تم في بحر هذا الأسبوع تنصيب أعضاء جدد للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا بـ “الهاكا”، هذه الهيئة التي يناط بها ضبط القوانين التي من المفروض أن يخضع لها قطاعنا السمعي البصري، ومراجعة دفاتر التحملات، إلى غير ذلك من المهام، خصوصا وأن تحرير هذا القطاع أفرز لنا مشاريع تستدعي المواكبة من أجل التقويم وإذا اقتضى الأمر الزجر والعقاب.
***
من الصعب الحديث أو العمل على تقييم المنتوج الإعلامي الذي تقدمه إذاعاتنا وتلفزاتنا، سواء ما ينتمي منها إلى القطاع العام أو الخاص، أخذا بعين الاعتبار تعدد هذه المحطات ووفرة البرامج التي تبثها على امتداد ساعات اليوم، إضافة إلى أن كل محطة من هذه المحطات تشكل حالة خاصة، تستدعي معالجة شمولية لأجل الوقوف على النقائص ومكامن الخلل والقوة.
حين ظهور الدفعات الأولى من إذاعاتنا وقنواتنا التلفزية الخاصة – أساسا الإذاعات لأن تحرير القطاع البصري أتى في التالي- وجد مؤسسوها أنفسهم أمام عائق كبير، يتمثل في عدم وجود طاقات كفأة لها تجربة وخبرة في ميدان التنشيط الإذاعي والتلفزيوني، وبالتالي كان لا بد من الاستنجاد ببعض الأسماء التي بدأت في شق طريقها، مع الاستعانة بأسماء أخرى أغلبها محال على المعاش، لكنها لا تزال قادرة على مواصلة العطاء ووضع خبراتها وما راكمته من تجارب رهن إشارة القادمين الجدد، هناك من أتى من الصحافة المكتوبة إلى السمعي البصري مباشرة دون أن يكون مسلحا بمعرفة ضرورية في هذا الميدان. في هذا الإطار لا يمكن أن نغفل الدور الذي لعبته في ما بعد المعاهد الصحفية الخاصة والتي يمكن اعتبارها أتت مواكبة لهذه الدينامية التي عرفها حقلنا الإعلامي بصفة عامة، وقد ساهمت في تخريج أفواج جدد اكتسبت معرفة في مختلف التخصصات المرتبطة بالإعلام السمعي البصري، وإن كانت نسبة المؤهلين وذوي الكفاءات تظل مع ذلك جد محدودة؛ لاعتبارات مرتبطة خصوصا بكون بعض أصحاب هذه المعاهد، لا سمح الله، يغلبون الربح المادي على توفير جودة التعليم.
لكن هل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من خلال ما راكمته من سنوات، كانت فارضة حضورها في هذا الميدان؟ نادرا جدا ما كنا نسمع عن تدخلها لضبط سير هذه المحطة الإعلامية أو تلك، مع أن أي إغفال من طرفها لأي تجاوزات تقدم عليها إذاعاتنا وتلفزاتنا، من شأنه أن يشجع هذه المحطات على التمادي في أخطائها وزلاتها التي لا تغتفر.
***
من المؤكد أن من صالح بعض الإذاعات والقنوات التلفزيونية سواء العامة أو الخاصة، أن تقوم بوقفة تأمل، وتعيد النظر في قيمة ما تبثه، حتى إذا رأت أنه ليس في مقدورها أن تواصل السير على النهج القويم؛ يكون رحمة بها ورحمة بمتلقيها على السواء؛ أن تسدل الستار وتذهب إلى حال سبيلها، ومريضنا ما عندو باس.
عبد العالي بركات