الوحدة الترابية للمغرب هي أساس ما يحدث

الأزمة المغربية الإسبانية بدأت بسلوك ديبلوماسي وسياسي وعملي عدواني من مدريد في حق المغرب ووحدته الترابية، واتخذ ذلك أشكالا متعددة في الشهور الماضية ثم توج باستقبال زعيم الانفصاليين فوق التراب الإسباني بهوية وجواز مزيفين ودون إخبار الرباط، وهذه العدوانية الواضحة تكرست أيضا في أحداث سبتة ومليلية المحتلتين…
وعدد من التصريحات العدائية الصادرة في الفترة الأخيرة عن سياسيين إسبان تفضح تفشي عقلية استعمارية مقيتة وسط نخب كثيرة داخل الدولة الإيبرية في علاقتها بالمملكة الجارة.
الأمر إذن يتعلق بالوحدة الترابية للمغرب في الصحراء وفِي المدينتين المحتلتين في الشمال، ورد الفعل المغربي المشروع يبرره التمسك بحقوقه الوطنية واستقلاله وسيادته، وبضرورة أن تتعامل معه اسبانيا بالاحترام والندية الضروريين، وبالوعي من لدنها بأن الزمن تبدل، وأن زمن الاستعمار والهيمنة لم يعد قائما، وآن الأوان لإعمال الوضوح المطلوب، والتحلي بشجاعة الإقدام عليه، خصوصا من طرف مدريد.
بالنسبة لنا نحن في المغرب، نحن أمام مسؤولية وطنية تفرض الدفاع عن الوحدة الترابية لبلادنا وعن القضايا الوطنية المشروعة للمغرب.
هذا ليس كلام خطب أو مجرد تكرار للمحفوظات، ولكنه عمق السياسة وكنهها.
القوى الوطنية والديموقراطية ذات المصداقية والجدية والتاريخ تخوض المعارك الداخلية من أجل الحريات والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والإصلاح المؤسساتي وغير ذلك، ولكنها كلها تصطف للدفاع الجماعي عن الوحدة الترابية للبلاد واستقلالها الوطني، ولا تخلط المعركتين معا أو تقايض الأولى بالثانية.
هكذا عاش الكبار والرواد في النضال الديموقراطي والتقدمي طيلة التاريخ السياسي المغربي، وما يشهده العالم ومنطقة غرب المتوسط اليوم من تحولات وصراعات، وأيضا ما يتميز به الجوار الإقليمي للمغرب، كل هذا يطرح أمامنا الصراع المحتدم حول المصالح والتموقعات والحقوق، وموقعنا ضمن هذه الاصطفافات كلها هو في الدفاع عن حقوق بلادنا ومصالحها الوطنية والإستراتيجية.
إن ما تعتقده بعض النخب الرجعية والاستعمارية الإسبانية تجاه المغرب، وحنين بعض الأوساط السياسية وغير السياسية هناك للعهد الاستعماري الماضي، وما تقوم به سلطات الجار الإيبري هذه الأيام في محيط وداخل المدينتين المغربيتين المحتلتين، كل هذا يجسد منطقا عدوانيا وتصعيديا يرفضه المغرب والمغاربة، وفِي كل الأحوال هو منطق بقي دائما يظهر ويتراجع من لدن مدريد بحسب مصالحها، ولكن مغرب اليوم اختار أن يرفضه ويفضحه ويواجهه صراحة وجهارا، وهذا بالضبط هو عمق ما يحدث حاليا بين البلدين.
هذه الهجومية الديبلوماسية المغربية، وهذا الحزم المبدئي الصارم، يقتضيان اليوم إسنادهما بتعبئة وطنية سياسية وإعلامية واسعة، وبضرورة تحصين الموقف الوطني المغربي بتمتين الإصلاحات التنموية والديموقراطية الداخلية، وتقوية الجبهة الداخلية.
ليس القصد الإمعان في التصعيد الأعمى أو العاطفي أو السير بلا وضوح مقصدية أو بعد نظر، ولكن المطلوب هو إشراك شعبنا وتنويره وتعبئته لاستيعاب عمق المشكلات المطروحة اليوم، وطبيعة العدوانية الإسبانية في حق بلادنا وخلفياتها، وأيضا استثمار أدوار الهيئات السياسية والمجتمعية والشعبية ووسائل الإعلام الوطنية والمنظمات المهنية لتوطيد منظومة العمل الديبلوماسي والإشعاعي المغربي في هذه الفترة الدقيقة…
الوحدة الترابية والقضايا الوطنية الكبرى لبلادنا هي أساسية وجوهرية، وتتمتع بإجماع واسع وسط المغاربة، ولذلك من غير المقبول ألا يشملها النقاش العمومي الواسع، وألا يبادر الإعلام العمومي لتفعيل اهتمام واسع وتعبوي بها، والانفتاح في ذلك على التعبيرات الأساسية في المجتمع ذات التخصص والمعرفة والمصداقية…

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top