بعد إغلاق الأحياء الجامعية والداخليات: من ينصف الضحايا؟

لا أحد يعارض قرارات الحكومة الصائبة في مواجهة فيروس كوفيد 19، ولا أحد برفض أن تتخذ وزارة التربية الوطنية، الإجراءات الاحترازية اللازمة للتصدي لهذا الفيروس القاتل والمتحور. بما فيها قرار سلك الأبواب الموصدة لمراكز العمومية لإيواء الطلبة والتلاميذ ( الأحياء الجامعية والداخليات ودور الطالب والطالبة). تجنبا لتفشي الوباء. لكن ما لم تستسغه الأسر ومعها الأبناء من طلبة وتلامذة. هو أن قرار المنع لم يشمل الأحياء الجامعية الحرة. وأن الوزارة الوصية ومعها الحكومة، لم تهتم ضحايا بالإغلاق (نزلاء تلك المراكز العمومية). طلبة وتلاميذ كتبت عليهم معاناة مجانية وهدر للزمن والجهد والمال. و أسر فقيرة فرضت عليها مصاريف مالية إضافية لتغطية مصاريف التنقل اليومي (لانافيط) لأبنائهم، أو التغذية والسكن في غرف للكراء. تلك الأسر التي رفعت الراية البيضاء، وبات شبح الانقطاع والهدر المدرسي يهدد أبنائها. و السبب قطعا ليس هو إغلاق تلك المراكز. ولكن في النمط التعليمي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار الظروف الحالية لهذه الفئة من الطلبة والتلاميذ نزلاء مراكز الإيواء. هؤلاء الذين احتضنتهم الدولة وتكفلت بهم، بسبب فقرهم وبعدهم عن مؤسسات التربية والتكوين، وهشاشة مستويات عيش أسرهم.
بقطاع التعليم المدرسي، تم اعتماد نمط مغربي صرف (التعليم بالتناوب)، زاوج بين ما سمته الوزارة الوصية بالتعليم النصف حضوري والتعلم الذاتي. ومشكلة هذه الفئة من نزلاء مراكز الإيواء بالداخليات ودور الطالب والطالبة، أنهم لا هم حضروا لتلقي دروس تلك الحصص القليلة. ولا هم وجدوا سبيلا لتطبيق ما أسمته الوزارة ب (التعلم الذاتي). أما بقطاع التعليم العالي، فكل منسق شعبة أو عميد كلية أو مدير مدرسة أو معهد، يبرمج الدروس بعضها أو كلها حضورية،على هواه، ضاربا عرض الحائط ما يترتب عن ذلك من معاناة للطلبة المنحدرين من أسر فقيرة، والذين يتنقلون من عدة مدن وقرى لحضور تلك الحصص أو (أنصاف الحصص).
ألم يكن من الصواب، اعتماد نمط تعليمي مدرسي وجامعي يراعي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للطلبة والتلاميذ المعنيين بمراكز الإيواء ؟. سواء باتخاذ قرار فتح المراكز، واستقبال النزلاء وفق الإجراءات الاحترازية اللازمة. واعتماد الإيواء المخفف بالتناوب الموافق للتعليم بالتناوب. أو تمكين النزلاء من ظروف وآليات التعلم عن بعد وتجنيبهم معاناة التنقل أو البحث عن غرف للإيواء. ألم يكن من الصواب صرف الميزانيات المخصصة للأحياء الجامعية والداخليات ودور الطالب، على شكل منح مالية لدعم الطلبة والتلاميذ المعنيين؟. فتلك أموالهم التي كانت ستصرف لإيوائهم. ومن حقهم الاستفادة من أجل ضمان أماكن أخرى للإيواء أو التنقل اليومي للاستفادة من التعليم الحضوري.
وإذا كانت أزمة إيواء التلاميذ داخل قطاع التعليم المدرسي (الابتدائي والثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي)، بدأت تخف. بسبب انخراط مجموعة من الجماعات الترابية والمجالس الإقليمية والجهوية في مبادرة اقتناء حافلات النقل المدرسي. وتوسيع دائرة التلاميذ المستفيدين من التنقل اليوم ما بين منازلهم ومدارسهم التعليمية. فإن أزمة إيواء الطلبة الجامعيين لازالت مستمرة مع ثلاثي(النقل والسكن والتغذية)، في  ظل ضعف وعشوائية النقل الحضري، وغياب نقل جامعي، وفي ظل  تدهور الحياة الطلابية بسبب إغلاق الأحياء الجامعية. حاجة الطلبة والطلبات إلى فتح أحياء جامعية، و دور للطلبة والطالبات، وتوسيع طاقاتها الاستيعابية، هي أمور بإمكان إدارات الجامعات أن تبادر إلى تحقيقها، إما باعتماد ما لديها من تمويل وزاري سنوي أو مداخيل، أو في إطار شراكات مع عدة قطاعات عمومية وجماعات محلية وإقليمية وجهوية.
 فمتى نحقق نموذجا تنمويا جديدا للتكوين الجامعي ببرامج ومناهج تعليمية وتكوينات توازي سوق الشغل، ومشاريع ملموسة ومنعشة على أرض الواقع ؟ ومتى ستصب إدارات الجامعات بوصلتها نحو أولويات وحاجيات الطلبة والطالبات. وتدرك أن الاستقرار الجسدي والنفسي هو الكفيل بإنجاح العملية التعليمية التعلمية. والاستقرار هو الذي يوفر لهم الأجواء السانحة للحصول على حسن انتباههم، وضمان متابعتهم لكل الدروس والتكوينات. وتحفيزهم على الاجتهاد والعطاء. وطبعا نستطيع أن نستفيد من طاقاتهم واجتهاداتهم.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top