعه للهجرة نحو المجهول..
وفي هذا السياق، قال يونس سراج، الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، إن مشاركته في هذه التظاهرة تأتي في إطار النداء الذي وجهته شبيبته من أجل الانخراط بقوة في هذه الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها الجبهة الاجتماعية في جميع مدن المملكة.
وأبرز أن الغلاء الفاحش للأسعار وما يترتب عن ذلك من ضرب للقدرة الشرائية للمواطن وكذا غياب التواصل الحكومي، أسباب، جعلت منظمته الشبابية تتواجد في الميدان رفقة باقي الفعاليات المشاركة، من أجل التعبير جهرا وبصوت واحد، عن رفض السياسات العمومية التي تفقر الشعب المغربي، داعيا، الحكومة إلى الإنصات لنبض الشارع والعمل بشكل فعلي وملموس من أجل التخفيف من هذه الأزمة الاجتماعية والحد من غلاء الأسعار الذي تكتوي بناره جيوب المواطنين.
من جانبه عبر عبد القادر العمري، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن استنكاره الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية، وتنديده بالغلاء غير المبرر والمستمر لأسعار المحروقات رغم انخفاض ثمن البترول على الصعيد الدولي، كما شجب سياسة الحكومة التي قال إنها وعدت بالعمل من أجل “دولة اجتماعية”، لكن، يضيف المتحدث، اتضح أنها حكومة “الفوارق الاجتماعية”.
وفي مدينة الرباط، تجمع عشرات المتظاهرين أمام البرلمان من أجل التعبير عن غضبهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والذي طال حتى المواد الأكثر استهلاكا من قبل الأسر الفقيرة والمتوسطة.
وحمل المحتجون لا فتات بالبنط العريض، تستنكر الأوضاع المزرية التي يرزح تحت نيرها المواطن الفقير المغلوب عن أمره، مرددين شعارات من قبيل “هذا عيب هذا عار الزيادة في الأسعار.. بلادنا فلاحية والخضرا غالية علينا”.
كما أعرب هؤلاء الغاضبون، عن رفضهم سياسات الحكومة التي قالوا إنها لا تخدم سوى الفئة الغنية والميسورة من المجتمع.
وتطالب الجبهة الاجتماعية بإنقاذ شركة “سامير”، وبزيادة إجمالية في أجور الشغيلة من عمال ومستخدمين وموظفين، ورفع التهميش عن العالم القروي.
وقالت الجبهة إن الغلاء غير المسبوق الذي “يكتوي بلهيبه الجميع” ليس قدرا منزلا، بل هو نتيجة “السياسات المعادية لمصالح الشعب والوطن التي طالما نبهت لخطورتها سائر القوى التقدمية ببلادنا”، وأضافت إنه نتيجة “لسيادة اقتصاد هش مرهون بتقلبات الأوضاع بالخارج وبأحوال الطقس وقائم على الريع والاحتكار والتبعية للدوائر الإمبريالية والفساد والرشوة والزبونية والمحسوبية كما هو نتيجة لسيادة الاستبداد وغياب المحاسبة والديمقراطية”.
سعيد ايت اومزيد
تصوير: طه ياسين شامي