نظم معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية، مؤخرا، بمدينة بيروت حلقتين نقاشيتين حول الناشطية في مجالي حماية البيئة والحق في المدينة في المنطقة العربية. وشكل الملتقى فرصة لتلاقح الأفكار والتجارب وعرض مختلف التصورات حول الناشطية البيئية والحضرية. وتقاطعت الأفكار والرؤى من زوايا مختلفة كما تكاملت وتوافقت حول القضايا المشتركة في عموم الوطن العربي.
وتداول المشاركون خلال الجلسات المتنوعة مجموعة من المفاهيم والمصطلحات عكست المشهد العام للوطن العربي وتجلياته الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وبرز مصطلح “الناشطية” (ACTIVISM) كمصطلح يكون حمولة معرفية دقيقة، يأتي في سياق الحيوية التي يشهدها المجتمع ليضيف معنى أكثر شحنة عن باقي المصطلحات المستعملة في سياقات مختلفة وذات أبعاد محددة من قبيل ” النضال” “الحراك” “التعبئة” …والتي ارتبط كل منها بمفاهيم شكلت لدى الرأي العام العربي رموزا ومعاني مرتبطة بالزمان والمكان خلال عقود من الزمن…
واستقطبت المشاكل البيئية تدريجيا اهتمام الرأي العام وباتت محركا للحركات في المنطقة العربية. وحاولت الحلقة النقاشية حول الناشطية في مجال حماية البيئة في المنطقة العربية رصد الجهات الفاعلة الرئيسية في المشهد البيئي العربي، وتوسع التعبئة من أجل شؤون بيئية خلال العقد الماضي. وتدارس المشاركون سبل الانفتاح على الأوضاع السياسية في العقد الأول من القرن العشرين، وخاصة في مصر والمغرب، ومجال توسيع مساحة التعبئة ودور الربيع العربي في تنشيط الناشطية البيئية، ومختلف أشكالها الرئيسية من جمعيات بيئية، وحملات، وحركات مقاومة غير رسمية… ثم الاستراتيجيات المستخدمة من قبل الجهات الفاعلة فيها وكذا مستقبل الناشطية البيئية في العالم العربي في ظل زيادة التحديات البيئية وهيمنة سياقات السياسة التقييدية.
وأفادت دينا الخواجة مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأمريكية ببيروت (AUB)، خلال الجلسة الافتتاحية، أن الملتقى يندرج ضمن الجلسات نقاشية الثلاث لمشروع الحركات الاجتماعية العابرة للقوميات حيث تم تناول ورشة حول الناشطية الالكترونية وملتقى آخر حول الحركات المناهضة للعولمة .
الناشطية في مجال حماية البيئة في المنطقة العربية
وقال حمزة مؤدب (جامعة جنوب البحر المتوسط، تونس) خلال الجلسة الأولى حول محور “عقدين من الناشطية البيئية في المنطقة العربية” أن الناشطية البيئية والحركات تطمح إلى الحق في الوصول الى الموارد الطبيعية، وكذا الحق في بيئة سليمة حيث وجب تناول بروز الحركات وظروف نشأة الناشطية البيئية في عموم المناطق في سياقات سياسة مختلفة من بلد إلى آخر ذلك أن الناشطية البيئية، المتواجدة بالوطن العربي منذ عقدين وتطمح لطرح قضايا المسألة البيئة، لم تطرح كما طرحت في أوروبا من جانب بروز حركات تطمح لطرح قضايا بطريقة معينة وأجندات مختلفة سواء على مستوى “الجندر” وحقوق الاقليات أوالبيئة . وأكد مؤدب أن الناشطية البيئية في الوطن العربي أكثر الحركات مقاومة لوضع اقتصادي واجتماعي وحوكمة منخرمة مند الخمسينات الى الثمانينات وبديات لتسعينات. مما يستوجب التطرق لخصوصيات الناشطية بالمنطقة خلال العشرين السنة الماضية. مشيرا إلى تجارب كل من تونس و مصر والمغرب في الوطن العربي. كما أن جلوس النشطاء البيئيين مع السلطة والتفاوض هي مداخل حلول الناشطية البيئية .
وتحدث المشاركون من وجهات نظر مختلفة خلال الجلسة الاأولى عن “عقدين من الناشطية البيئة في المنطقة العربية” أدارها عمرو عادلي من الجامعة الأميركية في القاهرة بمصر. وأكد سفيان جاب الله من جامعة سفاكس في تونس أن الحملات الشبابية البيئية في تونس نادرة لكنها خاضت العديد من التجارب. وقال خالد منصر، خبير وناشط من مصر أن تضاؤل شعور الناشط بالأمان في ساحة من بين المشاكل الرئيسية التي تواجه العمل البيئي وأن السكان المحليون يخافون من المجموعات المعنية بالبيئة حيث سبق أن رفضوا مقابلة لجنة من البنك الدولي لأنهم لا يثقون إن كانوا فعلا سيحمون مصالحهم. وأضاف بول أبي راشد عن الحركة البيئية اللبنانية من لبنان أن أمام الجمعيات البيئية والناشطين البيئيين في لبنان تحد قادم أكبر من النفايات الا وهو مسألة النفط. وأن الانتماء السياسي الطائفي عند الناشطين اللبنانيين في لبنان أقوى من القناعات.
وركزت الجلسة الثانية حول فرص واستراتيجيات التعبئة التي أدارتها منى حرب من الجامعة الأميركية في بيروت، لبنان على استراتيجيات التعبئة التي تستخدمها الجهات الفاعلة الاجتماعية والحركات الاحتجاجية. ورصد كيف يتم تقديم المطالب البيئية عمومًا من أجل الوصول إلى الخدمات العامة من قبيل هواء أنظف، تلوث أقل، إدارة أفضل للموارد …. ، مما سيؤهل لنسج ائتلافات عابرة للطبقات الاجتماعية، وكذلك تحالفات بين الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، للبحث عن أماكن للتأثير في صنع القرار والحصول على تنازلات. كما تشكل الإضرابات والعرائض والاعتصامات أدوات مفيدة للحصول على ردود من السلطات؛ ويتصاعد دور الخبراء والعلماء والمحامين في ابتكار أدوات أخري لمناصرة القضايا البيئية.
وقال علاء طالبي من “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” في تونس أنه عندما تجتمع التعبئة الجماهيرية مع التفويض ووضع السياسات، يمكن الوصول إلى حل للمشاكل البيئية. وتحدث خير الدين دبية من “حركة أوقفوا التلوث” في تونس عن مدى التلوث الذي لحق بمدينة قابس التونسية، مضيفا أن أحد أهم أهداف الحركة كانت فك العزلة الإعلامية عن تغطية القضايا البيئية في حين قال وائل جمال، صحافي وناشط من مصر أن مؤشر الناتج المحلي لا ينظر إلى التكاليف البيئية. كما يوجد حالة عدم وضوح في مصر فيما يتعلّق بالدراسات حول البيئة. وتحدث وائل عن تجربة أهالي دمياط في مجابهة بناء مصنع أسمدة متعدد الجنسيات في المحافظة عام 2008، متناولا جانب إشراك السياسيين والسكان في التوصل إلى حلول للقضايا البيئية، ومخاوف الناشطين إزاء تهدّم جهودهم إثر تدخل السياسة في قضايا الناشطية البيئية.
وعرض شادي كمال حمادة، مؤسس منظمةGreenline، من لبنان تجربة نشأة المنظمة ومجال اشتغالها مشيرا إلى أن الحركة البيئية في لبنان تفتقر إلى حلول عملية.
واستعرض المشاركون خلال الجلسة الثالثة التي أدارتها دينا الخواجة مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة وخصصت لمحور الاستراتيجيات، التواصل والشبكات، مختلف التحديات المتعلقة بالحصول على الأراضي، والمياه التي تستخدم لأغراض الري الزراعي، وكذلك الخدمات العامة، من جهة، وتحول وظائف الدول على مدى العقود الماضية. وقدم كريم عيد صباغ، باحث وناشط من لبنان، شرحًا عن مختلف أشكال التعبئة البيئية في لبنان على مستوى المياه و الجهات الفاعلة المسؤولة عن قطاع المياه في لبنان . وتحدث علاء مرزوقي من “المرصد التونسي للمياه” عن حركات الاحتجاجات المنددة بالتعديات على الثروات المائية في تونس. مذكرا بجهود المرصد في ضمان الحق في المياه في تونس.
ومن جانبها تناولت ثريا الكحلاوي من “كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية” قمع الحركات البيئية في البلد الشمال أفريقي. وعن دور الباحثين في حماية الحركات المطالبة بالحقوق البيئية وسبل دعمها. مؤكدا أن وجوب دور الباحث في عملية التشبيك بين الناشطين البيئيين .
الناشطية في مجال حماية الحق في المدينة في المنطقة العربية
وعرض المتحدثون في الجلسة الأولىذ من الحلقة النقاشية “الناشطية في مجال حماية الحق في المدينة في المنطقة العربية” حول محور “الموروثات والمسارات والأطر/ الرؤى”، التي أدارها حمزة مؤدب من جامعة جنوب البحر المتوسط بتونس، بدايات حركات الحق في المدينة ودور البرامج الأكاديمية في تنشيط الدراسات الحضرية النقدية وفي التخطيط الحضري في محاولة إنشاء جيل جديد من الناشطين الحضريين. ومختلف الخصائص التي تميّز المسارات والنماذج الاجتماعية للناشطين المُدُنيين حاليا. ثم تناول النظريات التغييرية التي توجّه عمل الناشطين المُدُنيين. وذكر سيرج يازجي عن الجامعة الأميركية في بيروت بلبنان، بالدور الذي لعبته الجامعة على مر السنين في تتويج جهود الحركات الاجتماعية وتخطى حدود الوطن، وفي تعزيز جهود الحركات التغييرية عبر السنين. وعن تزامن الأزمات في لبنان مع سوء الإدارة، لكن هذا الأمر يخلق عند الشعب رغبة في التغيير. وتحدث يحيى شوكت عن 10 طوبة بمصر عن توجه عمل المجموعة إلى قضايا عمرانية تخص المواطن. في حين أشار سامي تركي ياسين من “المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس” عن البلدية في الذهنية لتونسية كامتداد للسلطة المركزية والنظام السياسي. متناولا النمط التنظيمي للناشطية _الحضرية في تونس بعد ثورة 2011. وقال ثريا الكحلاوي من المغرب أنه لا يوجد في المغرب حركات تعنى بالحق في المدينة، بل يوجد “لا حركات” تتعلّق بالعشوائيات في المدن. تشهد القضايا الحضرية في المغرب منذ 2018 تحولًا راديكاليًا، وقد بات الإعلام يغطي الأحداث المتعلّقة الناشطية_الحضرية.
وتناقش المشاركون في الجلسة الثانية والتي أدارتها دينا الخواجة مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، حول “المؤسسات، الحوكمة، والاستدامة” مختلف الأنماط التنظيمية والمؤسساتية لحركات الناشطين الحضريين وهياكل الحوكمة التي اختاروا الاحتكام لها. و السمات القانونية التي تحكم عملهم. ثم أنظمة العضوية في حركاتهم وتنظيماتهم.
وأفادت ناهدة خليل عن تجربة “بيروت مدينتي” كحركة مُدُنية أو سياسية أن الاستدامة في ظل العمل التطوعي هي من أحد أبرز التحديات التي تواجه الناشطية_الحضرية. وأعطت أمنية خليل من جامعة نيويورك المدُنية CUNY و طوبة بمصر 10 نبذة عن الأجندة العمرانية في مصر.مضيفة أن ابرز التحديات تكمن في الانتاج المعرفي والعمل الميداني.
وتطرق علاء طالبي من “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” إلى قدرة الحركات الاجتماعية على خلق مساحات مشتركة وأفق سياسي..ومن جهته تحدث عبد الإله صتي من جامعة محمد الخامس بالرباط عن احتجاجات الهوامش في المغرب والتحول من المطالب الاجتماعية إلى الحق في المدينة. وأن الحركات الاجتماعية في المغرب رفعت شعارات التهميش والاقصاء، والكرامة الاجتماعية.
وتناول المتحدثون في الجلسة الثالثة التي أدارتها سارة مراد من الجامعة الأميركية في بيروت، لبنان حول محور “الاستراتيجيات، التواصل، والشبكات” الاستراتيجيات وتكتيكات العمل المستخدمة في التنظيم والتعبئة، ودور وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التواصل في التأثير على تحويل العمل التنظيمي والتعبوي. وتفاعل الناشطون الحضريون مع المجموعات المحلية والوطنية وعبرالقومية الأخرى. وتحدث عمر نجاتي (مختبر عمران القاهرة للتصميم والدراسات، مصر)، عن إعادة تأطير الناشطية الحضرية خلال الانتقالات السياسية في مصرو الأساليب المرئية التي يستخدمها من أجل بناء الرأي العام حول قضايا الانخراط المدني.و كيفية إعادة النظام إلى القاهرة كمدينة تمرّ بمرحلة تغيّر سياسية.
واستعرض سفيان جاب لله (جامعة سفاكس، تونس)، بعض مقالاته تحت عنوان: “الراب، السلفية العِلمية والألتراس؛ حين تحكي الحومة الشعبيّة” كأحد الأشكال المتجددة للاحتجاج. وقالت وفاء بلعربي من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط أن المدينة المغربية عامة، والضواحي خاصة، تعاني من تشتّت وتجزّء حضاري، الأمر الذي ينتج عنه تشتّت تعبوي في هذه الفضاءات. مع التمييز بين نوعين من الحركات الاجتماعية، أولها الحركات الكبرى (الانتفاضات)، وثانيها الحركات الصغرى التي تكون على مستوى الأحياء والضواحي (التعبئات).
أما الجلسة الرابعة حول محور “الحضرية كيوتوبيا؟” والتي أدارتها منى حرب من الجامعة الأميركية في بيروت، بلبنان فتحدث المشاركون فيها عن التحديات التي يواجهها الناشطون الحضريون والفرص المتاحة لهم، في مدن المنطقة العربية.
وتناول حبيب بطاح صحافي وناشط مُدُني من لبنان، الحاضر والمستقبل السياسي للناشطية في لبنان التحول التي شهدته الفضاءات والممارسات الاحتجاجية في لبنان في زمن ما بعد الطائفية. في حين أكد خير الدين دبية من حركة “أوقفوا التلوث” في تونس أن”همنا أن لا يتم استغلال خطابنا لصالح جهة معينة”، و”قد رفعنا شعار “فصل الدين عن التلوث”، وأن أحد تكتيكات السلطة في مجابهة الحركات البيئية وكافة الحركات الاجتماعية هو توظيف النعرات المناطقية من أجل تفرقة الأفراد.أما منى حرب من الجامعة الأميركية في بيروت بلبنان فتساءلت عن استخدام كلمة “ناشطية” عند الحديث عن القضايا البيئية والحضرية هي تمييع لهذه النقاشات، مشيرة إلى أن هناك رابط محتوم يوجد بين ما هو حضري وما هو سياسي.
يشار أن الملتقى شهد عرض فيلم “عطاشى تونس” ونقاش مع منتج الفيلم: علاء مرزوقي. وكذا فيلم “واش حنا مغاربة” ونقاش مع منتجته ثريا الكحلاوي. وأعقب العروض نقاشات مستفيضة اغنت اللقاء بمختلف الآراء والافكار.
***
دينا الخواجة: *
الناشطية البيئة ترتبط ارتباط وثيقا بالتحولات الاقتصادية والسياسية في العالم
< ما هو سياق ودواعي الملتقى؟
> يأتي اللقاء في إطار ازدياد مقاومة المشاريع الحكومية واسعة النطاق وكذلك مقاومة نزع ملكية الأراضي والحراكات ضد تلوث الهواء وسوء إدارة النفايات بشكل مطرد في العديد من الدول العربية، ومثلت أوجه المقاومة أهم تجليات هذه الأجندات السياسية في العديد من المناطق. كانت هذه التعبئة المحلية سواء في قابس في تونس ضد تلوث الهواء والأرض بسبب الصناعة الكيميائية أو في الإسكندرية في مصر، وغيرها من الأماكن، أساسية في بناء الناشطية البيئية وفي خلق شبكات احتجاج. من هنا أردنا فتح نقاش عن الفاعلين الرئيسيين المشاركين في هذه الناشطية البيئية، وردود الحكومات على الحملات البيئية وغيرها من أشكال الناشطية في المجال البيئي، ودور المنظمات غير الحكومية في تشكّل المطالب البيئية والتعبير عنها.
< ما هي الأدوار التي يمكن أن تشكلها الناشطية البيئية في المشهد البيئي العربي؟
> شكلت الناشطية حول القضايا البيئية والوصول إلى الموارد الطبيعية من أرض ومياه عنصرا أساسياً في المشهد الأوسع للتعبئة في أنحاء العالم العربي خلال العقدين الماضيين .فما بين الاحتجاجات ضد تأثير الصناعات الاستخراجية في منطقة قفصة المشهورة باستخراج المعادن أو في منطقة قرقنة التونسية أو في المغرب، ومظاهرات “حركة طلعت ريحتكن” في لبنان ضد سوء إدارة النفايات أو ضد مشروع بناء السدود في شمال لبنان، والحشد من أجل الوصول إلى ملكية الأراضي في جمنة أو ضد تلوث الهواء في جنوب تونس، ظهرت ديناميات جديدة للناشطية البيئية في أنحاء المنطقة على الرغم من قمعية الأنظمة ومحاولاتها للحد من الوصول إلى المعلومات وتقييدها لمساحات التعبئة.
وتتسم الناشطية البيئية في جميع أنحاء العالم العربي بكونها متنوعة وغير رسمية وتتشكل كحركات محلية تطالب بالحصول على الموارد الطبيعية والخدمات البيئية.
ومع تزايد عدد المنظمات غير الحكومية البيئية، والحملات التي ينظمها النشطاء، لا تستهدف هذه الاحتجاجات الحكومات فقط بل أيضًا الشركات الوطنية والدولية التي تساهم في التلوث وتسعى لتحميلها المسؤولية عن التدهور البيئي الذي يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين. وفي حين يرتبط انتشار الناشطية البيئية ارتباطًا وثيقًا بتحول الاقتصاديات السياسية في مناطق العالم، نجد أن الخطابات التي تستخدمها الحكومات والشركات الكبرى تركز بشكل متزايد على حلول قصيرة المدى وتكنوقراطية. في الواقع، أدى النمو السكاني والتمدن غير المنظم وغير المخطط له وتقلص دور الدولة، لا سيما من حيث تراجعها في إدارة القطاعات العامة وفي تقديم الخدمات العامة الي توسُّع نطاق المشاكل البيئية. وأدى توسُّع الحدود الحضرية/ المُدُنية إلى تفاقم النزاعات حول المنشآت الصناعية ومكبات النفايات والمحارق. كما أن خصخصة الأراضي وتسييس إدارة إمدادات المياه، التي لجأت إليها العديد من الأنظمة العربية بشكل متزايد كأداة للعمل الزبائني، قد أطلقت العنان أيضاً لحركات مقاومة لعمليات نزع الملكية في المناطق الريفية.
(*) مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الامريكية ببيروت.
> بيروت : محمد التفراوتي