قالت رشيدة الطاهري، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن المدخل الأساسي لإصلاح المنظومة التعليمية المغربية ينطلق من إصلاح المؤسسة التعليمية التي تعتبر الفضاء الذي يتم فيه تكوين التلميذ والتلميذة.
وأضافت الطاهري التي كانت تتحدث، يوم الجمعة الماضي، بالرباط، في افتتاح الجمع العام لقطاع التربية والتكوين التابع لحزب التقدم والاشتراكية، أن إصلاح المدرسة العمومية يكمن في تمكينها من اتخاذ القرارات، وإعطاء المؤسسات المحلية والأكاديميات الجهوية صلاحيات أكبر، وتمكينها من القرار دون الرجوع للمركز الذي دعت إلى جعله مختصا في سن السياسات العامة للقطاع ومراقبة التنزيل.
وأوضحت الطاهري أن إصلاح منظومة التربية والتكوين يأتي كذلك من خلال تفعيل مبدأي المساواة والعدالة في الولوج إلى المدرسة، عبر تمكين الأطفال، إناثا وذكورا، من الولوج للمؤسسات التعلمية، فضلا عن تعميم هذا الحق على جميع الفئات بمختلف المناطق قصد تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية في الولوج إلى التعليم باعتباره حقا أساسيا.
الطاهري التي قدمت أرضية النقاش انطلاقا من الوثائق التي اعتمدها الحزب لمؤتمره الوطني العاشر الذي ينعقد نهاية الأسبوع الحالي، أكدت أيضا على ضرورة اعتماد هذه الإصلاحات ضمن الإصلاحات الكبرى والشمولية التي يجب أن تشمل قطاع التعليم.
وذكرت بأهم المحطات التي عرفتها منظومة التعليم بالمغرب، والإسهامات التي قدمها الحزب في جميع هذه المحطات منذ تسعينيات القرن الماضي إلى حدود المرحلة الحالية، عبر تسيير وزارة التعليم من قبل إسماعيل العلوي، وكذا من خلال عدد من المذكرات والتوصيات التي رفعها الحزب إلى الجهات الوصية على القطاع، فضلا عن النقاشات التي دأب الحزب على تنظيمها حول موضوع “التعليم”.
ورصدت الطاهري مجموعة من الاختلالات التي يعرفها قطاع التعليم بالمغرب، من قبل غياب التكافؤ بين العالمين الحضري والقروي، وكذا التمييز على أساس الجنس بين الذكور والإناث، معتبرة أن المدرسة العمومية المغربية أصبحت تعيد إنتاج الفوارق الاجتماعية والمجالية بحيث تتسع الهوة بين الفئة الميسورة والفئة الفقيرة، خصوصا مع اعتماد الفئة الأولى على التعليم الخصوصي والتعليم الأجنبي، داعية إلى مراجعة هذه المعطيات والدفع في اتجاه جعل المدرسة تساهم في تقليص الفوارق عوض توسيعها.
وقدمت الطاهري، في هذا السياق، مجموعة من المقترحات التي ساهم بها الحزب من أجل إصلاح التعليم، والتي قالت إن آخرها مذكرة رفعها الحزب سنة 2014 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والتي تضمنت، حسب الطاهري، 10 إجراءات كبرى و56 مقتضى، مشيرة إلى أن الحزب لا يكتفي بالانتقاد فقط، وإنما يقدم إسهامات وحلول للخروج من الوضع الحالي المتردي الذي يعرفه التعليم بالمغرب.
وشددت الطاهري، في ذات اللقاء الذي سير أشغاله رشيد روكبان عضو الديوان السياسي، أن الحزب يدافع، من خلال عدد من محطاته الداخلية، سواء المؤتمرات أو النقاشات العمومية أو المنتديات التي ينظمها أو بلاغاته، على المدرسة العمومية والتعليم، مشيرة إلى أن حزب التقدم والاشتراكية يؤمن بضرورة توفير العدالة والمساواة والجودة في المدرسة المغربية، من أجل أن تحظى جميع الفئات الشعبية بحق الولوج إلى التعليم، باعتباره حقا أساسيا وكذا من أجل تحقيق التنمية وترسيخ الديمقراطية والوصول إلى عدالة اجتماعية ومجالية.
في ذات الإطار، قالت عضوة الديوان السياسي “إننا نعتبر في حزب التقدم والاشتراكية، أن الطموح الذي يجعل المغرب ينخرط في مجتمع متقدم حداثي تسود فيه العدالة الاجتماعية والديمقراطية، يمر بالأساس من خلال تأهيل العنصر البشري ومن خلال التربية والتكوين”، مضيفة أنه “ليس هناك سياسة في بلادنا أهم من تلك التي تضمن لكل أطفال المغرب معرفة تواكب العصر ومهارات تتماشى وحاجيات المجتمع في حركية دائمة، جاعلة، بالفعل، قضايا التربية والتكوين في صلب الانشغالات الوطنية باعتبار التعليم أولوية من الأولويات ومدخلا أساسيا للتنمية”.
ودعت القيادية في حزب التقدم والاشتراكية إلى ضرورة محاربة الظواهر التي أصبحت تهدد المدرسة العمومية كالهدر المدرسي الذي يتزايد بشكل سنوي بفعل عدد من الاختلالات، مبرزة في هذا الجانب أن 99 بالمائة ممن يتابعون دراستهم في السلك الابتدائي يتقلص عددهم إلى 87 بالمائة في السلك الإعدادي، ثم إلى 61 بالمائة في الثانوي، و16 بالمائة فقط يصلون إلى الجامعة، مشددة على أهمية التعاطي مع هذه الأرقام بالجدية اللازمة من أجل إيجاد حلول ناجعة لهذه الظواهر.
وقدمت الطاهري قراءة في الوثيقة السياسية التي أعدها الحزب في هذا الجانب، داعية مناضلات ومناضلي الحزب، أعضاء قطاع التربية التكوين، إلى جعل محطة المؤتمر الوطني العاشر فرصة لإعطاء النقاش العمومي حول التعليم، إشعاعا وطنيا، وتطعيم وثائق الحزب بالأفكار والمقترحات، فضلا عن مواكبة الدفاع عن قضايا التعليم، ومواصلة الجهود، بعد المؤتمر، من أجل المساهمة في إصلاح هذه المنظومة الأساسية، وذلك، “تماشيا والتوجه السياسي اليساري لحزب التقدم والاشتراكية الذي يؤمن بالتعليم كمدخل أساسي للتنمية، بالإضافة إلى كونه حق أساسي لجميع الفئات الشعبية”، تقول المتحدثة.
إلى ذلك، عرف اللقاء الذي أشرف عليه أعضاء الديوان السياسي: رشيدة الطاهري، محمد الأمين الصبيحي، نعيمة بوشارب، ورشيد روكبان، وشارك فيه مناضلات ومناضلو الحزب أعضاء القطاع، نقاشا مستفيضا حول أوضاع التعليم ببلادنا، حيث أجمعت جل التدخلات على ضرورة التعجيل بإصلاح منظومة التربية والتكوين، وإعطاء الجهوية مكانة متقدمة في مجال التعليم، من أجل أن تحظى المؤسسات التعليمية بصلاحيات أكبر تمكنها من اتخاذ مجموعة من القرارات وتنخرط في الإصلاح.
كما دعا عدد من المتدخلين إلى إعادة النظر في كثير من الإصلاحات التي مست قطاع التعليم، وعلى رأسها إقرار نظام “التعاقد” مكان التوظيف الذي كان معمولا به في السابق، والذي يوفر، حسب بعض المتدخلين، تكوينا أفضل للأساتذة، وكذا استقرارا بالنسبة للوضعية المهنية، مؤكدين على أهمية العنصر البشري في إنجاح إصلاح هذه المنظومة.
من جهة أخرى، انتخب الجمع العام، الذي التئم بالمقر الوطني للحزب بالرباط، محتات بوجمعة منسقا وطنيا لقطاع التربية والتكوين، كما تم انتخابه عضوا للجنة المركزية عن القطاع للولاية القادمة، بالإضافة إلى ذلك، انتخب الجمع العام مندوبات ومندوبي المؤتمر الوطني العاشر الذي تنطلق أشغاله يوم الجمعة المقبل.
> محمد توفيق أمزيان